
أحزابنا السودانية التي ورثناها لا تستحي في كشف مصادر تمويلها ، بعضها يجاهر باستلام أموال تأتيه من مصر حتي قبل الاستقلال لتسويق فكرة الاتحاد مع مصر ، البعثات الدراسية لمصر يكفي تزكية الشيخ ليحصل الطالب علي مقعد دراسة في الجامعات والمعاهد المصرية ، الحزب الشيوعي تتتداعي له العضوية للانضمام والحصول علي بعثات دراسية في دول الاتحاد السوفيتي سابقا ، بنك فيصل الاسلامي لا يجد الترحيب في الاراضي التي نبعت منها فكرة قيامه الا أن تنظيم الاخوان يفسح له مجالا في السودان ليكون البنك من بين دعائم التمويل وتقديم التسهيلات لحركة الاخوان ، منظمات الدعوة الاسلامية يجيرها تنظيم الاخوان فرع السودان لتكون من أدوات ومصادر تمويله ، أحزاب البعث تتجه الي العراق وسوريا أيضا بقدر ما تسمح به الايادي العليا في تلك البلاد.
الاحزاب السودانية بصورتها تلك وجدت نفسها عاجزة عن تقديم زعامة رائدة منذ فجر الاستقلال ، نزعت عن روحها الارادة السياسية المقدامة ، الكل يتبع الي معسكرما يربطه به حبل المشيمة للتغذية المستمرة والا ضمر الحزب وتضعضع ، سارت تلك الاحزاب بعد المصالحة مع نظام مايو علي ذات النهج فكانت التغذية من الاتحاد الاشتراكي ، الجعل الاكبر من الطعام الدسم فاز به تنظيم الاخوان عند المصالحة، حققوا تمكينا في مجال العملة والبنوك والمؤسسات المالية وترتيب صفوفهم داخل مؤسسات التعليم العالي وعينهم علي غزو امارة السودان ، كانت الغلبة لتنظيمهم والخسران للسودان في الثلاثين من يونيو1989م.
حكومة الانقاذ يتأبطها تنظيم الاخوان ، لعبت علي النقاط الضعيفة في الاحزاب السودانية من مدخل الحاجة الي التمويل وتسيير حركة زعماء الاحزاب ومقابلة أسفارهم ومعاشهم ، أغدق تنظيم الاخوان المال والعطايا بعضها محشوة في ظروف وأخري تحملها عربات ، لصالح زعماء الاحزاب لا حبا وكرامة بل لإفساد مواقفهم في حركة المعارضة ، كانت تنظيمات المعارضة تقوم وتعلن من القاهرة أو أسمرا أو جنيف ثم بعد هنيهة تسمع بانشقاقات يتقدمها بعضا من ذات قادة الاحزاب التي أعلنت ميثاق التعارض ، توسعت الخروقات الي أن وصلنا الي مهزلة الحوار الوطني الذي أوصل السودان الي اعتماد نسخة وحيدة من شعاررددته تلك الاحزاب عنوانه ( لا بديل للبشير الا البشير ) مع كسرة يرددون فيها أن البشير أقدر لإدارة الوحدة الوطنية ، وبلا خجل ينسون أن البشير وزمرته أورثونا سودانين فاشلين ولم تعد حدودنا من حلفا الي نمولي.
ثوار ديسمبر 2018م في حراكهم بالأمس الثالث من يونيو 2021م ، كان لهم الحق في ترديد وإعلان رفضهم للأحزاب بقديمها وثيابها الرثة ، باع بعض الزعماء ثورة الشباب وقبضوا الاثمان في تنقلاتهم ورحلاتهم من غير دعوة أحيانا الي الامارات وبعض دول الخليج ، ينظر الشباب في دهشة الي رئيس دولتهم يأخذ دور الجندي لتحية السيسي أو أن تستقبله في دول أخري شخصيات لا تحلم بمقابلة رؤساء دول وربما صارت من بين سواليفها لأحفادها تحكي لهم عن استقبال رئيس دولة السودان في المطار، يعلم الشباب أن فض الاعتصام كانت روشتة مصرية نسخة تحميها بعض دول الخليج بالموافقة عبر تقديم اليات ومعينات الانقضاض وقتل الثوار .
اصدارات جديدة للأحزاب السودانية هو الشغل الذي يجب أن تعمل عليه مكائن الاحزاب السودانية ، طباعة نسخ جديدة من بين ارث أحزابهم القديمة ومصادر تمويلها ، لا أن ينتهي المطاف بزعيم الحزب الهمام لاجئا في بريطانيا يعتاش من مبلغ الضمان الاجتماعي الذي تقدمه حكومة صاحبة الجلالة ، بعض زعماء تلك الاحزاب يمارس هواية العمل في قلم المخابرات المصرية وينتهي به المطاف عند قاهرة المعز ويكسب أجره مقابل تهريب السمسم والصمغ والعجول من السودان .
اقامة شركات مساهمة عملاقة بكد عضوية تلك الاحزاب لضمان فك الارتباط المالي بين الاحزاب من كل ما هو خارج مالية الحزب ، استيعاب شباب الثورة في صناعات توليد الكهرباء وامداد المياه والتخلص من النفايات هي من بين مصادر عدة لتمويل الاحزاب ، تمويل الحزب ذاتيا يجب أن يفاخر نه الاعضاء اذ أنه ليس عطايا ومنح وشرهات بل من بذل العضوية و( صنع في السودان) تحمي تلك الديباجة ارادة زعيم الحزب وتحدد مواقفه ليكون للسودان كلمة ويغادر الزعيم السوداني مطارات الدول وعبارة ( أرضا ظرف ) تتردد من عمق تأريخ السودان تركها خالدة بعض ضباط السودان الاحرار بكسب اياديهم العفيفة.
وتقبلوا أطيب تحياتي.
[email protected]