اللغة النوبية النظام الكتابي الجديد (2)


اللغة النوبية النظام الكتابي الجديد (2)
كتابة اللغــة النوبية
عبر التاريـخ
بعد سقوط مملكة مروي في القرن الرابع الميلادي كان الوضع اللغوي في بلاد النوبة أكثر تشابكاً وتعقيداً، وبزوال السلطة في مروي فقدت اللغة المروية (اللغة المروية ليست هي اللغة النوبية) سيادتها الثقافية وانسلخت من حياة الناس ليست كلغة مكتوبة بل كلغة تخاطب أيضا.
عندما قامت الممالك النوبية في حوالي القرن السادس الميلادي لم تكن اللغة الرسمية واضحة ورغم ذلك فقد وجدت عدة وثائق تاريخية مدونة باللغات الإغريقية والقبطية والنوبية مما يعني ازدواجية الوضع اللغوي في بلاد النوبة يومئذ.
اللغة الإغريقية:
عرفت بلاد النوبة اللغة الإغريقية منذ العهد المروي لاسيما أن مروي عاصرت فترة احتلال الإغريق لمصر. وقد وجدت عدة مخطوطات مكتوبة بهذه اللغة في مناطق مختلفة بما في ذلك مروي العاصمة مما يؤكد عمق الصلات الثقافية بين مروي ومصر الإغريقية وكثرة استعمال هذه اللغة لاسيما بين الطبقات العليا منهم. ويذكر هنا الملك المثقف أرقماني أو أرقمنير (248ق.م-220ق.م) الذي كان على اطلاع واسع بالفلسفة الإغريقية.
أما الملك النوبي سلكو أو سلخا موحد مملكة نوباتيا ومؤسسها فقد وضع نقشاً عند بلدة كلابشة باللغة الإغريقية يذكر فيه انتصاره على البليميين.
إذن فقد كانت اللغة الإغريقية سابقة حتى على النصرانية في البلاد وكان طبيعياً أن تتخذها الكنيسة لغتها فيما بعد. ويؤكد مؤرخو العرب هذه الحقيقة فقد تواتر في كتبهم أن لغة الكنيسة في ممالك النوبة هي الرومية (الإغريقية) يفسرونها بلغتهم المحلية. وتأكد ذلك في شواهد القبور التى اكتشفت في شتى بلاد النوبة أيام تهجير أهالي وادي حلفا والتي وجدت مكتوبة بالخط الإغريقي. وهكذا عاشت اللغة الإغريقية مكتوبة مقروءة في بلاد النوبة في فئة من رجال الدين والتجار والمثقفين ثم انتهت في حوالي القرن الرابع عشر.
اللغة القبطيـة:
إلى جانب اللغة الإغريقية عرفت بلاد النوبة اللغة القبطية وهي آخر مراحل تطور اللغة المصرية القديمة وهي اللغة المحكية للشعب المصري وكانت بذلك لغة الكنيسة الأرثوذكسية في مصر، ولما كانت كنائس بلاد النوبة تتبع لهذا المذهب فقد كان طبيعيا أن تكون القبطية لغة الكنيسة النوبية فكتبت بها الأوراد والأدعية والتراتيل الدينية، كما كتبت بها الشؤون الخاصة للكنيسة.
أما الخط القبطي الذي ظهر في القرن الثالث الميلادي فقد أخذ حروف اللغة اليونانية (24 حرف) وزاد عليه سبعة أحرف أخذت من الديموطيقية فصار عدد الحروف القبطية (31) حرفاً وقصروا هذا الخط على كتابة الشؤون الكنسية.
هذا التطور الثقافي ألقى بظلاله على بلاد النوبة فانتشرت اللغة القبطية والخط القبطي بين النوبيين لاسيما بين رجال الدين والتجار. وتؤكد شواهد القبور التي وجدت في القرى النوبية الكبرى كدبيرة، فرس، مينآرتي مدى انتشار الخط القبطي في بلاد النوبة. .
