مقالات وآراء سياسية

حراك متماسك ومدعوم ، يساوي هزيمة حتمية لمحاولات التعويم !!

د. أحمد عثمان عمر

بخطى واثقة وإيمان بحتمية النصر ، مشت مليونية الحادي و الثلاثين من اغسطس ٢٠٢٢م نحو شارع المطار ، من اجل المفقودين و المخفيين قسريا ، وضد اللجنة الامنية وحكومة انقلابها المكرسة لدولة التمكين والمدافعة عن الطفيليين. شعاراتها الاساسية المتعلقة بالحرية والعدالة والسلام لم تتغير ، ولاءاتها الثلاث المتمثلة في لا تفاوض و لا شراكة و لا شرعية لم تتبدل ، تقف شامخة لمنع المساومة وفرض التسوية لإقالة عثرة الإنقلاب الفاشل والمهزوم.
لم يجد الانقلابيون وسيلة جديدة لمواجهة الحراك ، فواصلوا استخدام القمع والعنف المفرط والاشتباك مع طلائع الجماهير ، في إقرار واضح بالفشل في احتواء هذا الحراك العظيم بعد الفشل في تصفيته.
والفشل يتمثل الآن في فشل مبادرة الجد التي تعتبر مذكرة شارحة وأداة تنفيذية لخطاب برهان في تعويم الانقلاب ، ومحاولة تعويمها هي الاخرى بمناورة جديدة مدعومة إقليميا ، بترقيعها عبر ضمها الى مبادرة اديب ، وإشراك الحزب الاتحادي الأصل وحزب الامة بها، مع بعض قوى الجبهة الثورية ومن يقبل بالانضمام الى هذا المعسكر المهزوم برغم وجوده في السلطة !! فشل مبادرة الجد يتضح من مفردات مشروع التعويم الجديد ، الذي بدلاً من خلق مجلس أعلى للقوات المسلحة تحال له السلطة الفعلية كما كان مخططا لإستصحاب قوى الحرية والتغيير في شكل حكومة او سلطة تنفيذية تعمل كواجهة لسلطة اللجنة الامنية الفعلية ، يرمي لتثبيت زعيم العصابة ومجلس سيادته الانقلابي في السلطة وتوسيع سلطته.
وهزيمة هذه المحاولة الجديدة المؤكدة ، تتمثل في أنها لم تتمكن من استقطاب حتى قوى معسكر الانقلاب كلها والقوى القريبة منها كذلك. فقيادة الجنجويد الرافضة لمبادرة الجد ، لم يتم النجاح في اقناعها بالانضمام لهذه المناورة الجديدة التي تعترف بفشل تلك المبادرة ، وحتى المؤتمر الشعبي تأبى ورفض هذه المناورة لوضوح أنها محاولة تعويم لمبادرة غرقت في فشل مزمن. والاسوأ من ذلك ، ان هذه المناورة ، شرط نجاحها النسبي ، يستلزم تكاملها مع خطوات التيار التسووي ، وهذا أمر مستحيل. لأن مفرداتها تستلزم العودة إلى دستور الانقاذ لإحتكار السلطة ، في حين أن خطوات التيار التسووي تسعى إلى خلق شراكة ، عبر إنتاج دستور انتقالي منقح بتدخل دولي ، يبدأ شكليا من مطالب الجماهير للتضليل و المساومة، ليصل إلى شراكة جديدة.
لذلك المناورة الماثلة في أحسن صورها ، هي حشد لقوى التمكين وتوابعها ، لرفع قدرتها التفاوضية أيضاً ، أكثر منها عملية لخلق حاضنة سياسية قادرة فعلا على جلب الاستقرار للسلطة الانقلابية.
هذا الحراك السلطوي المحموم، المتمثل في المبادرات التعويمية المتكررة التي تحاول إعادة تنشيط مشروع الهبوط الناعم لفرض التسوية ، عبر نشاطات تتناقض احيانا من حيث المظهر و تتكامل من حيث الجوهر ، هذا الحراك مصيره الفشل الحتمي. لأنه ببساطة يسقط الحراك الجماهيري الفاعل من حساباته، ويتناسى ان شارع المليونيات متماسك وفاعل ، وان حراكه بدأت بشائر دعمه بإنتخابات نقابة الصحفيين، التي تشكل فاتحة لإنتخابات نقابات حرة ، قائمة على أساس فئوي بإرادة قواعدها وجمعياتها العمومية ، رغم انف قانون النقابات الإنقاذي وبالصدام المباشر معه و مع اللجنة الامنية الحاكمة. مثل هذا الحراك الذي يكرس شعار ان الثورة نقابة و لجنة حي ، لا يمكن هزيمته ومصيره الاوحد هو الانتصار ، عبر تراكم يقود إلى اضراب عام وعصيان مدني.
وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!! .
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..