طريق الأوحال

قمع المتظاهرين المحتجين الرافضين للواقع البئيس والذين ضاقت بهم السبل وآثرهم ما يروا من ضيق على كافة المواطنين ، وآلمهم حال بلادنا وهي تتهاوى وتتراجع وتتخلف ، بل ومتجهة نحو مصير مجهول غامق الملامح مسدود الأفق . إن قمعهم ما هو إلا تأكيد من النظام وقواه الأمنيه على أن الشعب يجب عليه أن يرضى بالمعاناة وبالذل والهوان . وعليه أن يرى التخبط وسؤ الإدارة وإنعدام التخطيط ويصمت ، ويرى الجوع والمرض يفتك بهم وبأهلهم ويمنع عن التعبير ويزجر ويعتقل. وكأن لسان حال هؤلاء القوم يقول أرفعوا أيديكم عن وطنكم وعن شئون حياتكم ودعونا نفعل فيكم ما نريد …
والغريب أنه إذا سألت أحد المسؤلين الكبار سيقول لك أن الحاله صعبه ، والبلاد تمر بأسوأ الاحوال . وإذا سألت رجال الأمن أنفسهم سيقرون بذات الشئ ويقولون لك أن البلاد تمر بأزمات عديده .
والأمر بات واضحا أزمات تلو الأزمات ، ضيق لا بعده من فرج – في ظل هذا النظام- ، تزمر وغضب لا أعتقد من بعده رضا لتلاشي العوامل الموجبة لهذا الرضا . فساد وإخفاقات لا حصر لها ، تجارب ومحاولات وتبديل كراسي لا جدوى منه ، دوران وترنخ متوالى لزمن طال قرابه الثلاثة عقود .
أما زال أهل هذا النظام يأملون في التحسين ؟ أما زالت لديهم القوى الدافعه لخداع أو تصبير هذه الجماهير وهذا الشعب المكلوم ؟
٠٠٠ألم ييأس هؤلاء القوم من أن التوفيق ليس حليفهم ، وأن لا أمل في معافرتهم ، وأن الرقيب الحسيب سبحانه كتب عليهم الخسران المبين ؟
ألم يتساءل هؤلاء لماذا كل هذا العذاب ، فشل بعد فشل ومعضلة تتبعها أخرى ؟ هذه المتاهات ، وهذا الجهد والعناء والجهاد المستمر المستميت للبقاء ، فوق الرقاب والدماء والظلم والبطش وسخط العباد ؟
إنه حقا الخسران المبين ، فلم يظفروا بشئ قط إلا ما إبتغت شهواتهم ! لا رضا الخلق ولا إصلاح البلاد أو صدقوا ما عاهدوا الله عليه من أقامه الدين ونشر العدل وأداء أمانة التكليف كما ينبغي . فتاجروا بآيات الله وإتخذوها هزوا وأشتروا بها ثمنا قليلا قال الله تعالى:
(من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون) . وقال جل وعلا
(من كان يرد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب ) . صدق الله العظيم
إن من يرد الله له الخير والتوفيق سخر له من الأسباب ما يُعينه في كل أموره وخطواته . وما أن صعبت وضاقت وتضيق أكثر فأكثر مع مرور الأيام فذلك يعنى أن هؤلاء لم يفهموا الدرس وتماودا إستهزاءا بسنن الخالق في هذا الكون .
هذه هي الحقيقة ، لأن من يحبه الله يوفقه لما فيه صلاح نفسه وأهله أو رعيته . فالملك والمال هنا ليست بالمقياس البته ، فرعون وهامان وقارون وأمثالهم إمتلكوا وإستعبدوا وتسيدوا ولكن في ميزان العدل والحق حاق بهم سؤ العذاب ويوم القيامه أيضا قال تعالى( النار يعرضون عليها غُدُوا وعشيا ويوم تقومُ الساعةُ أدخِلوا آل فرعون أشد العذاب) .
أيدرك هؤلاء أن مقاييس الأعمال وسرها وأمرها مبني على النيات !
والسودانيين بمقولتهم المشهوره (الله بديك حسب نيتك) . فمن نوى على العدل وسعى له ، ومن نوى على فعل الخير وكل ما فيه إصلاح وفقه الله تعالى وهون له الصعاب وذلل له العقبات .
