أخبار السودان

تمديد (الإنتقالية) لدى الأحزاب.. قلق لدى الكبار وإرتياح للصغار

رغم أن الفترة الإنتقالية حددت مواعيدها وتم مدها أربعة عشر شهراً بعد توقيع إتفاقية السلام ، لكن حتى الآن لا أحد يستطيع أن يتكهن عما إذا كانت ستنتهي في ميقاتها المعلن أم أنه سيتم مدها مجدداً إذ أن هذا الأمر رهين بعدة تقاطعات منها يتعلق بالظرف الأمني وإتمام عملية السلام بانضمام الحركات المستعصمة حتى الآن عن التوقيع ، إضافة إلى أبعاد سياسية تتعلق بالتيارات السياسية أو الحركات المسلحة المقبلة للتحول السياسي مابعد إنتهاء الفترة الإنتقالية علاوةً على وجود تيارات سياسية (راديكالية) رغم أنها تمتلك الصوت العالي لكنها تفتقد السند الشعبي الكافي وهي تيارات غير متحمسة لإنهاء الفترة الإنتقالية في ميقاتها المحدد مخافة أن يستنسخ التاريخ نفسه وتعود تيارات سياسية طائفية يصنفونها في خانة الرجعية أو عودة أنصار الجبهة الإسلامية من النافذة الإنتخابية بمساعدة قوى متحالفة معها .

بينما تريد التيارات ذات الثقة الجماهيري على رأسها حزب الأمة عدم مد الفترة الإنتقالية والإنتقال لصناديق الإنتخابات ، وكان الحزب قد إنتقد ما وصفه بإنعدام الرؤية السياسية الموحدة لدى القوى المدنية تجاه قضايا السودان، وأبدى رفضه القاطع لأي إتجاه لتمديد الفترة الإنتقالية، كاشفاً عن تسريبات حول هذا الأمر، وشدد على ضرورة الإلتزام بالفترة الزمنية التي نصت عليها الوثيقة الدستورية .

وأشار رئيس الحزب فضل الله برمة خلال مؤتمر صحفي عقده الحزب بمقره أمس الأول، إلى ضرورة التوافق على المشتركات الوطنية ، والاستعداد لدفع استحقاق الإنتقال، والصبر على متطلبات التحول الديمقراطي ، لافتاً إلى عدد من التحديات ، التي قال إنها تواجه الفترة الإنتقالية.

ويعتبر حزب الأمة من الأحزاب التي يرى المراقبون أنها قادرة على المحافظة على ثقلها الإنتخابي التقليدي إلى حد كبير وإن كان ربما أقل من السابق بعد التحولات الكبيرة على الخارطة السياسية التي خصم تنامي الوعي الجماهيري سيما وسط الشباب من الألق والولاء الطائفي الذي ما زالت تستند إليه العديد من التيارات السياسية .

ويرى المراقبون أن رفض الحزب تجاه تمديد الفترة الإنتقالية ناتج من ثقة الحزب على قدرته لإحراز مراكز متقدمة على الأقل في الإنتخابات حال قيامها بصرف النظر عن عدم دخول الحزب في أي من التحالفات السياسية مع أحد التيارات السياسية مستفيداً من نهجه الوسطي وإمكانية مزجه عبر (برجماتية) بين الدين والسياسة عند الضرورة ، في وقت إشتدت فيه الهجمة على التجرية الأولى للحكومة الإنتقالية التي يحسبها الكثيرون في خانة اليسار العلماني .

المؤتمر الشعبي

أما حزب المؤتمر الشعبي فقد أبدى رفضه لإتجاه مد الفترة الإنتقالية، وقال القيادي بحزب المؤتمر الشعبي عبد الوهاب أحمد سعد إن تمديد الفترة الإنتقالية هدفه استمرار مكونات الحكومة الإنتقالية في السلطة، وجـدد تمسكهم بضرورة إلتزام الحكومة بموعد نهاية الفترة الإنتقالية .

وإنتقد سعد في تصريح لـ(الجريدة) إتجاه الحكومة لتمديد الفترة الإنتقالية، وقال: لا يمكن بعد توقيعها مع كل حركة مسلحة تشرع في تمديد الفترة الإنتقالية مجدداً وأعتبر أنها حجج واهية بهدف البقاء في السلطة، وسخر من ذلك بالقول (هذا تحايل وتغبيش لوعي الجماهير وحمدوك فشل في إدارة الفترة الإنتقالية ).

