تأثير الرياضة علي السياسة ?.سقراط نموذجا

جدلية السياسىي والرياضي ..مدخل لمبحث قد يكون شيقا وجميلا لمن يلج الي داخله سابرا غور هذه الجدلية التي تربط بين الاثنين،حيث ان السياسة والرياضة اعمال انسانية رائعة ،يكسبها روعة زائدة (شخصية المحور) فيهما ،حيث اما ان يكن ممتعا كما في حالة اللاعب سقراط لاعب منتخب البرازيل ،والذي اشتهر بانتمائه اليساري وهو قائدا لمنتخب بلاده مساهما في انهاء الدكتاتورية البرازيلية في 1985م وهو العام نفسه الذي انهي فيه الشعب السوداني عمر نظام دكتاتوري شبيه لما هو في البرازيل ،الاختيار لكرة القدم هو لشعبيتها الكبيرة واختيار سقراط هنا لشعبيته ودوره السياسي والكروي كاسطع نموزج حي علي قدرة الرياضة علي تحقيق احلام الشعوب في الحرية والديمقراطية والانعتاق من ربقة واثار الشمولية والدكتاتورية.

لعب سقراط مع منتخب البرازيل لكرة القدم.حيث فضل الاهتمام بدراسته أولا ونال شهادته في ( طب الأطفال) ثم تفرغ للكرة وهو في الرابعة والعشرين، واستطاع أن يثبت قدرة على النجاح في الرياضة كما في الدراسة، وبالفعل صار حالة خاصة في عالم الكرة الذي دخل اليه متأخراً إلا أنه لمع فيه ونجح بامتياز بفضل شخصيته وحكمته وفنياته وموهبته،كان سقراط يميل إلى إمتاع الجماهير بقدر رغبته في تحقيق الفوز، ولإنه رجل ذو مبدأ سياسي يساري ينحاز نحو الفقراء والكادحين فقد ضحى بمسيرته الاحترافية في الدوري الإيطالي، الذي وصل إليه عام 1984 مع نادي (فيورنتينا )، وذلك بسبب المقاييس المادية الطاغية وتفضيل الأندية للنتائج على حساب المتعة،وهذه هي واحدة من تمظهرات الروح التواقة للعدالة الاجتماعية والميل نحو بسطاء الناس الذين لا يملكون شيئا ،وفي هذا لم يفكر سقراط طويلا قبل أن يعود إدراجه إلى البرازيل ،وهناك وضع أمام امتحان آخر، كان سياسياً هذه المرة بسبب نظام الحكم الديكتاتوري في البلد، وكان اللاعب الوحيد الذي يبدي معارضته صراحة لما تعيشه بلاده من قهر وغياب للديموقراطية وقاد مسيرة (دمقرطة) نادي ( كورينثيانز ) البرازيلي الذي كان يلعب معه وقال : (بقيت في ميدان كرة القدم فقط من أجل الوزن السياسي، لمحاربة المجتمع القمعي الذي يقوده العسكر) وهي مقولة صريحة ونادرة في ذاك الوقت ،حيث ،لم يكن هناك من يستطيع الكلام بهذه الصراحة وعلى الملأ إلا (الفيلسوف) ابن أحد العلائلات البرازيلية المتوسطة من شمال البلاد، وكان هذا اللاعب العملاق (1.92 م) ذو الأرجل الطويلة، قادراً على فعل كل شيء فكان يفكر بتركيز في طرق اللعب وتنظيم الصفوف بشكل لا يضاهيه فيه أحد، وكذلك تسجيل الأهداف وتمكن من تسجيل 168 هدفاً في 302 مباراة خاضها مع نادي كورينثيانز خلال خمسة مواسم، وقاد ناديه إلى التربع على عرض الكرة في أمريكا الجنوبية. وكان سقراط أحد منظري المنتخب البرازيلي وبرز في صفوفه بقوة وأدى معه أفضل المباريات خلال مسيرته الرياضية التي دامت تسعة أعوام ، إيمان سقراط بالعمل السياسي ومساعيه لتحقيق العدالة الاجتماعية بالبرازيل وتفكيك الدكتاتورية لصالح الديمقراطية ، ففك كان متألقا في الملاعب ،ووثق لمسيرته الكروية والسياسية المخرج الإيطالي الكبير ميمو كالوبريستي، في فلم سنمائي كان عنوانه ?