أخبار السودان

السياحة الآثارية في السودان: آفاق مستقبلية

بروفيسور عبد الرحيم محمد خبير

مقدمة:
الموقع الفريد للسودان في قلب القارة الإفريقية وغناه بالموارد الطبيعية (محميات طبيعية وثروات حيوانية ونباتية ومنتجعات سياحية) والثقافية المتمثلة في التراث المندرس (الآثار) والمعاش (الفلكلور ) يجعله دون شك مركزاً للجذب السياحي. ولقد أصبحت السياحة ظاهرة إقتصادية وإجتماعية بل وقطاعاً إنتاجياً بالغ الأهمية حيث تدخل في العديد من القطاعات الاقتصادية لما تدره من عملات حرة بل وأصبحت صناعة قائمة بذاتها ونوعاً من تجارة التصدير حيث تشكل أكبر بند منفرد في حركة التجارة العالمية.
وسيقتصر الحديث هنا على المكتشفات الأثرية وكيفية توظيفها لخدمة التنمية السياحية في السودان لاسيما وأن هذا القطر غني بآثاره ومعالمة التاريخية. ولقد أماطت المكتشفات الأثرية اللثام عن العديد من الحضارات السودانية منذ فجر عصر ما قبل التاريخ وإلى العصور التاريخية اللاحقة والتي قامت بأدوار مهمة في مسار الحضارة الإنسانية. وتركت هذه الحضارات العديد من الآثار الشاخصة وأنواعاً متنوعة من الآثار المنقولة.
وعرّفت الأمم المتحدة ومنظمة السياحة العالمية السياحة بأنها الانتقال من مكان الإقامة الدائم إلى مكان آخر بهدف إشباع حاجة أو رغبة. وبسبب التغيرات التي طرأت على السياحة الدولية مثل التكتلات الإقتصادية التي ساهمت في فتح الحدود وإلغاء القيود على السفر بين دول المجموعة الاقتصادية الواحدة، فضلاً عن اعتماد تأشيرات موحدة لهذه الكتلة للدول من خارج المجموعة ، مما يسمح بإمكانية قيام السائح بالتجوال في عدة دول بقصد زيارة منتجع معين ، أو مدينة لعدة أغراض ، مثل التسوق أو حضور المهرجانات أو الإطلاع على معالم آثارية. وبسبب التغيرات السابقة أصبح تعريف السائح يشمل الزائر ليوم واحد (Day -Trip).

الواقع السياحي للآثار السودانية:
رغم أن السودان غني بمواقعه ومستوطناته ومعالمه الأثرية ((مواقع عصور ما قبل التاريخ، حضارات كوش (كرمة ونبتة ومروي) ، مواقع العهد المسيحي والمواقع الإسلامية)) غير أنها لم تستغل سياحياً ولم يستفد منها ثقافياً أو إقتصادياً بشكل كافٍ . وإذا قارنا حالنا بالجارة الشقيقة مصر ، نلحظ أنها إستفادت أيما فائدة من آثارها التاريخية في المجال السياحي، فعدة ملايين من السياح تفد سنوياً لأرض الكنانة للإستمتاع بكنوزها الأثرية بسبب العناصر الجاذبة للسياحة من طرق ، ووسائل نقل، وترحيل وسكن (فنادق وموتيلات) ويدعم كل ذلك إعلام سياحي مكثف . وساعد مجمل هذه الظروف على تطور السياحة بوجه عام والسياحة الآثارية على وجه الخصوص، والتي تدر على مصر ثمانية مليار دولار سنوياً . أما السياحة الآثارية عندنا فلا تزال في مراحلها الأولى إذ لا يتعدى عدد السياح سوى نذر يسير (3137 زائراً: إحصائية عام 2006م وإرتفع إلى 700ألف زائراً عام 2014م ) مقارنة بالملايين التي تزور مصر سنوياً. ولا يتخطى دخلها بضعة ملايين ضئيلة من العملات الصعبة. وتذكر بعض التقارير الرسمية السودانية أن دخل السياحة (البيئية،البحرية والصحراوية والآثارية) قد إرتفع من 262 مليون دولار عام2008م إلى 753 مليون دولار للعام 2014م. وهذا التقدم الملحوظ وإن كان لايلامس سقف طموحاتنا فهو مدعاة للتفاؤل، فبلادنا تستبطن نهضة إقتصادية شاملة في القطاع السياحي في المستقبل المنظور. وثمة إشارة هامة وهي أن الآثار السودانية وبخاصة الموجودات الشاخصة (أهرامات ، مدافن ، معابد ، كنائس ومساجد تاريخية) لا تقل رقياً وإعجازاً معمارياً فنياً وتقنياً عن نظيراتها في العالم.

