كيف كنا .. ولماذا صرنا ..!

للحياةِ دورتها ..كما الأيامُ دول ..والثروة مثل العافية ظلٌ كالتاج المتأرجح على حوائط النهار ليس له مستقر ويطول ويقصر حيثما تدور الشمس ..!
فأما النعمةُ فهي مطيةُ لا تصل بصاحبها الى هدفه ومبتغاه إلا إذا أحسن رعايتها بالشكر لله وإيثار الغيرعلى النفس بقدر المستطاع .
أمبراطورية بريطانيا التي لم تكن تغب عنها تلك الشمس الدوارة حيث لا تغادر إحدى مستعمراتها المنتشرة في مغارب الأرض إلا وتشرق صباحا في واحدة أخرى .. بيد أنها تراجعت في الصف الأوربي لتقف خلف كثير من صغار الدول التي كانت خادمة في بلاط سطوتها ..لكن الفرق أنها حافظت على ماء وجهها الذي يقيها درن تسول العطف أوغبش استجداء الشفقة ..فظلت هي بريطانيا بارثها الحضاري في المبنى والمعنى وطموح إنسانها الذي لم يتنازل عن التفاخر بذاته والتباهي بترابها !
وهكذا كنا نحن أهل السودان نرسل على ظهور عِزنا مؤونة الحجيج و نقوم على سقايتهم دون منٍ وبلا أذى ونكسوجنبات الكعبة المشرفة من وفرة سترنا.. ولكم فتحنا صدورخلاوينا و مدارسنا وجامعتنا التي كانت ثرية في علمها العمودي رغم يتمها الأفقي حينها وتنشرح أسارير بلادنا حانية لطلاب العيش الكريم مثلما هي الأم الرؤوم لطلبة العلم ..وكانت مستشفياتنا تستقبل المرضى من كل دول الجوار القريبة والبعيدة والذين يأتون الى أطبائنا بتزكية من أطباء الدول الغربية ..ثقة منهم في قامات مثل اساتذة العلم من أمثال التيجاني الماحي و طه بعشر وحسبو سليمان وزاكي الدين و عمر بليل ..وغيرهم من اساطين العلوم والآداب الذين ذاع صيتهم وتردد صداه في كل زوايا العالم !
ولا زالت حواء السودان ولود من بعدهم .. لكنهم ولان السودان بات طاردا للقامات حاضنا للأقزام فقد غادروا بكرامتهم قبل خبراتهم التي أصبحت كظل الدليب يرمي بعيدا عن ساقه !
نعم الناس بالناس فمن يعن يعُن ..وكما قال الشاعر ..
بعونِ اللهِ للخلق يعمُ الخيرُ والفضلُ..
بعون الناسِ للناسِ عُرى الإنسان تتصلُ..
اليوم يحل بيننا فريق طبي من دولة الإمارات الشقيقة لإجراء عمليات جراحية بمباضع الإخاء في مستشفىً شيده رجل البر السعودي الشيخ الراجحي بأمدرمان.. ويأتي ذلك كله دون ريب ليس كردِ تحية ليدِ قد سلفت أو سداداً لدين مستحق .. ولكنه تواصل إنساني لايريدون منه شكراً و لا أجراً ..فجزاهم الله خيراً عن كل المستفيدين من سيعهم الطيب .
فاهلاً باياد الخير التى تمتد الينا من كل جارٍ قريب مسلم يفتتح مشفىً لغوث الذين رفعت دولتنا يدها عن ملامسة جراحاتهم أوحتى بعيدٍ غريب ولو كان على غير ملتنا جاء يتحسس أوجاع الذين شردتهم نزعات الإحن الداخلية ويمسح دمعاتهم الحرى النازفة مدراراً من ظلم أهل القُربى .
لكن ما يحزفي النفس أننا تراجعنا الى مرتبة اليد السُفلى وقد كنا متقدمين في مواضع العُليا !
ونتساءل في مرارة الغصة التي تسد حلق العفة .. كيف كنا ولم نحافظ على ما كنا عليه ولو في حده الآدني ليكون عجينة للتشكُل في ايدِ البناء وفق ملامحنا الذاتية ..ولماذا صرنا نستجدي حتى من جاهرنا بعدائهم ليتعطفوا علينا ببسمة الرضاء بعد أن بادرنا طويلا بتقطيبة البغض في وجوههم التي باتت التفاتتها لنا حلما نوسط له الوسطاء ونسَير له الركبان !
ﻻبد سيبزغ الفجر وإن طال الظلام سيأتي جيل ويعيد لبلادنا سيرتها الأولي نحن علي يقين
أن دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلي أن تقوم الساعه نسأل الله في علاه أن يحفظ شابنا
وينبتهم نباتا حسنا ويرثهم أخلاق الأنبياء والرسل
ﻻبد سيبزغ الفجر وإن طال الظلام سيأتي جيل ويعيد لبلادنا سيرتها الأولي نحن علي يقين
أن دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلي أن تقوم الساعه نسأل الله في علاه أن يحفظ شابنا
وينبتهم نباتا حسنا ويرثهم أخلاق الأنبياء والرسل