اللغة النوبيــة:
يؤكد بعض الباحثين أن تأريخ كتابة اللغة النوبية كان في حدود القرن الثامن الميلادي، وأن النوبية تطورت وحلت محل الإغريقية والقبطية عند إتحاد مملكتي نوباتيا ومقرة في القرن السابع الميلادي. وكان لكل من المملكتين لغتها الخاصة إلا أن الأرجح أنهما لهجتان للغة واحدة، تطورت إحداهما وهي لهجة نوباتيا الى لغة مكتوبة وهي التى تعرف أحيانا بلغة المريس وبين هلها بالـ ( نـبين ). وكان منطقيا أن يأخذ النوبيون أبجديتهم القديمة عن الخط القبطي ? وبالتالي الإغريقي ? إلا أنهم وجدوا أن هذا الخط لا يعبر عن كل أصوات اللغة النوبية فأضافوا إليه من الرموز ما يعبر عن تلك الأصوات المفقودة فيما يظن عن الخط المروي وهي ثلاثة حروف وبذلك اكتملت حروف اللغة النوبية القديمة حوالي (30) حرفا. ومن خلال البحوث الأثرية ودراسة النصوص اللغوية القديمة تأكد أن أقدم نص نوبي كتبت بالحروف النوبية المستوحاة من اللغات الإغيقية والقبطية والمروية يرجع الى سنة795م.
أما آخر النصوص النوبية المكتوبة بالخط القبطي فترجع الى القرن السادس عشر الميلادي حيث عاشت في قصر ايريم عاصمة مملكة ( دو تـو) آخر ممالك النوبة وبسقوط هذه المملكة على يد الأتراك العثمانيين عام 1520م انتهت الكتابة باللغة النوبية ومن ثم تلاشت واندثرت.
هكذا عاشت اللغة النوبية مكتوبة ومقروءة لأكثر من ثمانية قرون، وكانت لغة الدولة والبلاط الحاكم، لغة رسمية ووطنية استمرت باستمرار السلطة المركزية في بلاد النوبة.
واليوم فإن اللغة النوبية (نـبين/ nobeen) هي لغة الخطاب والمحادثة في كل من منطقة المحس والسكوت ووادي حلفا وحلفا الجديدة وكوم امبو بينما ظلت الـ (اشكرين/oshkreen) كذلك في كل من دنقلا ومنطقة الكنوز في مصر.
مما يجدر إضافته هنا هو أن هناك خلطا وتخبطا واضحين في تسميات اللغات النوبية حتى على مستوي المختصين في هذا المجال فتارة يسمونها محسية وتارة فدجة وأخرى حلفاوية ودنقلاوية ومتكية والكنزية ثم يختزلون كل ذلك في الرطانة. هذا التخبط في المصطلحات وعدم الاكتراث بتوحيدها حتى الآن ـ في رؤيتي ـ ما هو إلا صورة من صور الاستخفاف بهذا التراث واستصغاره والتقليل من شأنه في ذات الوقت. والغريب إن الخرطوم السياسي والثقافي تصنف التراث والثقافة النوبية وتساويه بثقافات السودان المحلية الأخرى!! هذه الثقافات رغم تقديرنا لها إلا أنها في واقع الأمر كانت ثقافات تابعة للنوبيين وكانت النوبة هي الدولة!؟ ألم يكن من الإنصاف إعطاء هذا التراث خصوصية تليق به؟ عموما نعجز عن القول ونضعف وقد انبرت الخرطوم ـ وريثة سوبا ـ في بدء تاريخ السودان العريق من مراحل متأخرة ضاربا عرض الحائط بالأصل والجذور والماضي. لكني أجدد الدعوة المتواضعة بتوحيد المصطلحات باعتماد الأسماء التاريخية المنقولة عن سلف أهل هذه اللغة والمتداولة بينهم حتى اليوم وهي: الـ (نـبين/ nobeen) والـ (اشكرين/oshkreen).
