دمعة على موؤودة

حاطب ليل

د.عبد اللطيف البوني

دمعة على موؤودة

* إن نسيت لن أنسى يوم أن كنت طفلا أذهب مع والدي للحواشة في موسم الحصاد عندما تنضج الذرة وتمتلىء قناديلها بالحب فكنا نمشي بين سيقان الذرة (القصب) ونتصيد القناديل الكبيرة الأكثر اكتظاظا بالحب الكبير ونسميها القناديل الناجمة ثم نقطعها ونأتي بها الى المنزل ونضعها في مكان عال كالراكوبة او سطح المنزل وتبقى هناك الى أن يحين موعد زراعة الموسم الجديد ثم ننزلها ونقوم بعملية فرز جديدة ونأخذ الأحسن منها ونستخرج منها التقاوي للزراعة الجديدة ويومها كان متوسط ما ينتجه الفدان في حواشتنا وبالطبع غيرها من الحواشات لا يقل عن عشرين أردب أي اربعين جوال بالتمام والكمال. طريقة استخلاص التقاوي المشار إليها أعلاه طريقة تقليدية ولكنها تدخل في علم العين الذي يقره حتى الطب الحديث.
* مناسبة هذه الرمية هي أنني أمضيت نهار يوم في الأسبوع الماضي في ذات الحواشة بسرابها وأبوعشرينها وأبوستاها لحصاد الذرة المزروع فيها وكانت الإنتاجية أقل من أردبين للفدان أي أقل من أربعة جوالات (على الطلاق هذا ماحصل) تحدثت مع رهطي من المزارعين ومع العمال الزارعين وسألت بعض المختصين لمعرفة هذا التدهور المريع الذي أصاب إنتاجيتنا من الذرة فوجدت أسبابا متداخلة منهم من قال إن الأرض أنهكت (طبعا ما في تقنية هنا) ومنهم من أرجع قلة الإنتاجية لقلة المطر هذا العام ومنهم من أرجعها للفوضى التي أخذت تصاحب الدورة الزراعية ومنهم من أرجعها للعامل البشري المهم تعددت الأسباب والنتيجة واحدة.
* بالنسبة لي شخصيا بدا لي أن السبب الرئيسي هو عدم جودة التقاوي لأن الإنتاجية متدنية لسنوات طويلة خلت وليس لهذا العام وحده مقارنة مع أيام زمان كما أن إنهاك الأرض له دور هو الآخر فالحواشة المشار إليها ظلت مزروعة لخمسة مواسم على التوالي دون أن ترتاح موسما واحدا ولا شك أن هذا تقصير مني أنا المزارع ولكن تبقى فوضى التقاوي هي السبب الأهم في تقديري فالآن تجد في النمرة الواحدة وهي وحدة مساحتها تسعين فدان حوالي عشرة أنواع من التقاوي هذا الفا واحد وهذا الفا اثنين وهذا هندي وهذا ايه مش عارف وكلها يروج لها تجار وشركات يهمها المكسب ولو على حساب قوت المزارع.
* للأسف الشديد تركنا طريقتنا التقليدية في استنباط التقاوي لا بل أحد الموردين للتقاوي سخر مني في العام الماضي عندما ذكرت هذه الطريقة بخير وقال لي (خليك مع الزمن) هذا زمن الهندسة الوراثية والجينات المحسنة والذي منه. للأسف الشديد لقد أغتيلت هيئة البحوث الزراعية مع سبق الإصرار والترصد فهذه الهيئة التي كانت تتبع لوزارة الزراعة وكان يدعمها المشروع، وكانت هي المسؤولة عن استنباط وتطوير وضبط التقاوي وكانت لا تسمح لأي كائن إدخال أي عينة جديدة إلا بعد إجازتها والإجازة تتم بعد تجارب علمية وعملية طويلة وقد استطاعت هذه الهيئة الموؤودة تحقيق نجاحات عالمية مثل استنباط العينة بركات في القطن طويل التيلة واستنباط عينة الذرة وداحمد التي استنبطها العالم الكبير البروفسير محمود احمد وبرضو تقول لي حزم تقنية.
* وبعد عزيزي القارىء هذا المقال واحد من عدة مقالات سوف ننشرها تباعا عن حبيبتنا الجزيرة الأسبوع القادم لاسيما وقد انكشف الذين لحّقوا القطن أمات طه قال شركة قال. فابقوا معنا إن شاء الله.

