إخوان مصر يطرحون مبادرة للحوار بالتزامن مع توصية قضائية بحل حزبهم السياسي

دعا تحالف إسلامي تقوده جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى بدء «حوار جاد» مع قادة الجيش وقوى سياسية لحلحلة الأزمة التي أعقبت عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للجماعة، لكن مصدرا عسكريا قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه ليس أمام الإخوان إلا العمل وفق خارطة المستقبل التي ترسم المسار السياسي للبلاد منذ عزل مرسي. وهو ما أكد عليه مصدر حكومي آخر. ويأتي هذا التطور بالتزامن مع صدور توصية قضائية غير ملزمة بحل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان.

ويقضي الاعتراف بخارطة المستقبل التي توافق عليها قادة الجيش وقوى سياسية ورموز دينية في يوليو (تموز) الماضي، قبول جماعة الإخوان بعزل مرسي، والمشاركة في استفتاء على دستور جديد، وخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهو أمر بعيد المنال على ما يبدو في ضوء تمسك جماعة الإخوان بـ«الشرعية»، وبقاء مرسي كجزء من مسار الحل السياسي.

وعزل مرسي عقب احتجاجات شعبية واسعة خرجت في 30 يونيو (حزيران) الماضي، وأنهت عاما من حكم جماعة الإخوان، اصطدموا خلاله بمؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء والجيش.

وتعمل جماعة الإخوان حاليا تحت مظلة «تحالف دعم الشرعية وكسر الانقلاب». وأطلق قيادات التحالف الذي يضم إلى جانب جماعة الإخوان أحزابا إسلامية صغيرة، رؤيته «الاستراتيجية للمرحلة المقبلة»، التي تضمنت الدعوة إلى بدأ حوار شامل مع قادة الجيش وقوى سياسية، مشترطا تهيئة المناخ اللازم لذلك.

وطالب التحالف في مؤتمر صحافي عقد بالقاهرة أمس بـ«توفير مناخ الحريات اللازم للعملية السياسية بوقف نزيف الدم المصري ووقف حملات الكراهية التي تبثها أجهزة الإعلام، ووقف الاعتقالات والتلفيقات الأمنية والإفراج عن المعتقلين بعد 30 يونيو 2013 وعودة بث القنوات الفضائية المغلقة».

وأضاف ضمن قائمة الشروط التي وضعها لضمان بدء الحوار السياسي، «إقرار القيم الحاكمة اللازمة للحوار، والعودة إلى الشعب واحترام إرادته واعتماد مبدأ المصارحة والمكاشفة معه».

وفي تعليق على المبادرة الإخوانية، قال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة تعلم أن الجيش لا علاقة له بالسياسة، وأن الجهات المعنية بالأمور السياسية هي الرئاسة والحكومة، واصفا تصريحات قادة التحالف بأنها «مناورات» ومحاولات يائسة لاستنزاف مرحلة التحول التي تمر بها الدولة وفقا لخارطة المستقبل التي تتضمن تعديل الدستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

من جانبه، قال مصدر حكومي مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن رؤية الحكومة واضحة بشأن عدم استبعاد أي فصيل سياسي ينخرط في مسار التحول الديمقراطي الذي تحدد عقب ثورة 30 يونيو.

وتابع: «أي حديث آخر يبتعد عن الاعتراف بشرعية ثورة 30 يونيو واعتماد خارطة المستقبل هو لغو لا يجب التوقف عنده».

وتأتي المبادرة الإخوانية التي تفتقر عمليا لأي جديد بحسب المراقبين، في وقت بدأت فيه الحكومة المدعومة من الجيش في تحقيق تقدم طفيف على الصعيد الاقتصادي بعد أن رفعت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» تصنيفها لديون مصر طويلة وقصيرة الأجل بالعملة المحلية والأجنبية للمرة الأولى بعد ستة تخفيضات متتالية. وأقرت الحكومة تحديد حد أقصى للأجور إلى جانب الحد الأدنى الذي أقرته في وقت سابق، مما عزز من صورتها أمام الرأي العام، فيما اعتبر خطوة على طريق تحقيق العدالة الاجتماعية.

