زولة عملية

ظل الشاب في ردهة فندق بالدوحة يمطرني بفعائل الإنقاذ المنكرة في الوطن. ولا أدري إن كان يظن بيّ الغفلة عنها أم أنه تفريج هم. ولما بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين قلت له:”هل مطلبك وطن تحسن إليه أم نظام حكومي تلعنه؟” وكان الشاب أريحياً. قال لي إنه لم يفكر في الأمر على هذا الوجه من قبل.
كان للإنقاذ مثل هذه المعارضة التي “تعدد” خطاياها الكوم وأخطاءها الردوم آناء الليل وأطراف النهار. وقد نأيت عنها حتى قبل ميلاد الإنقاذ. وسميتها المعارضة الرسمية للنظام. وضربت الأمثال في فساد خططها. فلما أكثرت من لعن النظام، لا عشق الوطن، حكيت لها قصة مفتش البريطاني بريف السودان. كان متى استمع إلى متظلم ملحاح يحشد الظلومة في الظلومة قال له:”والله يافلان إنت مظلوم كتير”. فيجد فلان الراحة وربما لم يجد العدل. ولما لم أجد فرقاً بينها وبين الإنقاذ يغري الناس بإتباعها حكيت قصة عن أمي عن الرجل الذي طلق إمرأة قبيحة وتزوج بأخرى قبيحة. فقالت:”لكين يا بنات أمي هو طلق دي لشنو وعرس دي لشنو؟”. ولما وجدت المعارضة ترمي بعجزها على الأنقاذ لأنها سدت عليها أبواب الممارسة السياسة (كأن هناك حكومة ظلامية تأذن بمثل ذلك حباً منها وكرامة!) ذكرتها بقصة من قصص الرومان. قيل إن الفرس جاؤوهم في عقر دارهم وأصلوهم ناراً كثيفة حتى قال أحدهم للقائد الروماني إنهم حجبوا بسهامهم عنا عين الشمس. فقال القائد: “سنتعلم الحرب في الظلام”. وشبهت حالهم بحال الوالدة. كانت متى ما طلبنا منها أن “تدير” شيئاً قالت إنها “زولة عملية”. وكانت تلك العملية في أوائل الستينات وعاشت الوالدة حتى 2007. وحين أُجريت لي عملية في العام 2010 قال لي أحد الأهل: “بقيت زول عملية مين زيك”. ألا ترى أنني لم احتج لغير الفكر الروماني وفكر والدتي لأنتبذ المعارضة الرسمية للإنقاذ قصيا.
أخطأت المعارضة الرسمية في أمرين. فهي لم تحسن تشخيص الحالة السودانية. فقد ظنت بعد “الجغمسة” السياسة لعقود بعد الاستقلال أن ثمة فرقة ناجية. أي أنه بوسعنا أن نلعب لعبة معارضة-حكومة. فلم تعترف بأن الناس جربت أطراف النزاع السياسي في الحكم والسياسة وما بينهما ولها سوء ظن مشروع في رهن مستقبلهم بأيهم. فالمعارضة والحكومة في حالة “إرهاق خلاق” كما قلت في كتاب معروف. ومصاب البلد في الإنقاذ بالطبع التي حملت الأزمة الوطنية العامة إلى غايتها القصوى. وسمى الأستاذ نقد الحالة ب”توازن الضعف”. وفي مثل هذه الحالة كان “الصلح أولى” لأن استمرار النزاع يفضي إلى التهلكة. وذكرتهم ب”قانون الحفر” من أدب الأمريكيين ومؤداه إن وجدت نفسك في حفرة فأول ما تفعله هو أن تتوقف عن الحفر. ولم نفعل.
أما خطيئة المعارضة الثانية فهي أنها عديمة فاعلية. وقصصت عليهم خبر إدوارد سعيد حين ضرب مثلاً بالمعارضة الفاعلة والخاملة. قال إن فلسطينياً في أول قدوم الصهاينة صرح أنهم لو أطلقوا عليهم أولاد فلان فسيطردونهم من الأرض شر طردة. وهذه استهانة بالعدو وهي خمالة. أما الفاعلة فضرب سعيد لها باجتماع ما تدراس الحضور مسألتهم فيه بعناية وقوة. وأعفاني زعماء المعارضة أنفسهم بزعمهم هذه الأيام “إعادة اختراع” أنفسهم . . . لا العجلة. ولا أتفاءل ولكن أنتظر شريطة ألا تحصوا أذى الإنقاذ عددا. فلم تخرجوا لحكومة تلعنونها بل لوطن تحبون ويستحق تضحيات جسام.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. وهل تهمك المعارضة في شئ يا عبدالله علي ابراهيم؟ انت ليست جزء منهابل احد اسباب توازن الضعف … ظللت ترسل سهامك يمنى ويسى في ظهر المعارضة … والله انا لم اجد انسانا يحسن ثقافة اللزوجة مثلك …

  2. وليم فوكنر في صخب وعنف
    قصة اسرة تعيش بقيم تجاوزها الزمن
    محمد ابراهيم نقد وأمك وادورد سعيد تجاوز الزمن قيمهم. قال امي قالت.

