القادم هو الأقبح

محور اللقيا

إن مترادفات الأحداث منذ بداية هذا العام تشير إلى دلائل ما هو قادم في نهاية النفق، و إن قرائن الأحوال تدل على أن القادم هو الأقبح! مهما ذهب بنا التفاؤل المرتجى لصلاح الحال فإن واقعية الأحداث تعتصرنا الماً لأن الذي تقع عليه المعاناة أكثر هو المواطن المحتضن جرح الوطن و المغلوب على أمره . المعاناة لم تفارق المواطن و لكنها منذ بداية هذا العام إستحكمت حلقاتها و جعلتنا نتوقع صعوبة القادم …

1) لقد أثبتت موازنة العام 2018 قصورا منذ الشهرين الأولين لتطبيقها، و قد تم سد العجز الذي بها عن طريق رفع قيمة الجمارك و رفع الدعم عن القمح و الدواء و رفع قيمة الدولار الجمركي و خفض قيمة الجنيه و تعويمه مقابل العملات الصعبة، فأدت هذه الإجراءات إلى إرتفاع الأسعار و وقع عبء هذه الإجراءات على كاهل المواطن البائس الذي صار حقا جملا للشيل .

2) كانت محاولات الحكومة كسب المواطنين عن طريق برامجها الإسعافية لتقليل معاناتهم بتلقي بعض القروض و الودائع التي تساعد في ردع الإرتفاع الجنوني للعملات الصعبة مقابل الجنيه و لكن لم تكن النتيجة ذات أثر للمواطن لأن ما من سلعة قد إنخفض سعرها بعد إرتفاعه و بذلك إستمر جمل الشيل في شيله .

3) تمخضت عبقرية إقتصاديي الإنقاذ في تثبيت قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الصعبة عن طريق تجفيف السيولة بواسطة البنوك من السوق و من المواطنين و محاربة تجار و سماسرة السوق السوداء داخل و خارج السودان و وضع العقوبات الرادعة لهم . نتيجة لذلك لم يتمكن المواطنون من سحب أموالهم المودعة في البنوك إلا بمقادير بسيطة تقرها تلك البنوك و جفت السيولة من صرافات البنوك و في أحسن الفروض صارت تحدد الصرف بمبالغ ضئيلة لا تزيد عليها، و النتيجة أن فضل المواطنون الإحتفاظ بما لديهم من سيولة نقدية في خزائن في بيوتهم، و ظهرت في السوق تجارة صرف الشيكات للمحتاجين خارج البنوك.

4) أزمة الوقود التي إستفحلت و لا زالت مستمرة قيل أن سببها توقف مصفاة الجيلي عن العمل بسبب الصيانة الدورية، مع أنه عند توقف المصفاة صرح المسؤولون أنهم قد عملوا إحتياطاتهم لتغطية كل إنتاج المصفاة عن طريق التخزين في مستودعاتهم وعن طريق الإستيراد .
5 ) كثر الحديث عن الفساد و تم الإعتراف به و تم قبض مجموعة من القطط السمان و لا زالت عمليات القبض مستمرة و تكونت محاكم المال الحرام و سوف يدر ذلك دخلا كثيرا للدولة عند إرجاع المال المسروق كما حدث في المملكة العربية السعودية.

6) في الأيام الماضية فجر وزير الخارجية المقال إبراهيم غندور قنبلة عدم قدرة النظام على دفع رواتب العاملين في البعثات الديبلوماسية و في السفارات في دول العالم طيلة السبعة أشهر الماضية، و كأنه كان في كلامه قد كشف سرا خطيرا من أسرار الدولة فأدى ذلك إلى إقالته.

7) الإعتماد على المواطنين في سد العجز . كل ما أوردته في النقاط الست أعلاه أرى أن وراءه عامل مشترك بينهم يتجلى في العجز المالي للدولة في تسيير أعمالها، و على ذلك فسوف تزداد الإتاوات على المواطنين لسد العجز الحكومي، و سوف تزداد تكلفة مستلزمات العلاج في المستشفيات الحكومية مع زيادة مطردة في المستشفيات الخاصة، و سوف ترفع قيمة الإيجارات للمواطنين في عقارات الدكاكين التابعة لوزارة التربية و التعليم رغما عن أن المواطنين هم الذين قاموا ببنائها، و سوف تكون هنالك زيادات مترادفة في اسعار الخضروات و الفواكه و اللحوم و السلع التموينية دون رقيب أو حسيب، و حتما سوف يكون القادم هو الأقبح للمواطن الذي صار يتناول وجبة واحدة في اليوم و يعاني من الهزال و ضعف الدم مع إنعدام خطط التنمية و زيادة الإنتاج، و سوف يزداد حمل جمل شيل المواطن حتى يصل إلى القشة التي تقصم ظهره!

أخيرا أكرر و أقول: إن الحل لكل مشاكل السودان السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية يكون في العودة إلى مكون السودان القديم وهو التعايش السلمي الديموقراطي بين العروبة و الأفريقانية و التمازج بينهما في سبيل تنمية الموارد و العيش سويا دون إكراه أو تعالٍ أو عنصرية . قبل ألف عام كانت في السودان ثلاث ممالك أفريقية في قمة التحضر، و طيلة ألف عام توافد المهاجرون العرب إلى الأراضي السودانية ناشرين رسالتهم الإسلامية و متمسكين بأنبل القيم، فكان الإحترام المتبادل هو ديدن التعامل بين العنصرين العربي و الأفريقاني مما أدى لتمازجهم و كان نتاجه نحن، و أضحت هويتنا هي السودانوية . إن العودة إلى المكون السوداني العربي الأفريقي اللاعنصري تتطلب تغييرا جذريا في المفاهيم و في الرؤى المستحدثة و في الوجوه الكالحة التي ملها الناس !

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الحل في ذهاب النظام بأكمله فحتى العقلاء من نافذى المؤتمر الوطنى، لو كان هنالك عقلاء، قد أدركوا ذلك لكن ماذا سيفعلون مع محكمة الجنايات الدولية ومطالبة أمريكا بعدم ترشح البشير لإنتخابات 2020؟؟

  2. الحل في ذهاب النظام بأكمله فحتى العقلاء من نافذى المؤتمر الوطنى، لو كان هنالك عقلاء، قد أدركوا ذلك لكن ماذا سيفعلون مع محكمة الجنايات الدولية ومطالبة أمريكا بعدم ترشح البشير لإنتخابات 2020؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..