أجبن الأنظمة وأشجع الشعوب

– من الاستنتاجات المفرطة في الخطأ والسذاجة أن شعوب وجماهير جمهورية السودان الحالية جبانة وكسولة لأنها لم تنجز تغييرها السياسي المنشود مع شدة احتياجها إليه في حين أنجزت شعوب أخرى في القارة والإقليم فجرا ناصعا بطرق مقاومة سلمية أو غيرها.
– هذا الاستنتاج الفطير ينبني على مقدمات لا تطابق الواقع ولدينا هنا 7 مقاييس تبين خطل القائلين به والبانين عليه هي المقياس التاريخي، نسبة انفاق النظام الديكتاتوري على أجهزته الأمنية والبوليسية القمعية، المساندة الإعلامية الإقليمية والدولية، طبيعة النظام والمجموعة الحاكمة الخاصة والمعقدة
– تاريخيا عرف الشعب السوداني بانه من اشجع الشعوب على الإطلاق على مر التاريخ وهو الوحيد تقريبا ضمن حدود عالم ذلك الزمان الذي لم يحتله الاسكندر المقدوني ولم تدخله الديانة المسيحية ولا حتى الإسلامية غزوا. والغزو الذي نجح في احتلال السودان خلال ال200 سنة الأخيرة (بواسطة قوات محمد علي باشا ) كان أحد أهم أهدافه الحصول على محاربين سودانيين أشداء لاستخدامهم في اخضاع مناطق وبلدان أخرى (فتأمل) أما الاحتلال الآخر بواسطة الانجليز فقد استخدمت لانجازه فرق بأكملها من الجنود السودانيين !!! ولم يهنأ اتباع محمد علي ولا الانجليز باحتلال آمن ومطمئن للسودانيين ولم تتوقف المقاومة ولا الاحتجاج في العهدين أبدا حتى تم الإجلاء مرتين وبعد الاستقلال في 1956 كان الشعب السوداني من أكثر شعوب المنطقة رفضا لصيغ الشموليات العسكرية التي فرضتها عليه النخب بتعقيدات أزماتها وأنجز انتفاضتين سلميتين باهرتين تاكيدا على رفضه المطلق لكل أشكال القمع والإذلال من أي جهة جاءت.
– لا يمكن أن يتحول هذا الثابت التاريخي من تفوق جسارة السودانيين وشجاعتهم وإبائهم على غيرهم إلى ضده الكمي والكيفي؛ تفوق جبن السودانيين وكسلهم وسلبيتهم على غيرهم. إذن هنالك ? ولابد ? عوامل أخرى قادت إلى هذا الواقع الذي استنتج منه الواهمون أوهامهم
– علينا ? موضوعيا ومنطقيا ? أن نضع في اعتبارنا وحساباتنا النسبة المئوية للانفاق على “قمع المواطنين” من الموازنة العامة لأي بلد قبل أن نحكم على الشعب السوداني بانه جبان لانه لم يسقط البشير: كم كان ينفق مبارك من ميزانية الدولة على قمع الاحتجاجات؟ وكم كان يفعل بن علي أو حتى صالح والاسد والقذافي؟ قد لا يصدق المتابعون للشأن من غير السودانيين أن البشير ينفق سنويا على أجهزته ومليشياته (التي لا تخوض إلا حروبها “المقدسة” ضد كل ما هو ومن سوداني “يعترض” على وجود البشير ونظامه في الحكم) حوالي 70% من موازنة الدولة التي ظلت “بترودولارية” حينا من الدهر لم يكن شيئا مذكورا، وأن هذه الأجهزة والمليشيات (الإرهابية بكل المقاييس) استفادت أيضا وبسخاء شديد من أموال رصدتها جهات دولية وإقليمية لمكافحة الإرهاب (فتأمل) وكل هذه الأرقام والمعلومات موثقة وموجودة في مظانها الرسمية وشبه الرسمية ولم نزعمها نحن على الإطلاق. فكيف يستغرب الناس أن يتأخر قليلا فجر السودانيين السلمي العادل الوهاج؟
– علينا أيضا أن نتذكر كيف اسهمت قنوات فضائية اقليمية مثل قناة الجزيرة بباطلها وبحقها في دعم ثورات وانتفاضات الربيع العربي بغض النظر عن النوايا غير الحميدة التي كانت وراء هذا الدعم والتي تكشفت فيما بعد ، وكيف ظلت هذه القناة في حرب ضروس ضد اي تطلع عادل مشروع للسودانيين لاسقاط النظام العربي الاسوأ على الإطلاق في الفساد والإقصاء وقتل مواطنيه. لقد مني السودانيون بمجاعة إعلامية محليا وبتعتيم اعلامي غير مبرر على احتجاجاتهم دوليا واقليميا ومع ذلك لم يتوقفوا لحظة طوال السنوات الاربع المنصرمة التي شهدت ثورات واحتجاجات الربيع العربي عن الرفض والمقاومة بكل السبل الممكنة
– ومن لم يتوقف عن المقاومة لا يمكن ان يوصف بانه جبان على الاطلاق
– وكما أن الشعوب السودانية ظلت تبرهن دوما أنها هي الأكثر شجاعة ظل نظام البشير يثبت المثبت دوما على أنه الأشد جبنا
– ولنا عودة

فتحي البحيري
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أرجو يا سادتي قراءة هذه الجملة نقلا” عن كاتب المقال: ( تأريخيا” عرف الشعب السوداني بأنه من اشجع الشعوب على الاطلاق وعلى مر التأريخ )؟؟؟ وا حر قلباه،،، ان هذه هي النرجسية والتكبر والغرور الساذج الذي رمى بنا في مؤخرة خلق الله !!
    أخي فتحي : أرجو أن تعيد قراءة كلامك هذا وتحدثنا عن المعايير التي وصلت بها لهذا الفتح العظيم والمراجع التي تحوي الشهادات الصادرة من الشعوب الأخرى التي تعترف لنا بهذا الفضل : هل هي ثقافة ( النار ولعت بي كفي بطفيها ؟) أم أن هنالك جديد ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..