تعليق واحد

  1. حياك الله اخى البونى ؟
    رجعتنا للذكريات القديمه والجميله …اذكر اخى البونى وكان عمرى فى ذاك الوقت عشره سنوات كان الوالد عليه الرحمه ينتج 100 جوال ذره من الحواشه وكان يضعها فى مخزن موجود فى البيت وكانت يتم رصها على شكل سلالم وكنت وانا صغير اصعد حتى اصل اخر جوال بالقرب من سقف المخزن وانام عليه وانظر لبيوت القريه من خلال طاقه او شباك صغير كان فى اعلى المخزن .يا لها من ذكريات.
    اخر انتاجيه سجلتها هذه الحواشه وكان قبل سنين قليله هى سته جوالات فقط .
    الوالد عليه الرحمه كان يمارس الزراعه ايضا على شطى النيل …وكان يزرع البطيخ والانتاجيه عاليه جدا ثلاث او اربعه لوارى محمله بالبطيخ كانت تخرج من المزرعه اما اليوم فهذه الارض لاتنتج بطيخه واحده….لقد كان الوالد يحتفظ ببذور العجور والباميه والطماطم والباذنجان من المزرعه نفسها …اما البطيخ فكان يسمى بطيخ كنقو وروسمان ولااعرف من اين كانت تاتى هذه البذور .

  2. الله عليك يابروف يابن الجزيرة البار انا بفتكر مافي مشكلة طالما ان العلة قد انكشفت فالطريق نحة التقنيات الحديثة ساهل ومعروف عليكم انتم الذين تمثلون ضمير الجزيرة ان تكتبوا من الحواشة مباشرة كما فعلت انت اليوم نحن لانريد منظراتية انما مزارعين فاهمين يكنسون كل الاوباش من الذين يقودون العمل الزراعي اليوم لن نرجع للوراء زمن الاستبداد الاداري ولن نقبل التلاعب باهلنا الي الامام ووفقك الله

  3. يالمختصر المفيد انتهاء الزراعة بداء مع بداية الاغتراب واستيلاء الكيزان على السلطة كل ابناء المزارعين اغتربو ولم يبقى منهم زول له خبرة ابوه والفضل جالس ناس نت وتلفزيونات وقعاد صوالين وعطالة واحرف فى النقه والتلفونات من رفع سرابه وطالما ادارة مشروع الجزيرة واتحادهودائرين حول السرقة والبهدله للبلد والمزارع وسياسة الدوله على هذا الحال السنة الجاية الفدان مابطلع ملوة كيزانك ديل واتحادين وانصار هم احياء كده انسى سودان وبلد عيشو كده الى الله ياخذ امانته

  4. إضافة الى ذلك جحود الإنقاذ وعدم صرفها على كافة المشاريع وهي كالذي يسعى بقرة ويريدها أن تدر عليه لبنا دون أن يعلفها ويهتم بها، فمشروع الجزيرة راح ضحية التمكين مثله ومثل كثير من المشاريع الاخرى في السودان، حيث جاءت الانقاذ بتجار لا معرفة ولا إهتمام لهم باحتياجات الارض والمزارعين، هذه الايام يجري دفع أموال للذين اجبروا على بيع حواشاتهم وقد تحدثت مع أحدهم وأكد أنه باع ارضه مضطراً بعد أن كان يزرعها جده ثم والده ثم هو لأكثر من عشرين سنة،،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..