أخبار السودان

السودان وإثيوبيا نظامان مأزومان ينفسان في حرب حدودية

يطرح تجدد القتال على الحدود بين الجيشين السوداني والإثيوبي بينما يعيش البلدان أزمات سياسية داخلية تساؤلات بشأن إن كانت الاشتباكات إلهاء للداخل المحتقن أم لمآرب أخرى.

وأدى الاثنين رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان زيارة إلى منطقة الفشقة الحدودية بعد المعارك العنيفة مع القوات الإثيوبية والتي أسفرت عن مقتل واحد وعشرين من القوات السودانية وجرح ما لا يقل عن ثلاثين آخرين.

وقال البرهان من على الحدود “الفشقة أرضٍ سودانية خالصة، ونتعهد بعدم التفريط في أي شبر من أرض السودان».

وتأتي الاشتباكات الجديدة في وقت يشهد فيه البلدان أزمات داخلية مستفحلة تهدد بشكل كامل وجود نظامي الحكم فيهما.

وفي السودان تتواصل احتجاجات شعبية حاشدة رافضة لاتفاق سياسي جرى توقيعه في الحادي والعشرين من نوفمبر الجاري بين قائد الجيش ورئيس الحكومة الانتقالية عبدالله حمدوك، إذ تتهم قوى سياسية وفعاليات شعبية البرهان بالانقلاب والاستيلاء على السلطة، وهو ما ينفيه.

وفي إثيوبيا تواجه السلطات تقدم قوات جبهة تحرير شعب تيغراي وحلفائها نحو العاصمة أديس أبابا محققة انتصارات كبيرة.

وصباح الأحد أعلن الجيش السوداني مقتل 6 من عناصره في منطقة الفشقة على الحدود مع إثيوبيا جراء ما قال إنه هجوم نفذته السبت قوات من الجيش وميليشيات إثيوبية.

ونفت إثيوبيا أن تكون شنت هجوما في نهاية الأسبوع عند حدودها مع السودان، وحمّلت المسؤولية في النزاع الحدودي لمتمردين من منطقة تيغراي التي تشهد حربا. وقال الناطق باسم الحكومة الإثيوبية ليغيسي تولو إن “مجموعة كبيرة من المتمردين وقطاع الطرق والإرهابيين دخلوا من السودان”. وبثت هيئة الإذاعة الإثيوبية تصريحاته دون أي أدلة على ذلك.

وتبلغ مساحة الفشقة نحو مليوني فدان، وتمتد لمسافة 168 كيلومترا مع الحدود الإثيوبية من مجمل المسافة الحدودية لولاية القضارف السودانية مع إثيوبيا والبالغة حوالي 265 كيلومترا.

وفي ديسمبر الماضي فرض الجيش السوداني سيطرته على أراضي الفشقة بعد أن استولت عليها لمدة ربع قرن “عصابات إثيوبية” بحسب الخرطوم، بينما تتهم أديس أبابا السودان بالسيطرة على أراضٍ إثيوبية، وهو ما ينفيه الأخير.

ويرى خبراء أن عودة الاشتباكات الحدودية في بلدين مثخنين بالجراح داخليا يستهدف إلهاء الشعبين وصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية عبر التركيز على “العدو الخارجي”.

وقال اللواء السوداني المتقاعد أمين إسماعيل مجذوب إن “ما حدث من القوات الإثيوبية في منطقة الفشقة السودانية هو محاولة لإدارة أزمة بأزمة وإشغال الشعب الإثيوبي والقوات التي تسعى لمحاصرة أديس أبابا”.

وأضاف مجذوب “هي محاولة لتشتيت جهود قوات تيغراي وحلفائها، والتي تعمل على إسقاط النظام الحاكم في إثيوبيا”.

واندلعت اشتباكات بين الجيش الإثيوبي وجبهة تيغراي في الرابع من نوفمبر 2020، بعدما دخلت القوات الحكومية الإقليم ردا على ما قالت إنه هجوم استهدف قاعدة للجيش. ومؤخرا اشتد القتال بين الجانبين.

وقال المحلل السياسي السوداني وليد النور زكريا إن “الاشتباكات المتكررة في الفشقة تعود إلى طبيعة الصراع على هذه الأرض الزراعية، والشعب السوداني متفهم لذلك ويقف مع جيشه”.

وأضاف زكريا “أما أن تحاول السلطات السودانية كسب تعاطف الشارع للالتفاف حولها عبر عدو خارجي للهروب من أزمتها الداخلية، فذلك لن يجدي نفعا”.

وتابع “ما يحدث في الفشقة لن يؤثر على حراك الشارع الرافض للانقلاب والاتفاق السياسي، وسيمضي في طريقه لإسقاط النظام”.

وهذا الاتفاق جرى توقيعه في الحادي والعشرين من نوفمبر الجاري، ويتضمن أربعة عشر بندا أبرزها عودة رئيس الحكومة الانتقالية عبدالله حمدوك إلى منصبه بعد نحو شهر من عزله، وتشكيل حكومة كفاءات (بدون انتماءات حزبية)، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل على استكمال المسار الديمقراطي.

ويحاول هذا الاتفاق معالجة أزمة حادة اندلعت في السودان يوم الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي حين أعلن قائد الجيش حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، ما أثار رفضا من قوى سياسية واحتجاجات شعبية مستمرة تعتبر ما حدث “انقلابا عسكريا”.

ومقابل ترحيب دول ومنظمات إقليمية ودولية باتفاق البرهان وحمدوك، أعلن وزراء معزولون وائتلافات وأحزاب سياسية وفعاليات شعبية في السودان رفضهم له، معتبرين أنه “محاولة لشرعنة الانقلاب” و”الحيلولة دون قيام الدولة المدنية الديمقراطية”.

والاثنين قال رئيس حزب سوداني منضو تحت ائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير إن الائتلاف سيقاوم الاتفاق السياسي بين رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء، داعيا إلى المشاركة في تظاهرات جماهيرية الثلاثاء.

وأضاف رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدغير “موقفنا مما حدث في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي هو أنه انقلاب قطع الطريق أمام التحول الديمقراطي والخط الوحيد هو مقاومته إلى أن نشيعه إلى مثواه الأخير في مزبلة التاريخ”.

العرب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..