لاعب اليسار? يروي من خلاله قصة الأسطورة سقراط، وقدرته على الجمع بين خفة الرياضة وهدوء الطب وعنفوان السياسة، الفلم مقتبس عن كتاب يحمل نفس العنوان كان قد صدر منذ أيام، للمؤلف الإسباني كيكي بينادا، الذي سرد حياة رجل تمكن خلال حياته من علاج الأطفال وإمتاع جماهير كرة القدم، والمساهمة في صنع مجتمع حر ومستقل وديمقراطي ،ولفضل جهود سقراط مع ابناء وبنات شعبه اصبح الان بإمكان البرازيل، التي ذاقت ويلات الديكتاتورية لعقدين من الزمن، تحت سطوة نظام عسكري مستبد، أن تفخر اليوم بأنها أضحت واحدة من أكبر الديمقراطيات في أمريكا اللاتينية ،حيث كان اليساري سقراط يصارع حكومة الدكتاتورية العسكرية ممسكا بإنتمائه الثوري الشيوعي ضد نظام اتي للحكم عبر انقلاب ،في مارس 1964، بقيادة الجنرال كاستيلو برانكو، الذي أسقط الرئيس المنتخب للجمهورية البرازيلية جواو جولارت، ووضع نهاية للنظام الشرعي في البلاد ودشن لتأسيس الديكتاتورية العسكرية في هذا البلد الجنوب أمريكي .. انقلاب برره العسكر وقتئذ بوجود تهديدات شيوعية ،وخلال الفترة الممتدة من 1964 و1985، والتي تميزت بحكم ديكتاتوري صارم، اجتازت البرازيل واحدة من أحلك مراحل التاريخ المعاصر، فيها أسقط العسكر الرئيس المدني المنتخب، جواو جولارت، المعروف اختصارا ب?جانغو? الذي كان الجيش يعتبره المحرض على تحول محتمل للبرازيل نحو الشيوعية ، وبعد رحيل ?جانغو?، استولى الجيش على السلطة لمدة 21 عاما، وضعت البلاد خلالها في حالة الطوارئ. واعتمد الانقلابيون سياسة لا تعرف الرحمة ولا التساهل إزاء كل من لا يؤيدون أو يعارضون سياسة النظام العسكري. وقد أسالت هذه المرحلة الحالكة من تاريخ البرازيل الكثير من مداد الباحثين والمحللين والمؤرخين ، فيلسوف كرة القدم اتبع رأي عمل علي تنفيذه،وهو ( أن الرياضة هي البداية لتغيير الأحوال السيئة داخل بلاده البرازيل ). مارس السياسة داخل كرة القدم، بدأ بتطبيق الحرية والديمقراطية مع فريقه. أجري انتخابات بين لاعبي الفريق لاختيار الكابتن والمتحدث الرسمي باسمهم، توقيت التمارين ومعسكرات التدريب، وصل بهم الأمر لارتداء قمصان عليها ? شاركوا في انتخاب رئيس البلاد 1982 م ، الطبيب السابق قاد حملة لمحاربة العنصرية في ملاعب كرة القدم، رغم اختلافه مع بيليه الا أنه دعم وجوده كوزير للرياضة كأول رجل أسود يتولي أعلي منصب رياضي في تاريخ البرازيل. سقراط في قمة مجده أيام الثمانينات وبعد كأس العالم في ايطاليا 1982، سقراط ومع تفشي الظلم والديكتاتورية بالبرازيل، واجه النظام الشمولي وطالب مرة أخري باجراء انتخابات وتطبيق ديمقراطيات عادلة داخل البلاد، عندما أحس بعدم الاستماع لمطالبه، قام بخطوة أخري أكثر جرأة، قرر الرحيل عن البرازيل كاعتراض حقيقي ضد ظلم وقع علي شعب حر، غادر الي ايطاليا وسط حزن جميع عشاق كرة القدم بالبرازيل، سقراط حينما وجد أن الأمور لا تحتمل، قرر تصعيد الأمر وترك وطن يعشقه أكثر من نفسه ، بين هذه السطور القليلة جدا في تسليط الضوء علي حياة شخص بمواصفات اسطورة البرازيل سقراط يستشف انه ما كان لسقراط ،ان ينجح في مهمته لولاء ادراكه العميق لمعني الرياضة ودورها في تحقيق ما تطلبه الشعوب حيث حولها من حسابات الارقام والربح والخسارة الي متعة حقيقية من اجل المساهمة في دعم حقوق الشعوب في توقها للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ،فقد ادرك باكرا ماذا تعني الرياضة لشعب البرازيل العاشق الولهان لها خصوصا كرة القدم ،والتي تعد الرياضة الاكثر شعبية في العالم ،حيث اخضع النظام العسكري المتجبر الطاغي ليستجيب لمطالب الشعب التي هضمها بسلاح الرياضة وحبها والايمان بعظمة الاوطان .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. تسلم ياخى أسامة، فعلا قامة سامقة كما ونوعا كقامة سقراط تحتاج الاجيال الحديث للتعرف عليها حتى ولو بالقراءة عنها، فرغم رحيله وهو فى عقده الخامس من عمره(توفى السنة المنصرة)سوف يظل أيقونة حية يتذكرها الناس كلما حل كأس العالم وذكر فريق السامباالذى يمثل بيليه عند الحديث عن فترة الخمسينات والستينات وبداية البعينيات بينما سقراط يمثل جيل فترة نهاية السبعينيات والثمانينيات.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..