  3. مقاله جميله كما. ألفتاه الجميلة، مشكلتنا فى السودان منذا ان دخلنا مرحله الإنقاذ منذا اكثر من عشرون عاما ، بداء الانسان فاقدا الصبر زاهدا عن الفلسفة والادب.
    متعك الله بالصحه وأعاد لنا الصبر والعلم.

  4. ذكر مساؤي النظام يعكر صفو نفوس المرتجفين والمرجفين ،، تريدنا أن نغفل عن مساؤي الانقاذ بإدعائك هذا فنكون قد أرحناهم ممن يذكرهم بجرائمهم ليناموا غريري العين،، ولا بد من صنعاء وإن طال لاسفر،،

  5. إذا يا دكتور تكون الدكتورة التي طالبت بعودة الاستعمار هي الاعقل من كل مخرجات التعليم السوداني منذ كتشنر وحتى ثورة تعليم ابراهيم احمد عمر التي نهايتها حرائق اشجار التمر،،،

    نصيحتك للشاب جميلة ( هل مطلبك وطن تحسن إليه أم نظام حكومي تلعنه؟) ،، ولكن كيف تكون الموازنة بين نظام يلعننا نحن ويجلس على صدر وطن نريد أن نحبه بأعيننا لا بأعينهم،،

  6. الوطن الحسن والحكومة اللعينة توأمان متطابقان يمكن ان يتعايشا جنبا لجنب في امان وسلام ويا دار ما دخلك شر! هذا ما يريدنا الاستاذ المتجل ان نفهم وساق الينا امه رحمها الله وادوارد سعيد حبا وكرامة ! هذا الجدل الاوراطيقي لا يمكن ان بقتع بطنا خاوية لان الجوع لا يخرج من اكاديميات الجامعات ! يا دكتور والله هؤلاء المساكين الذين جلهم لايفكون حرفا اكثر ثقافة في ما يليهم من كل حكماء التاريخ .انك تحاول ان تحل مسألة بطن جائعة بمعادلة رياضية . يا دكنور ! والله عيب !

  7. خلاص إترشح تاني و لم الناس قدام بيتك و قول إتبرعوا لي زي المرّة الفاتت عشان أترشح ليكم و أنقذكم من الإنقاذ و المعارضة يا روح أمّــــك

  8. وانت مساهمتك شنو ياباحث “السحر عند الرباطاب” غير الهمز واللمز والطعن والتشكيك واحباط الهمم؟
    لافرق بينك وبين المومس وعلى الاقل الاخيرة تفعل ذلك لظروف معينة اما انت فغارق فى اللواط الفكرى حتى وجهك الامرد

  9. “ألا ترى أنني لم احتج لغير الفكر الروماني وفكر والدتي لأنتبذ المعارضة الرسمية للإنقاذ قصيا. ”
    انتبذت قصيا ياحرامى النحاس لانو الانقاذ بترمى ليك الرطب “الفاسد”

  10. دا يسموهو شنو يا بنات امي، كلام الطير في الباقير ؟!!….

    عفوا دكتور لم أفهم شيئا .. يبدو انه عصي على ادراكي المتواضع…

  11. “فلم تخرجوا لحكومة تلعنونها بل لوطن تحبون ويستحق تضحيات جسام.”
    اى بكتابة الترهات وانت جالس مرطب فى بيتك بميسورى
    سيب ال Navelism بتاعك ده يا نرجسى

  12. “وقصصت عليهم خبر إدوارد سعيد” لا يا شيخ بالله إنت بتعرف إدوارد سعيد؟؟ طيب ما تبقى شجاع مثله فهو على الأقل لم يتزحزح في قول الحق بشأن إسرائيل الغاشمة بالرغم من صداقات التى لا تحصى مع نجوم المجتمع الإسرائيلي و لعل ذلك هو السبب في أن إسرائيل منعت دفنه فيها, يعنى يا ألمعى إسرائيل كانت تخشى إدوارد سعيد حيا و ميتا. أما إنت فأقعد سافر كل ويك إند للخرطوم و أظهر في تلفزيوناتها و أكتب في جرائدها الصفراء و شتم في المعارضة و ثبط همم البسطاء بكلامك الفطير و أعمل لي فيها أبو عرام. و الله د. عمر القراي و الأسمو حمادة ما غلطانين لما مسحوا بيك الأرض

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..