أضيف هنا ما لمسته من اعتراض بعض الإخوة على تسمية لهجة دنقلا بالـ (اشكرين/oshkreen) وأقدر سبب اعتراضهم لما لهذا الاسم من إيحاءات في فهمهم، وليس الأمر كما ظنوا فهذه الكلمة ومثلها لابد من قراءتها في ضوء المعطيات اللغوية والاجتماعية للغة النوبية القديمة. والحقيقة ليس لهذا الاسم صلة بكلمة (اشِّ/ oshi) التي تغيرت دلالتها مع مرور الزمن، والتي لا تعني في اللغة النوبية القديمة أكثر من الخادم وليس عبد كما يظن بعضهم ذلك أن النظام الاجتماعي عند النوبيين كان لا يعرف العبودية. فهذه الكلمة هنا تتطابق كلمة (نُـقُد) في (اشكرين/oshkreen). التي تعني الخادم أيضا. ويوضح ما ذهبت إليه كلمة (نـقـد/ nogodo) النوبية التي تعني العروس. إن المعنى الحقيقي لهذه الكلمة هي “المخدومة” ذلك لأن العروس وفق العادات النوبية القديمة كانت تخدم من يوم تهيأتها للعرس وربما حتى تضع مولودها الأول. يبدو أن التقارب اللفظي بين الكلمتين (اش/oshi) و(اشـكر/oshkir) هو الذي أدى الى هذا الخلط. وإذا كان معنى الكلمة الأولى قد وضح فإن الكلمة الثانية من الكلمات التي فقدت دلالتها اليوم ومثل ذلك كثير جدا في النوبية المعاصرة. هذا وليس هناك ما يؤكد الزعم المتداول بين العامة أن هذه الكلمة تتكون من جزئين (osh / kir) اش/osh بالمعنى الذي اشرنا و كـر/kir بمعنى كلام، طالما لم يثبت شيء من ذلك عن كبار القوم. والمؤسف أن مثل هذه الاجتهادات التي لا تستند الي أي شاهد أو دليل علمي قد كثرت هذه الأيام بين المتحمسين للغة النوبية.
أما اللغة النوبية الألوية أو نوبية مملكة علوة فقد تلاشت واندثرت منذ زمن بعيد والمعروف أنها كانت أقرب الى الـ (اشكرين) منها الى الـ (نـبين/ nobeen) إلا أنها كانت ذات تطور مستقل بعض الشيء.
منيب ابراهيم سيد فقير
الرياض ــ 14/4/2016
[email][email protected][/email]
يااستاذ بدلا عن محاولة مداراة الموضوع بالاجتهاد فى التفسيرات فلن تغير من الامر شيئا فالدناقة اكبر بكثير من الالتفات لمئل تلك الترهات ولاسيما انهم الاكثر عددا وعدة حيث ان تعدادهم يعادل الاخرين مجتمعين ولكن مشكلتهم الاساسية انهم قوميون اكثر من اللازم…..واقول بدلا عن ذلك فالاجدى البحث عن اسم يلائم واقع الحال ويعبر عن المطلوب او حتى تركها بدون مسمى فالجميع مشتركون فى اللغة النوبية ومفرداتها بنسبة لاتقل عن 85% من توشكا وكوم امبو فى مصر الى الغدار وبالتالى لاارى داعيا لتجزئة المسمى الواحد الى فتات ….دعونا نرتقى بالمشتركات وما يجمع ويوحد ذلك خير وانفع وانشاء كيان جامع لايقرق بين احد من مكوناته لرسم الخطط واستشراف افاق المستقبل والحفاظ على التراث والاثار والموروثات البديعةونحييك على المجهود الجبار وتقديم الاعتذار فقدما الى الامام لاعادة رفع راية اولى الحضارات الانسانية مرة اخرى وما ذلك ببعيد بعونه تعالى فالمنجزات العظيمة تبدأ دائما بخطوات صغيرة.
يااستاذ بدلا عن محاولة مداراة الموضوع بالاجتهاد فى التفسيرات فلن تغير من الامر شيئا فالدناقة اكبر بكثير من الالتفات لمئل تلك الترهات ولاسيما انهم الاكثر عددا وعدة حيث ان تعدادهم يعادل الاخرين مجتمعين ولكن مشكلتهم الاساسية انهم قوميون اكثر من اللازم…..واقول بدلا عن ذلك فالاجدى البحث عن اسم يلائم واقع الحال ويعبر عن المطلوب او حتى تركها بدون مسمى فالجميع مشتركون فى اللغة النوبية ومفرداتها بنسبة لاتقل عن 85% من توشكا وكوم امبو فى مصر الى الغدار وبالتالى لاارى داعيا لتجزئة المسمى الواحد الى فتات ….دعونا نرتقى بالمشتركات وما يجمع ويوحد ذلك خير وانفع وانشاء كيان جامع لايقرق بين احد من مكوناته لرسم الخطط واستشراف افاق المستقبل والحفاظ على التراث والاثار والموروثات البديعةونحييك على المجهود الجبار وتقديم الاعتذار فقدما الى الامام لاعادة رفع راية اولى الحضارات الانسانية مرة اخرى وما ذلك ببعيد بعونه تعالى فالمنجزات العظيمة تبدأ دائما بخطوات صغيرة.