درس سعودي…!

الناظر إلى الأوامر الملكية التي أصدرها العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس الأول “السبت”، سيجد أنها جاءت حاوية لنموذج ومثال حي في محاسبة الوزراء المقصرين أو المتورِّطين في عمليات الفساد المالي والإداري. فقد أنهى الملك خدمات وزير الخدمة المدنية السعودي خالد العرج، بل وأحاله إلى المحاسبة، بعدما شاع أنه قام بتوظيف ابنه بطريقة لم تراع الضوابط الرسمية للتوظيف..!

وبحسب الخبر المبذول في الوسائط الإعلامية، فقد تناهى إلى علم العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أن تقرير الهيئة السعودية لمكافحة الفساد، أثبت استخدام الوزير خالد العرج، لسلطاته في توظيف ابنه براتب قدره 21600 ريال سعودي، فما كان منه – أي الملك ? إلا أن قام بإبعاد الوزير، وتحويله الى المحاسبة والمساءلة، دون أن تأخذه به أدنى رأفة.

وظني أن ذلك عين ما نحتاجه هنا، حتى نضع حداً لنماذج المرأة المخزومية التي انتشرت كثيراً في السودان، للدرجة التي أضحى معها من العسير أن ترى أحد الوزراء مخفوراً أو مُساقاً إلى لجان التحقيق والمحاسبة والمحاكمة. حتى في ظل الحديث المكرور الذي يردد سنوياً في تقارير المراجع العام عن حالات الفساد المالي والإداري..!

المحزن في القصة كلها، أن التجاوز الذي وقع فيه الوزير السعودي، وبسببه فقد منصبه، وقاده الى طائلة المحاسبة، يحدث عندنا بصورة كبيرة جداً..! ويكفي هنا أن نشير إلى أن بعض وسائل الإعلام السودانية كشفت عن تجاوز مالي وإدراي في احدى الوزارات، تورّط فيه الوزير ? شخصياً ? بعدما سكت على مشاركة ابنه في فعالية خارجية تخص وزارته. وهو الخبر الذي لم نر أو نسمع له نفياً أو تعقيبًا من الوزارة المعنية، بينما يتمرّغ ابن السيد الوزير في نعيم الرحلة الخارجية وفي نثرياتها الدولارية.

طبعا، هذه الواقعة أوردناها بعامل الجِدة والحداثة، وليس بعامل الندرة، ذلك أنها تعتبر آخر المخالفات الإدراية التي كشفت عنها وسائل الإعلام. أما إذا جئنا نبحث عن التجاوزات في توظيف الأقارب من الدرجة الأولى، فهي منتشرة، بحيث أوشكت أن تكون إحدى أبرز أدواء الجهاز التنفيذي، بل والتشريعي في السودان..! فكثيراً ما رأينا ابن السيد الوزير اسماً لامعاً في وزارة والدته، وأحياناً نرى ابنته أو صهره أيضاً. وكل ذلك بعدما شرعنت الإنقاذ لسياسة التمكين التي انتهجتها لمكافأة منسوبيها، وإقصاء منسوبي التنظيمات السياسية الأخرى.

طبعا، لن أتورط في تعداد وحساب الحالات التي تورّط فيها الوزراء والمسؤولون في توظيف وتعيين أقاربهم.. نعم لن أفعل ذلك، ليس رهبة، وإنما لأنه أمر شاق يصعُب حصره وتعداده، لجهة أن محاباة الأقارب جرثومة لم تسلم منها غالبية المؤسسات الحكومية، إلا اذا تذاكي الوزير أو المسؤول وقام بعمليات مقايضة للوظائف مع وزير أو مسؤول آخر. وهذا سلوك شائع بحيث يتبادل المسؤولون المنافع بتعيين كل منهم لأقرباء ومعارف الآخر، في إطار ذر الرماد على عيون مفتشي المراجعة العامة، الذين يدهمون سكون المؤسسات، بحثا عن التجاوزات المالية والإدارية..!

ولكن الجالب للضجر، أن تلك التقارير تظل مجرد حبر على ورق، ذلك أنها لا تجد أدنى اهتمام من الجهات المنوط بها محاسبة المسؤولين..! وذاك ما يجعل كثيرين يقولون، إنه إذا رأيتم تقارير المراجع العام مهملة، أو يُستهزأ بها، فاعلموا أن دائرة الشبهات أوسع ممن تظنون، بحيث تطال الكبير والصغير معاً..!

الصيحة

تعليق واحد

  1. الجديد في الموضوع دة يا الجلال أن الشغل في السودان ذاتو صار عديم الفائدة ولذلك يسعى الوزراء النافذين إستخدام علاقاتهم مع دول الخليج لتوظيف أبناءهم هناك بمرتبات خيالية مثلما فعل مصطفى عثمان إسماعيل بتوظيف إبنه خريج البترول في شركة قطر للبترول في قطاع محصور للقطريين فقط

  2. لا اجد تفسيرا لكون المواطن السوداني في درجة عالية من النزاهة على الاقل في الخارج و الفساد الحكومي عندنا لا يخطئه الاعمى , سوى قولهم : من أمن العقوبة اساء الادب.

  3. الجديد في الموضوع دة يا الجلال أن الشغل في السودان ذاتو صار عديم الفائدة ولذلك يسعى الوزراء النافذين إستخدام علاقاتهم مع دول الخليج لتوظيف أبناءهم هناك بمرتبات خيالية مثلما فعل مصطفى عثمان إسماعيل بتوظيف إبنه خريج البترول في شركة قطر للبترول في قطاع محصور للقطريين فقط

  4. لا اجد تفسيرا لكون المواطن السوداني في درجة عالية من النزاهة على الاقل في الخارج و الفساد الحكومي عندنا لا يخطئه الاعمى , سوى قولهم : من أمن العقوبة اساء الادب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..