القضاء السوداني … الاستقلال والاستغلال

ان المبدأ القائل القضاء الزراع الثالث للدستور ، التي يجب فصلها كليا عن السلطتين التشريعيه والتنفيذيه يستند على اسس اصلب وامتن من الفصل التحكمي بين السلطتين التشريعيه والتنفيذيه ، وفي هذا الصدد يمكن الاشاره الي مبدأين لكل منهما وزنه ،فهناك اولا مسألة استقلال القضاء واستغلاله ، فاذا ما اريد للقوانين ان تفسر بعدل وتطبق بنزاهه فإن من الواجب ان يتمتع القضاء بوضع مستقل ، وان يكون متحررا من الضغوط السياسيه التي تتولد من ارتباطه اما بالسلطه التنفيذيه او حتي بالسلطه التشريعيه نفسها ، حيث من المحتمل ان تكون هذه الاخيره خاضعه للانقسامات الناجمه عن السياسات الحزبيه.
ولكن حيث ان القاضي لابد وان يعين من قبل شخص ما او هيئه ، فإن هذا يعني عمليا انه إما ان تعينه الحكومه او احد اعضاء الحكومه كرئيس الدوله او رئيس الوزراء او رئيس القضاء كما في بريطانيا او وزير العدل كما في دول عديده ، فكيف يمكن ان يكون القاضي مستقلا او ان يطالب بالمحافظه علي استقلاله ، طالما ان التعيين يتم علي يد السياسيين ؟ لقد دلت التجربه علي ان هناك وسائل للتغلب علي هذه الصعوبات ، مع ان هذه الوسائل لم يثبت نجاحها. وهناك عامل مهم جدا وهو تطور تقليد عرف قوي لصالح تجاهل الاعتبارات السياسيه عند تعيين القضاة ، وتطور هذا التقليد في بريطانيا وان كان قد تعزز مؤخرا فقط ، وما تزال الروابط القويه بين القانون والقضاء من جانب والسياسه من جانب اخر ، مثل الدور المزدوج لرئيس القضاء كسياسي معين ( لم يتم انتخابه) ، وكرئيس للقضاء ، وفي الولايات المتحده حيث يعين الرئيس قضاة المحكمه الاتحاديه بشرط موافقة مجلس الشيوخ ،فإنه ليس من السهل التخلص من الاعتبارات السياسيه ، خاصه حين ناخذ بعين الاعتبار اهميه هذا المنصب حتي في الدول التى تسود فيها الدكتاتوريه المطلقه ( حزب او دكتاتوريه شخصيه) ودوره الشبه سياسي الذي ورثته المحكمه العليا باعتبارها الحارس والمفسر للدستور الذي يحكم العمليه السياسيه او يفترض انه يحكمها ، يضاف الي ذلك ان كثير من الدول تلجأ الي انتخاب القضاة بدل تعيينهم ، كما هو الحال في انتخاب السياسيين.
ولئن دلت التجربه على انه من الصعب تجنب زحف العنصر السياسي في تعيين القضاة وترقيتهم ، الا ان الديمقراطيه واستقرارها وسيادة حكم القانون والعمل السياسي الطبيعي الخال من الاستقطاب الحاد والسلام واستقراره ووعي المجتمعات ، هي اسلحه قويه تدعم استقلال القضاء.
اما البريطانيون فقد ابتكروا مبدأ يجوز للقاضي البقاء في منصبه مدي الحياه او إحالته للتقاعد ،وعدم جواز إقصائه بإجراء من السلطه التنفيذيه ،وقد برهنت التجربه على ان هذا اقوي سلاح للحفاظ علي إستقلال القضاء.
فإذا كان القضاة يبنون طموحاتهم علي السياسيين فإنهم سيكونون حريصين على إرضاءهم ، حتي لا يفسدوا فرصة ترقيتهم ، حتي ولو كانوا امنين وضامنين البقاء في مناصبهم.
عين الحقيقة أستاذ أيمن حولي يحب انتخاب القضاة حتى يتحرروا من الضغوطات السياسية للحفاظ علي مناصبهم لا سيما في دول العالم الثالث لأن مبدأ الفصل بين السلطات الذي نادى به فقهاء القانون لم يكن موجودا أصلا في ظل هذة الصراعات التي تنصب حول السلطة.
عين الحقيقة أستاذ أيمن حولي يحب انتخاب القضاة حتى يتحرروا من الضغوطات السياسية للحفاظ علي مناصبهم لا سيما في دول العالم الثالث لأن مبدأ الفصل بين السلطات الذي نادى به فقهاء القانون لم يكن موجودا أصلا في ظل هذة الصراعات التي تنصب حول السلطة.