خطوات تطوير السياحة الآثارية:
لتطوير السياحة الآثارية في السودان لابد للجهات المختصة (وزارة الآثار والسياحة والبيئة والهيئة القومية للآثار والإدارات وأقسام الآثار بالجامعات السودانية ? الخرطوم وجوبا ودنقلا وشندي والنيلين) أن تعمل على ترقية الآتي:

1/ المواقع الأثرية:
ويلحظ أن معظم الطرق المؤدية للمواقع الأثرية غير مسفلته (ترابية) مما يعوق التنقل وانسياب الحركة السياحية. لذا يتوجب تأهيل هذه الطرق بغرض إنسياب السواح لكافة المواقع والمعالم الأثرية بكل سهولة ويسر.

2/ المتاحف:
والمعروف أن المتحف يسهم في تلبية رغبة السياح في المعرفة والإطلاع والإكتشاف. ورغم قلة الإمكانات وجب التنويه بالدور الذي تقوم به الهيئة القومية للآثار والمتاحف في تسهيل زيارات المتاحف (متحف السودان القومي ، متحف الخليفة عبد الله بأمدرمان والمتاحف الإقليمية ? شيكان بالأبيض ? والسلطان علي دينار بالفاشر إضافة إلى متحف جبل البركل). بيد أن عدد الزوار سواء من الداخل أو الخارج قليل نسبياً ودون الطموحات. وحان الوقت لإصلاح حال المتحف القومي واجهة البلاد الثقافية بتجديد مبانيه وصيانة للمعثورات الأثرية بأحدث الطرق التقنية الحديثة. وفضلاً عن ذلك لابد من إعادة النظر في أنماط المقتنيات الأثرية وكمياتها وتوزيها الجغرافي وإكمال النقص في المعروض المتحفي ليشمل كل ولايات السودان .
3/ صيانة وترميم الآثار:
رغم ما تقوم به الهيئة القومية للآثار والمتاحف من مجهودات مقدرة لصيانة العاديات ،فإن الوضع الحالي للمقتنيات السودانية يتطلب مضاعفة الجهد الرسمي والشعبي (القطاع الخاص) مع العمل على إستقطاب الدعم الخارجي والترويج الإعلامي للمشروعات التي تتطلب الصيانة والترميم للحفاظ على إرثنا الحضاري التليد.
4/ قيام البنيات الأساسية:
وتشمل هذه البنيات إقامة منشآت السياحية الداخلية سواء أكانت وسائل إيواء مناسبة (فنادق ، موتيلات، قرى سياحية وبيوت شباب… الخ) أو خدمات الطعام والشراب في المراكز السياحية الآثارية ، تنشيط مكاتب السياحة ومنظمي الرحلات السياحية، تشجيع الإستثمار في القطاع السياحي الآثاري والإستفادة من المؤتمرات ووسائل الإعلام الخارجي لجلب السياح للسودان.
5/ المعلوماتية والإنترنت:
ثمة إقتراح يتواءم وروح العصر وهو ضرورة إطلاق مواقع على الإنترنت بلغات حية (العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والصينية) تعد متحفاً رقمياً شاملاً للآثار السودانية منذ عصور ما قبل التاريخ وإلى العصور التاريخية المتأخرة مثلما فعلت جمهور مصر العربية بالتعاون مع إحدى شركات الكمبيوتر العالمية ليؤدي هذا المتحف الرقمي الفضائي دوره في إثراء التعليم والسياحة والنهضة الثقافية في السودان.

6/ تأهيل الكادر السياحي الآثاري:
وهذا يتطلب إضافة إلى التأهيل العلمي النظامي فتح أقسام السياحة والفندقة في المؤسسات الجامعية السودانية ، ضرورة تدريب الإداريين والمرشدين السياحيين السودانيين في مجال العمل السياحي الآثاري وصقل تجربتهم بالدورات التدريبية في الداخل والخارج.
ما تم إيراده آنفاً من خطوات عملية لتطوير العمل السياحي الآثاري يتطلب تضافر كافة الجهود الرسمية والشعبية. وأشير هنا إلى اللجنة الوزارية التي تشكلت بقرار من مجلس الوزراء رقم (456) لسنة 2003م ثم القرار الوزاري رقم (521) لسنة 2003م والتي عقدت عدة اجتماعات وانبثقت عنها لجان ذات إختصاصات محددة وهي لجان لإستقطاب الدعم الداخلي والخارجي ، الإعلام والترويج والدراسات والمشروعات والتنسيق والمتابعة. والمأمول أن تؤتي مجهودات هذه اللجان أكلها في المستقبل المنظور لتطوير السياحة الآثارية في هذا الوطن العزيز والله المستعان.

