رقدت بسلام الحدبانية بت احمد ود ابوفلج – سليلة الكواهلة !!!


( اتكاء واستدان لقراء الراكوبة بطلب قراءة الفاتحة على روح امنا الفقيدة)
——————
حليمة بت احمد ود أمحمد ود الخضر (الحدبانية) امراة من غمار الناس جاءت الى الدنيا بيقين الصادقين ، وكرم العارفين، ونخوة وشهامة الصناديد من الرجال .
عاشت باخلاق الصبر في ارض قاسية ، كالحة تعوزها حتى مياة الشرب ترنو عطايا السماء عند كل خريف ، على الرغم من قربها من امتداد مشروع الجزيرة وتخوم بحر ابيض.
زرقها الله بولدين وبنتين ، اراد الله ان يمتحن صبرها في ولديها فاخذ روحهما في زمن باكر وجغرافيا يعز فيها الولد (الضكر) عرفاً وعادة .
فتجلدت بالصبر إيمانًا واحتسابا ولم تقل (ربي اني مسحني الضر) .
كبت على بنتيها مع رفيق دربها وانيس حزنها بخيت محمد سليمان معلا حتى فارق الدنيا عند مطلع الثمانينات ، وقد كان رجلًا صبوحا وميسور الحال وسيع البال وصادق المقال ولا يحب القيلة والقال .
كانت الحدبانية امراة عاملة تحب الزرع والضرع وتسعى بخيراتهما بين اهلها و (الحبان) من عشيرتها .
لم تاسو على فراق ولديها رغم حوجتها للولد ، ولم تخرج عن رضا الله بعميق الحزن عليهما .
كانت ذاكرة عابدة !!
كثيرة الدعاء !!
—————-
ربي ان عذبتني
اياني حق العذاب والندم
وان عفوتني
إياك حق الجود والكرم
كنا صغارًا عندها
وكانت كبيرة عندنا
نسترق السمع الى دعواتها العميقة عند مطلع كل فجر عندما تبدأ افتتاحية يومها باداء فرضها وفرائضها وتمتد بها فضيلة الدعاء حتى توسدها لنار (منقد) عمرت اشتعالها بعيدان حطب (اللعوت) الذي تحتطبه عقب كل حالة رواح ومرواح من (بلادها) المترامية المساحة والشاسعة البركات .
ومن تحت الأغطية التي تجلبها لنا عندما يسرقنا من حلاوة انسها النعاس الداهم .
كانت الادعية عندها بسيطة وسهلة ولكنها عميقة وصادقة حتى تجعل سامعها في درجة اليقين بان الله لن يؤخر عن الحدبانية ساعة فرج .
———
أية الكرسي فوقنا تدور
الزريبة الله والسداده الرسول
يا سيد الرباح
يالفتحت الصباح
بدون مفتاح ،،
(تدي )!!
جمال ود ( فاطنه)
و ابوعاقلة ود (بخيتة)
ثم تمتد فضيلة الدعاء
لتشمل جميع اولاد بناتها واحدا تلو الاخر
طالبة لهم وفير النعم وصحة اجسادهم من السقم .
ولان الصلاح يمد عبقريته من اشاعة الخير المتوارث من شيم الكرام مصداقًا لقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :
( الخير في وفي امتي الى يوم القيامة) فقد كانت (الحدبانية) عنوانًا ساطعًا له ومكانًا دافئا لزرع لقمة في بطن جائع تقطعت به سبل الطريق ودارًا مطمئنة تهب جرعة الماء الغالية لنجدة روح كاد ان يزهقها العطش المشاع في باديتها بل كانت الملجأ الاخير لحفظ اجساد من قتلهم العطش من الكلاب الضالة بارشادها على جثثهم والتبليغ بوفاتهم لجهات الاختصاص في زمن تقاصر فيه الرجال مخافة (جرجرة) الاجراءات الشرطية .
حبها للخير عبد لها طريقًا كريمًا في نفوس اهلها وجيرانها ومن جاء بهم الطريق فأصبحت علما يتهادى اليه الناس ، وسيرة تمجد عزمها الركبان
كانت الصالحة حليمة بت احمد امة من الناس تهب العفة والعفاف ، والزاد على عزته وشحه انذاك ، وتروي العطشان في بلد يقاس فيه الماء بمقدار مشقة جلبه من اقاصي الدنيا على ظهر دواب محسوبة العدد .
عاشت ببلد تحبه ويحبها رغم انعدام ابسط مقومات الحياة به ، رافضة ان تفارق (بلادها) وميعاد الخريف الذي يمنحها مزيدًا من الحب لزرعها وضرع ( شياهها) .
ولانها متعافية النفس من حسد ، وسليمة الجسد من سحت فقد عافا الله بدنها من اسقام الحياة وامراض الدهر ، فكانت بعيدة عن (حقن) الاطباء حتى نالت من جسدها الطاهر اول (حقنة) عند عزمها الحج لبيت الله الحرام عن عمر تجاوز ال (86) عاما ، حيث تم منحها (حقنة التطعيم) لتكون اول حقنة نالتها على مضض .
عاشت الحدبانية بقية حياتها بكامل صلاحها وحبل رجائها المتصل دومًا بالمولى عز وجل عبر دعوات الفجر الصادق دبر كل صلاة !! .
ربي ان عذبتني
إياني حق العذاب والندم
وان عفوتني
إياك حق الجود والكرم
لتختتم دعاءها أخيرًا
ياربي لا تجعل باقي حياتي
وعافيتي في زول
يا ربي تاخدني
من القوة الى الهوة
حتى توفاها الله في فجر يوم 27 نوفمبر من هذا العام ، وكان لسانها يلج بالثناء والدعاء حتى نالت شهادتها بلسانها معلنة لنا وللناس جميعا تركها الفانية عند الاجل المحتوم عن عمر تجاوز المائة عام ونيف .
اللهم انها كانت خير عبادك الصالحين فاجل لها مستقر في عليين ، فقد طلبت لقاءك فاجرها برحمتك بما يفوق سماحتها في الدنيا !! .
