الإمدادات الطبية أو الصندوق السحري

قبل سنوات زارني بروفيسور محمد إبراهيم الشوش غاضبا من أن جهة ما قد استغلت اسمه وموافقته المبدئية ومضت في تنفيذ إجراءات إصدار مجلة ثقافية.. دون الرجوع إليه مطلقا.. غير أن غضبة بروف الشوش قد بلغت مداها وكاد أن ينفجر غيظا.. على غيظه.. حين اكتشف أن الشركة التي يفترض أنها تصدر مجلة ثقافية ضخمة باسم السودان.. تنافس العربي والدوحة.. قد نص قانونها على أن الشركة تعمل كذلك في تجارة التوابل والبهارات.. تذكرت تلك الواقعة وأنا أقرأ قانونا جديدا صدر.. على عجل.. بمرسوم دستوري اسمه.. قانون الصندوق القومي للإمدادات الطبية.. فقد نص هذا القانون كذلك على أن الصندوق له أن يتملك الأراضي والعقارات ويشتريها ويبيعها ويبني عليها إلى آخر القصة..! أي أن الصندوق لن ينافس شركات الأدوية (المسكينة) فحسب.. بعد أن أطلق هذا القانون يده في شراء الأدوية واستيرادها دون قيود ولا حدود.. بل من حق الصندوق أن ينافس الشركات العقارية كذلك.. وليس هذا كل شيء في هذا القانون الذي صدر على عجل.. عكس ما يحاول أن يروج البعض.. حين يساوون بين قانون صادر عبر مساره الطبيعي وبعد فحصه وتمحيصه في البرلمان.. وبين قانون صادر عن الجهاز التنفيذي فقط.. ويظل السؤال الأكثر إلحاحا.. لمَ تعجلت الإمدادات الطبية ومن خلفها.. أو من أمامها ربما.. وزير الصحة الاتحادي على إصدار هذا القانون بمرسوم ودون انتظار البرلمان.؟ سيما أن مشروع القانون كان قد أودع بالفعل منضدة البرلمان.. وليس هذا كل شيء.. فإذا كانت الإمدادات الطبية في نظر الكثيرين هي تلك المؤسسة الحكومية التي ترعى مصالح الفقراء حين توفر لهم الأدوية.. أو بعضها مجانا.. فإن تعريفا جديدا قد حمله قانون الصندوق نص على.. تحقيق الأمن الدوائي القومي وتوفير المنتجات الطبية بنظام استرداد التكلفة تأكيدا للدور الخدمي والاستراتيجي للصندوق.. وهذا النص يعني أن الصندوق الذي هو مؤسسة حكومية قامت على عرق هذا الشعب وكده وكدحه.. أعطاها القانون حق القول إن.. كل شيء بحقه.. ووداعا للمجاني.. أما المفارقة فتتجلى حين تمد مادة أخرى في ذات القانون لسانها لحكاية استرداد التكلفة.. فتكشف النوايا الحقيقية.. فأقرأ المادة الخامسة البند (ط) والذي ينص على.. بيع المنتجات الطبية للوحدات الصحية والمؤسسات الحكومية والاستفادة من عائد البيع في تغطية التشغيل والتنمية والتوسع الرأسي والأفقي بالصندوق وتحسين وتطوير الإمداد الطبي في البلاد.. فأي عبقري هذا الذي سيقنعنا أن استرداد عائد التكلفة فقط كفيل بتحقيق كل ما نص عليه البند (ط) في المادة (5) من القانون الجديد.؟

ودعك من كل هذا.. ودونك الخطة الخفية لتحطيم قطاع الدواء الخاص بتحويل الإمدادات الطبية إلى منافس يحميه قانون بلا سقف.. ووضع الإمدادات الطبية فوق الجهاز الرقابي المجلس الاتحادي للصيدلة والسموم.. بل إن القانون قد حول الإمدادات الطبية إلى صندوق سحري.. بداخله كل شيء.. وليس أدل على ذلك من نص القانون.. وتخويله للصندوق حق شراء الأدوية المسجلة وغير المسجلة.. ولا تحدثني عن الضوابط.. فما أسهل التحايل.. حين يحمي ظهرك القانون!.. ولنا عودة.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. ما فتح الله من رحمة فلا ممسك لها
    المهم حصر الادوية غير المسجلة ومحاولة شرعنتها لانها قد تفيد ايضاء الضرر يتم معرفته بسرعة في الغالب اذا تم ذلك او لم يتم في بلد اهمل انسانه النفع ما يسعئ له بالشرعنة السليمة باسس علمية والبلاد بها امكانيات كافية فان لم توجد ماليزيا موجودة بالله كم من الابراج تملك يا نديدي ههههههههههههههههه

  2. المشكلة شنو ؟؟ في عهد الانقاذ ممكن ورشة حدادة تبيع جبنة
    بعدين انت صحفي بعت جريدة الاخبار ب 800 مليون للجاهل صديق ودعة بأمر من نسيبك البشير

  3. انت يا استاذ لطيف قالوا ليك البصلى الصبح حاضر و يحصل الريس بمرر الدايرو بلا برلمان بلا لمة

  4. وأين الملحق الصحفى بروفسير الشوش اليوم؟ هل عاد أدراجه لكندا بعد أن ركله عصابة الإنقاذ؟ الرجل بحت بيديه ورجليه كى يتم تعيينه سفيرا بمصر ولكن الحركة الشعبية وقفت له بالرصاد، هذه نهاية العنصرية ولا بد أن يدفع العنصرى ثمن عنصريته طال الزمن أو قصر.

  5. الحق في شراء العقارات وبيعها يعني…ببساطة…التمهيد وبالقانون لبيع موقع الامدادات الحالي الذي يسيل له لعاب تجار الدين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..