تعليق واحد

  1. كيف يكون لدوله سياحه اذا لم تكن هناك شركه طيران او مطار يستقبل طائرات كبيره ،وليس هناك فنادق في كل المناطق ،اضف الي ذلك السودان ليس لديه سفارات وقنصليات في اغلب الدول،اضافه ان الطاقم الدبلوماسي لا يليق بتمثيل دوله!
    في احدي زياراتي الي السودان ،ذهبت إلى قنصلية في احدي من دول الخليج العربي،دفعت مبلغ 100$ ،رسوم التاشيره ولم احصل علي ايصال مالي لدفع المبلغ
    كل شي ممكن في سفارات وقنصليات النظام السوداني

  2. أيهاالإخوة الكرام أنا أقيم حاليا في دولة تعبر السياحة فيها المورد الأول وهي ماليزيا، فإذا قارنا بينها والسودان بالنسبة للآثار السياحية فالسودان يتفوق عليها من حيث وجود الأسباب السياحية في الحضارات والآثار والإهرامات وكل ما من شأنه جلب السياح ولكن ماليزيا تتفوق على لسودان بالبنية السياحية إذاً لوقامت البنية التحتية للسياحة في السودان من طرق وفنادق ومدن سياحية آمنة سيتفوق السودان على جميع الدول التي تعتمد ميزانياتهاعلى السياحة نرجوا الإهتمام بهذا القطاع الحيوي .

  3. شكرا يا بروف عبد الرحيم على هذا المقال الرائع، وإن كان هذا ليس وقته، لآن مقومات السياحة يجب ان يخلقها المواكن ويتمتع بها هو أولا ومن ثم يفكر في تسويقها عالميا.
    فبالله عليك كيف تكون هنالك سياحة في السودان ووزيرها شكله وملبسه وتفكيره ومظهره بصورة عامة ليس سياحي . ؟
    السياحة يا بروف تحتاج للدميقراكية وحرية الديانات والحركة والتنقل والأمن والأمان . فلا يعفل أن تتطلب من الناس أن يذهبوا لمناطق الأجرام والنهب والفساد والأرهاب والتعذيب وكبت الحريات والديانات . فمثل هذه الأماكن يجب عليك أولا يا بروف تسويقها للأصحاب الفلم والكاميرا ليظهرا حقيفتها للعالم المتحضر حتى يتمكن من مساعدة شعوبها للتخلص من حكوماتها الفاسدة ومن ثم النوض بوطنهم في جميع النواحي بما فيها السياحة .

  4. السلام عليكم
    قبل سنتين تقريبا انشاءت موقع للسياحة عن السودان, وقد حاولت مع جميع الجهات للتعاون فى الخرطوم و بورتسودان لجذب السواح من اوربا, لم اجد اى اهتمام, على الرغم من بساطة الطلبات !!!!
    بالمناسبة انا لسع محتفظ بالموقع, اذا فى واحد عاوز يتاعون فى ازدهار السياحة بالسودان, وزيادة دخله!!

  5. مش عايز فى الاول واحد يفهم شنو هى السياحة حتى يتم تنفيذ المشاريع شوف وزارة السياحة عندك عاملة كيف ولاتنسوا حلايب سودانية

  6. بالنسبة للسياحة بدري علينا الحديث في هذا الشأن. و لا أدري ما فائدة إنشاء وزارة للسياحة و السياحة لا تساهم بنصيب ملموس في الدخل القومي؟!
    بلدنا لا يعرفه الكثيرين و لا يعرفون شيئآ عن تاريخه و دوره الحضاري,رغم ما يكتبه باحثينا من بحوث تاريخية و جغرافية و أنثربولوجية.نحن في حاجة إلي التعريف ببلدنا للأجانب و هذه مهمة الإعلام و الدعاية.
    لا تتوفر لدينا الإمكانات اللازمة لجذب السياح إلي البلد. لا فنادق في مناطق الآثار و لا تسهيلات في السفر و غيره.غذن كيف سيفد السياح ليزوروا بلدنا؟!
    توجد لدينا في دنقلا العجوز آثار منذ العصر المسيحي و العصر الإسلامي و منها جامع دنقلا العجوز الشهير و هو في حاجة إلي ترميم لحفظه من الضياع. و توجد بعثة بولندية تأتي في موسم الشتاء من كل عام و تنقب في المنطقة. و منذ عشرين سنة أزاحت البعثة الرمال عن دير قبطي يعود تاريخه إلي ستمائة سنة خلت, اي أواخر أيام المسيحية في دنقلا.تم ترميم بعض جوانب الدير بالمواد المحلية و أمامه مقابر النصاري و هي مبنية بالأسمنت.شكل الددير يبدو من الداخل و كأنه بني حديثآ و عليه صور مريم العذراء.