في المقابل لقد زُينْت لهم الحياة ومُد لهم فيما يبتغون ، أشبعوا الشهوات والرغبات ، أرضوا النزعات ومارسوا الإستبداد ، وقالوا إنما نحن مصلحون !! لقد خادعوا الله وهو خادعهم .
أفيقوا أيها الظلمة ، فيوجد من يموتون كل يوم جوعا ومرضا وبطشا وتنكيلا وتلوثا بالسيناميد وفتكا بالسرطان ، وباليأس والإحباط القاتل الذي يقود بأصحابه إلى التهلكه وإيذاء النفس
أفيقوا لأنفسكم ، ليس لأجل بني السودان ، فالولايه مسؤليه قد فرٌ من حملها الكثير من العلماء وأصحاب الفطنة خوفا من الوقوع في براثن أغوائها وإحترازا وحرصا وتجنبا من أن لا يكن في مقدورهم يوما أن يحكموا بالعدل . فكل مسئول محاسب فيما أوتمن عليه من شئون البلاد والعباد ، وكل متمكن يسأل من أين لك هذا وفيما أنفقته .
أما آن لكل فرد أن يراجع حساباته مع نفسه وينظر كم نفس قتل ، أو ظلم ، أو أجرم بأي شكل من الأشكال ؟ أتدرون أن اي تقدم في هذا الزمان أو نجاح لأي شخص في العوالم الراقيه مقرون بالإستقامه والشفافيه والنزاهه كمبدأ أساس تأتى بعده بقية المقومات . أناس ذوي نوايا سليمه تحتوى داخلها كل تلك المقومات النبيلة وأكثر من ذلك بكثير . مؤسسات تحمل في طيات مبادئها جملة من النظم والقيم تحرص على تطبيقها وإستمراريتها . مطاعم ومحلات تجاريه ومصانع مشهود لها بجوده المحتوى والإتقان ومراعاة أكثر لذوق العملاء وإرضاء الجمهور فتمكث طويلا وتعلق بالأذهان .
تكليف البشر قائم على العقل وبالحجه والبرهان . فلا يمكن أن يمنحك الخالق عقلا يمكنك أن تنجو به ولكنك تختار أن تكون قردا . لذلك فالتوظيف الصحيح هو توجه شامل للشخصيه وديدنها في الحياه فما في ذلك السلوك والجوارح .
جميعا مسؤليتنا المشتركه محاربه الظلم والفساد تجاه أنفسنا وأهلنا وولاة أمرنا . فتغيير المنكر مسئوليه الجميع بل فرض كفايه وهو من الأيمان . وهذا المنكر ليس هو الخمر أو الميسر فحسب بل جميع الأفعال أو الأقوال عرضة لما هو منكر ومستنكر ومستهجن وضار وشاذ . وجهاد الجمع الآن فرضا ولزاما لوقف التدهور وردع الفساد ، ولكي يحيا أطفالنا شباب الغد بكرامه في وطن يحتويهم ويغنيهم عن الغربة والتشريد .
.
إن أكبر تحديات الإنسان في هذه الأرض هو الزمن ، فمنهم من تطول غفلته فتزيد خسارته ، لذلك فسعي الإنسان دوما ينبغي أن يتجه نحو الإصلاح ولا يترك أمره معتمدا على غيره من البشر ، أو يتبع من عَميت بصيرته عن الحق والطريق القويم ، فيكون من الخاسرين . والحيطة والحذر بأن لا يكون فساد الكبار ذريعة أو حذو يحتذي به الصغار كالتابعين والمرؤسين والمأمورين والمأجورين وغيرهم
هذا الوطن الجريح يحتاجنا جميعا ، إلى صحوة شمولية ، إلى سواعد تسند بعضها ، وإلى عقول متوهجة تتفاعل مع مثيلاتها ، وإلى علوم ومعارف تبسط ، وإلى إداراة رشيده تنجد هذ الوطن وتقود هذا الركب بالكفائة والعدل المطلوبين .
فلا إنقطع الأمل .. وسوف لن يخيب الرجاء .. إن شاء الله
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..