وأعربت قيادات حزبية عن أسفها أمس مما اعتبرته خلو المبادرة الإخوانية من جديد يمكن البناء عليه. وقال خالد داود القيادي في حزب الدستور الليبرالي، إن اللغة التي يستخدمها التحالف لا تزال على حالها، ولا نلمح في خطابهم اعتذارا عما حدث من انقسام عميق في البلاد يتحملون هم المسؤولية الأكبر عنه.

من جانبه، قال قيادي في حزب النور السلفي إن حزبه يرحب بأي حوار يؤدي إلى حلحلة الأزمة الحالية، لكنه أعرب في الوقت نفسه عن خيبة أمله من إصرار جماعة الإخوان على عدم قراءة الواقع على نحو صحيح، مؤكدا أنه لا يمكن الحديث عن عودة الأوضاع إلى ما قبل 30 يونيو.

وتقبع معظم قيادات جماعة الإخوان في السجون حاليا على ذمة قضايا جنائية، ومن بين تلك القيادات الرئيس السابق مرسي، والمرشد العام للجماعة محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر الذي ينظر إليه باعتباره الرجل القوى داخل الجماعة، وعدد كبير من أعضاء مكتب الإرشاد (أعلى سلطة تنفيذية)، والقيادات الرئيسة في المحافظات.

ويرى مراقبون أن الممارسات القمعية لجماعة الإخوان خلال عام من حكمها تقطع الطريق أمام احتمالات قيام تحالف جديد بين قوى ثورية تتحفظ على الأداء الأمني للسلطة الحالية، مما يقلل إلى حد بعيد من فرص نجاح الحوار الوطني.

ويعكس تراجع جماعة الإخوان عن المشاركة في إحياء الذكرى الثانية لمقتل نشطاء في شارع محمد محمود، في 19 من الشهر الحالي، عمق الخلافات بين القوى الثورية وجماعة الإخوان.

وفي غضون ذلك، واصل طلاب منتمون إلى جماعة الإخوان مظاهراتهم أمس في عدد من الجامعات. وتتحول مظاهرات طلاب الإخوان في الغالب إلى مواجهات مع طلاب مؤيدين للسلطات الجديدة.

وللمرة الثالثة منذ عودة الدراسة في البلاد تدخل قوات الأمن لفض اشتباكات داخل حرم الجامعات، حيث طالب رئيس جامعة الزقازيق أمس بتدخل قوات مكافحة الشغب للسيطرة على اشتباكات داخل الحرم الجامعي.

على صعيد آخر، أوصى تقرير قضائي غير ملزم بحل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، التي صدر بحقها حكم بحظر نشاطها. وأوصى تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا، أمس بإصدار حكم بانقضاء حزب الحرية والعدالة، وتصفية أمواله، وضمها لخزينة الدولة، مشيرا إلى أن الحزب أصبح منقضيا ولا قيام له في الواقع أو القانون، وذلك بحكم قيام «ثورة 30 يونيو»، التي يعد من آثارها الحتمية انقضاء ذلك الحزب، وأنه ينبغي على المحكمة أن تكشف عن ذلك الانقضاء في حكمها.

وكان القضاء الإداري قد أصدر حكما مماثلا بحل الحزب الوطني الديمقراطي الذي قاد البلاد خلال عقود حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، عقب قيام ثورة 25 يناير قبل نحو ثلاثة أعوام.

وأشار التقرير إلى أن حزب الحرية والعدالة هو الذارع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والأداة السياسية لها التي تعبر عن إرادة مكتب إرشاد الجماعة تحت رئاسة المرشد العام الذي يتلقى البيعة على السمع والطاعة من أعضاء الجماعة.

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..