سقوط الاقنعه

اذا لم تكن ثوريا وتدعى الثورة يصعب عليك إذن البقاء والصمود فيها حتى النهايات، ويستحيل عليك ان تمضى فى تمثيل دور الثورى الوطنى المخلص المنسجم مع مبادئه حتى نهاية المسيرة، لان ذلك موقف يحتمل مخاطر كثيرة بما فيها الموت.
والمتدثرون بثياب الثورة لاغراضهم الخاصة هم اكثر الناس حرصا على الحياة لانهم يريدون ان يجنوا ثمارها على اعجل ماتيسر وهم على قيد الحياة دون ان يصيبهم اى اذى (سليمين) لانهم جاءوا بدوافعهم الذاتية الخاصة وفى حساباتهم بأن الثورة مجرد سلم للصعود والتسلق يدفع بهم الى تحقيق مآربهم الشخصية السلطوية والمالية الخ ..لذلك لايستطيعون تحمل قساوة المشوار ومغامراته الصعبة.
وفى اللحظات الحالكة والحرجة يساورهم التردد والخوف والجبن وهنا تسقط اقنعتهم المزيفة ويصبحون على اجندتهم التى جاءوا من اجلها.
وكلما زادت منعطفات الثورة وابتلاءاتها وطال امدها تراهم يترنحون ويصبحون اكثر واقيعه مع حقيقة اهدافهم الذاتية، خصوصا مع تصاعد حدت سطوة العدو وجبروته القاهر ونهجه العدوانى القمعى الباطش تجاه الخصوم، فلم تقوى ارادتهم الخائرة على المقاومة فالانكسار خيارهم الوحيد يتساقطون بطريقة اشبه بتساقط أوراق الاشجار اليابسة وقت العاصفة الهوجاء يسرعون الخطو نحو العدو (المؤتمر الوطنى) استسلاما ويرتمون فى احضانه بلا حياء ولا خجل ضاربين عرض الحائط بكل النضالات البطولية والتضحيات الجسام التى قدمت فى سبيل تلك القضية العادلة ويقضون طرفهم عن معاناة شعبهم المغلوب على امره الصابر القابع حاليا بمعسكرات الجوء والنزوح والاهدف النبيلة التى راحت فى سبيلها الارواح والمهج، يختزلونها فقط فى اطار المساومة والاستيعاب الوظيفى الديكورى الهايف والمشروع الوطنى العريض ذو الرؤية الاستراتيجة الشاملة الفاحصة لم يساوى عندهم الا جزيئات بقدر قصر نظرهم ومحدودية طموحاتهم وضيق افقهم المصحوب بالانانية وحب النفس وكل القيم تصبح عندهم مبتذلة ومنتهكة تماما وتكون همومهم الشاغلة هى المساومة التى تفضى بهم الى الشراكة السياسية الرخيصة . لذا يصدرون البيانات ويقيمون المؤتمرات الصحفية مبررين لسلوكهم الارتزاقى الانتهازى المزل والمهين لهم قبل غيرهم، بحجة أن البيئة التظيمية الداخلية لمكوناتهم الثورية اصبحت طاردة تنعدم فيها المؤسسية، هى اسطواناتهم مشروخة وتبريرات واهية مكررة ظل يطلقها كل من اراد خيانة مبادئه الثورية ورغب فى الانضمام الى العدو، وان كانوا صادقين فى صحة مايقولون من انتقادات لماذا لم يسلوكوا نهج الاصلاح الداخلى فى مؤسساتهم الثورية حتى يتفادوا الاخطاء ويقيمون المسيرة ؟؟
ثانيا لماذا لم يؤسسوا لهم مسارا ثوريا يتجاوزوا فيه اخفاقات التجربة الاولى ويواصلون نضالهم ضد المؤتمر الوطنى حتى الانتصار يكون نموزجا يحتذى به يخلو من الازمات وجازبا للاخرين ويثبت مصداقيتهم فى النقد.
لكن قناعاتنا بأن هذا التساقط وفى هذا التوقيت بالذات لم يكن عملا معزولا او محض صدفة ولكنه نشاط استخباراتى هدام يوجهه العدو ضد حركة العدل والمساواة الفتية وما تحريك (قوصاته) بالانشقاقات فى هذا الظرف إلا سلوكا مفضوحا ومكشوف قصد به ارباك المشهد والايحاء للراى العام بأن هنالك انهيار تنظيمى تعيشه الحركة وربطه ميدانيا (بالنخارة) لتتكامل صورة، وهذا حلم صعب المنال ولكن مهما فعلتم ستظل الحركة عصية عليكم وتكون نهايتكم المحتومة بيدها.
سقوط المتساقطون لن يذيدنا الا ثباتنا على المبدأ وحيظل إيماننا بحقوقنا العادلة راسخ لن يتزعزع، وبخروج المتخازلين سوف يستعيد الجسد الثورى عافيته ونكون تخلصنا من اكبر الطوابير والمندسين الذين عانت منهم الثورة كثيرا، والان تعيش الثورة حالة الغربلة الحقيقية (الفلترة) وفرز الكيمان وتمايز الصفوف والنضال مستمر والنصر حليفنا وليخسأ الخاسئون.
بابكر حمدين
[email][email protected][/email]