نبدأ من الصفر!

تابع الكثيرون باهتمام لقاءات الأمين العام للمؤتمر الشعبي علي الحاج مع قيادات الجبهة الثورية، ولأن للشعبي اتصالات مستمرة مع الحركات وعلى نحو خاص بين أمينها العام وقيادات الحركات المسلحة، توقع الناس أن تُثمر اجتماعات ?بون? التي انفضت أمس الأول بمواقف جديدة وواضحة وقاطعة.
ليس فقط لأن علاقات الشعبي النوعية مع الحركات، بل لأن التوقيت الذي جرى فيه اللقاء لا يقبل إلا الخروج برؤية إسعافية سريعة.
بيان أقل من عادي، اتفق الطرفان على المتفق عليه، الجميع ينشد السلام والحريات، حتى أن كثيرين ظنوا أن اختراقاً مهماً حدث لكن الطرفان فضلا كتمانه.
لكن الواقع أن اجتماعات ?بون? كانت تحصيل حاصل، الشعبي حمل حقيبته من الخرطوم إلى بون ليعرض للجبهة الثورية أن تؤيد وتبارك مخرجات الحوار الوطني وأن تكون المرجعية، بل ومناقشة خوض انتخابات 2020م ربما وفقاً للشرط الذي سبق وأن اشترطه عرمان.
لكن الجبهة الثورية تمسكت بمرجعية خارطة الطريق الأفريقية، كما أنها لم تكن طرفاً في الحوار الوطني فكيف لها أن تؤيد مخرجاته وتحتكم إليها كمرجعية؟.
لكن بعيداً عن تباين المرجعيات، هل لا يزال حزب المؤتمر الشعبي يعتقد أن هناك حواراً ومخرجات؟.
في الوقت الذي تحاول قيادات الشعبي في مدينة ?بون? الألمانية أن يقنعوا الجبهة الثورية باعتماد مخرجات الحوار، كان قياداته هنا في الخرطوم تُمنع أمنياً بعدم التحدث في ندوة، وكان طلابه تسيل دماؤهم، وكانت صور زعيمهم الراحل تُحرق وتُمزق.
إذا كان المؤتمر الشعبي لا يستطيع حماية طلابه ولا يستطيع توفير مستوى من حرية التعبير لقياداته، فكيف له أن يضمن مخرجات حوار مُزقت في لحظتها.
كان حري بالشعبي أن يتحاور مع حكومته المشارك فيها وينتزع منها التزامات وضمانات تُرى على أرض الواقع، بدلاً من تسويق مخرجات حوار لم تُعد تُذكر حتى في صفحات الصحف.
الوضع الراهن، لن يجذب حزباً ولا حركة، كما أن المؤتمر الشعبي أصبح نموذجاً لتأكيد أن السلطة غير آبهة وليس لديها أدنى درجات الجدية في أن تتجه لحل مشكلات البلاد.
إن كان حزب المؤتمر الشعبي، أكبر أحزاب الحوار، وله ثقله الخاص، ومع ذلك لم يستطع أن يُحقق الحد الأدنى من ?ورقة الحريات? التي طرحها في الحوار، فكيف يسوّق بضاعة هو لا مالكها ولا مشتريها.
يُمكن للمؤتمر الشعبي أن يفعل ما استطاع على تهيئة الوضع، لكن هذا يتطلب أن يحقق الاختراق الفعلي وينتزع القرارات انتزاعاً.
التيار