  7. كيف يكون لدوله سياحه اذا لم تكن هناك شركه طيران او مطار يستقبل طائرات كبيره ،وليس هناك فنادق في كل المناطق ،اضف الي ذلك السودان ليس لديه سفارات وقنصليات في اغلب الدول،اضافه ان الطاقم الدبلوماسي لا يليق بتمثيل دوله!
    في احدي زياراتي الي السودان ،ذهبت إلى قنصلية في احدي من دول الخليج العربي،دفعت مبلغ 100$ ،رسوم التاشيره ولم احصل علي ايصال مالي لدفع المبلغ
    كل شي ممكن في سفارات وقنصليات النظام السوداني

  8. أيهاالإخوة الكرام أنا أقيم حاليا في دولة تعبر السياحة فيها المورد الأول وهي ماليزيا، فإذا قارنا بينها والسودان بالنسبة للآثار السياحية فالسودان يتفوق عليها من حيث وجود الأسباب السياحية في الحضارات والآثار والإهرامات وكل ما من شأنه جلب السياح ولكن ماليزيا تتفوق على لسودان بالبنية السياحية إذاً لوقامت البنية التحتية للسياحة في السودان من طرق وفنادق ومدن سياحية آمنة سيتفوق السودان على جميع الدول التي تعتمد ميزانياتهاعلى السياحة نرجوا الإهتمام بهذا القطاع الحيوي .

  9. شكرا يا بروف عبد الرحيم على هذا المقال الرائع، وإن كان هذا ليس وقته، لآن مقومات السياحة يجب ان يخلقها المواكن ويتمتع بها هو أولا ومن ثم يفكر في تسويقها عالميا.
    فبالله عليك كيف تكون هنالك سياحة في السودان ووزيرها شكله وملبسه وتفكيره ومظهره بصورة عامة ليس سياحي . ؟
    السياحة يا بروف تحتاج للدميقراكية وحرية الديانات والحركة والتنقل والأمن والأمان . فلا يعفل أن تتطلب من الناس أن يذهبوا لمناطق الأجرام والنهب والفساد والأرهاب والتعذيب وكبت الحريات والديانات . فمثل هذه الأماكن يجب عليك أولا يا بروف تسويقها للأصحاب الفلم والكاميرا ليظهرا حقيفتها للعالم المتحضر حتى يتمكن من مساعدة شعوبها للتخلص من حكوماتها الفاسدة ومن ثم النوض بوطنهم في جميع النواحي بما فيها السياحة .

  10. السلام عليكم
    قبل سنتين تقريبا انشاءت موقع للسياحة عن السودان, وقد حاولت مع جميع الجهات للتعاون فى الخرطوم و بورتسودان لجذب السواح من اوربا, لم اجد اى اهتمام, على الرغم من بساطة الطلبات !!!!
    بالمناسبة انا لسع محتفظ بالموقع, اذا فى واحد عاوز يتاعون فى ازدهار السياحة بالسودان, وزيادة دخله!!

  11. مش عايز فى الاول واحد يفهم شنو هى السياحة حتى يتم تنفيذ المشاريع شوف وزارة السياحة عندك عاملة كيف ولاتنسوا حلايب سودانية

  12. بالنسبة للسياحة بدري علينا الحديث في هذا الشأن. و لا أدري ما فائدة إنشاء وزارة للسياحة و السياحة لا تساهم بنصيب ملموس في الدخل القومي؟!
    بلدنا لا يعرفه الكثيرين و لا يعرفون شيئآ عن تاريخه و دوره الحضاري,رغم ما يكتبه باحثينا من بحوث تاريخية و جغرافية و أنثربولوجية.نحن في حاجة إلي التعريف ببلدنا للأجانب و هذه مهمة الإعلام و الدعاية.
    لا تتوفر لدينا الإمكانات اللازمة لجذب السياح إلي البلد. لا فنادق في مناطق الآثار و لا تسهيلات في السفر و غيره.غذن كيف سيفد السياح ليزوروا بلدنا؟!
    توجد لدينا في دنقلا العجوز آثار منذ العصر المسيحي و العصر الإسلامي و منها جامع دنقلا العجوز الشهير و هو في حاجة إلي ترميم لحفظه من الضياع. و توجد بعثة بولندية تأتي في موسم الشتاء من كل عام و تنقب في المنطقة. و منذ عشرين سنة أزاحت البعثة الرمال عن دير قبطي يعود تاريخه إلي ستمائة سنة خلت, اي أواخر أيام المسيحية في دنقلا.تم ترميم بعض جوانب الدير بالمواد المحلية و أمامه مقابر النصاري و هي مبنية بالأسمنت.شكل الددير يبدو من الداخل و كأنه بني حديثآ و عليه صور مريم العذراء.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..