ودعا سعد إلى الإسراع في تنظيم الإنتخابات مع حفظ كل حقوق الحركات المسلحة في الأجهزة التنفيذية والمجلس التشريعي وأردف: لا يمكن استمرار إدارة البلاد في حكم إنتقالي وهؤلاء ليس لهم ثقل جماهيري.

ويشير المتابعون للشأن السياسي إلى أن حزب المؤتمر الشعبي يراهن على كسبه السياسي على تيار الحركة الإسلامية المتحدة أي ما قبل مرحلة إنشقاق الشيخ الترابي عبر مفاصلة الرابع من رمضان الشهيرة في عام 1999 م بإعتبار أن التيارات الإسلامية المنضوية للمؤتمر الوطني الحاكم ليس لها خيار سوى التحالف مع المؤتمر الشعبي سيما فقد سبق أن تحالف معها تكتيكياً وشارك فيما يعرف بحكومة الوحدة الوطنية في عهد النظام البائد ورفض الخروج منها رغم بداية إنطلاق الشرارة الثورية المناهضة للنظام في ديسمبر ، فقد أعلن أمينه السياسي آنذاك أنهم يرفضون القفز من السفينة ، وهو أمر يرى المراقبون أنه عامل مهم لإلتقاء الفريقين المتحدين في الرؤية السياسية والأيدولوجية . مما يعني أن الحزب يراهن على إحداث كسب مقدر في الإنتخابات القادمة نسبة للنجاعة السياسية للتيار الإسلامي المتحد رغم أن الوعي الشبابي الجمعي الثوري يرفض الإصطفاف مع أي من التيارين الإسلاميين لكنهما يراهنان على إمكانية التأثير على الوجدان الديني وفق مقارنات مع بعض المواقف التي حسبت ضد التيار اليساري التي لن يجدا صعوبة في زجها في خانة العداء للدين مع استفادتهما من النجاح النسبي لتجربة النظام السابق في تحقيق الأمن الإجتماعي بواسطة قبضته الأمنية القابضة سيما في ظل السيولة الأمنية التي إنتظمت مؤخراً معظم أرجاء البلاد .

غير ان الحزب أيضاً قد يلاقي دعماً سياسياً من التيارات السلفية في إطار دعوة الإصطاف الديني التي سيرفعها حزب المؤتمر الشعبي مع حلفائه القدامى عبر خطاب سياسي ربما إعتمد على الهياج السياسي الذي يسّهل عادة عملية الاستقطاب لدى العامة .

حزب مولانا
بالرغم من أن الحزب الإتحادي الديمقراطي يعيش الآن في مرحلة بيات شتوي طويل منذ تفجير إنتفاضة ديسمبر ويعاني من غياب الحضور السياسي لزعيم الحزب على الساحة السياسية وبعض الخلافات داخل صفوفه ،بيد أن الحزب مع ذلك قد لا يتحمس لمد الفترة الإنتقالية مستنداً إلى كسبه السياسي المتوارث ذي الطابع الطائفي رغم إنحسار الطبقة الإقتصادية القوية للحزب التي كانت تسنده في معاركه الإنتخابية وحراكه السياسي في الساحة نسبةً لتدخلات آلية النظام السابق التي عملت على شق التيارات السياسية وتجفيف مواردها الإقتصادية مما أدى إلى تحولات في القوى الرأسمالية التقليدية وإحلال عناصر طفيلية تابعة للنظام البائد تدعمه وترضع من ثديه في ذات الوقت .

من خلال تلك القراءة المختصرة يمكن أن يقال إن التيارات الضعيفة في كسبها السياسي أو التي تتحسس دخولها في الساحة السياسية بعد تركها البندقية ستكون سعيدة بتمديد الفترة الإنتقالية إلى أجل غير مسمى بينما التيارات السياسية التقليدية الطائفية وإسلاميي النظام البائد ستكون في حالة إرتياح وأشواق ملتهبة للعودة لسدة الحكم مجدداً .
الانتباهة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..