فضيحة الجامعات والانتخابات

من حسن الصدف أن صادفت برنامج ” الشروق مرت من هنا ” نهار الجمعة الماضية ولفت انتباهي تزاحم الناس حول مقدمه وكان موضوع الحلقة يتعلق بالانتخابات مما جعلني أنتظر قبل أن أضغط على الريموت لتجاوزه إلى ما ينفع .. لكني وللحقيقة فقد وجدت فيه من الإمتاع والمؤانسة ما يكفي للمتابعة وذلك لطرافته وللمعلومات القيمة التي تجعلك تضحك وإن بلغ بك السأم مداه.
البرنامج كان ضمن البرامج الدعائية للمشاركة في الانتخابات التي لا يعلم أحد عنها شيئا وما إذا كانت ستعقد في السودان أم أذربيجان.
وكان البرنامج يسأل عن حملة يقيمها ما يسمى ” الاتحاد العام للطلاب السودانيين ” تحت شعار ” شارك ” ويهدف من خلالها حث الطلاب على المشاركة وشرح نظام التصويت.
كل ما سبق ليس هو بيت القصيد إنما كانت القصيدة العصماء هي حفلة الابتهاج حينما تحلق الطلاب ذكورا وإناثا وموظفين حول مقدم البرنامج وكانوا من جامعة النيلين وجامعة السودان وتعالوا نستمع لنوابغ المستقبل.
كان السؤال عن السن القانونية التي تمنح الناخب حق التصويت وهنا انبرى طلاب الجامعات في تكرار ممل للإجابات الخاطئة والاختراع المدهش لإجابات عبيطة ، كان بينهم طلاب في الدراسات الإسلامية وآخرون في القانون وهؤلاء تحديدا قالوا إن السن القانونية تتراوح بين ثلاث عشرة وسبع عشرة سنة مع هوادة شوية ” للمرأة ( من تلتاشر لي سبعتاشر أو كما قالوا ) وممكن تزيد وتنقص على حد قول القانوني الضليع محامي وقاضي ومفتي الديار في المستقبل وكادوا أن يقولوا بحسب الحجم والوزن وإذا كان بمقدورها أن ” تنط العتبة ” .. هذا مستوى طلابكم يا حكومة الإنقاذ.
والأنكى من ذلك أن الطلاب لم يعرفوا موعد الاقتراع رغم كل هذا الهوس والضجيج الإعلامي حيث سأل المقدم مجموعة أخرى عن ميقات الانتخابات وتعال لترى عجائب الإبداع الذي كشف عورة الحكومة والتعليم معا وبغض النظر عمن قالوا تواريخ ما أنزلت بها هيئة الانتخابات تعميما ولا تصريحا ولا صدح بها تلفزيون السودان والقنوات التي تدور في فلكه والإذاعات صباح مساء إلا أن المفارقة أن أغلب من أجابوا كانوا يجهلون متى تقام الانتخابات .
ونقول ليس في ذلك عيب كبير حيث أنه تاريخ لا يستحق أن يحفظه الطلاب ، لكن ما يدعو للعجب والشفقة أن معظم الطلاب الجامعيين كانوا لا يعرفون أي شهر من الشهور هو فبراير فقد أجاب بعضهم أن الانتخابات ستجرى في 13 فبراير وبعضهم 14 فبراير وكرر آخرون كلمة فبراير وهم لا يعلمون أن شهر فبراير قد انقضى بل بلغ الجهل بأحدهم وهو يسمع لآخرين يجيبون بكلمة شهر أربعة أن قال تقام في فبراير أيوه شهر أربعة !!!
شهر أربعة هذا الذي يعتقد بعضهم أنه فبراير هو شهر ينبغي على كل سوداني أن يحفظه قبل غيره من الشهور إنه شهر ” انتفاضة أبريل ” التي أطاحت بالنميري وهو أيضا شهر ” كذبة أبريل ” أي الشهر الذي سيشهد أكبر كذبة في التاريخ هذا العام بالإعلان عن فوز البشير ومرشحي المؤتمر الوطني بأغلبية كاسحة بتأييد منقطع النظير من الشعب السوداني الذي لم يصوت.
ونخلص من تلك الحلقة الجميلة أنها كشفت لنا الآتي :
– أن حكومة الإفك التي تزعم أن لديها عشرة ملايين مسجلين في المؤتمر الوطني ليس من بينهم طلاب الجامعات وإلا لكانوا على الأقل على دراية بموعد حفلة الكذب الكبرى.
– أن الطلاب والذين يفترض أن يكونوا طليعة المجتمع المثقفة وقادته قد بلغ بهم السأم مداه من هذه الحكومة بدليل أنهم لا يعرفون عنها أي معلومة ولا يريدون معرفتها.
– أن إعلام الحكومة الفاشل جعلها كمن تؤذن في مالطا بحيث فشلت حتى في إدخال أبسط المعلومات عنها وعن انتخاباتها في أذهان العامة والطلاب ولو على قاعدة ” التكرار يعلم الــ …. ” وما أكثرهم.
– أما المصيبة الكبرى التي لا تدخل في باب التكهنات فهي مصيبتنا الكبرى في مخرجات التعليم في السودان ممن يدرسون في بقالات التعليم التي يسمونها جامعات بحيث لا يعرف الطالب يناير من فبراير ولا يفرق بين الرئيس عبود واللاعب جقدول فما بالك إن سئل عن سارة نقد الله وسارة جاد الله وآمال جبر الله، فمن المؤكد أنه يعتبرها ” غلوتية ” واتسابية انسيابية …. وهلم جرا .
الشروق مرت من هناك .. لكنها مرت على خيبتكم وجهلكم وضعفكم حكومة وطلابا وعندما استمعت لأولئك الطلاب فقدت الأمل في أن يكون هؤلاء وقود الثورة المنتظرة أو التغيير المنشود ولا حول ولا قوة إلا بالله.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. والله عداك العيب يا الكلس
    إنا لله وانا اليه راجعوان فى الشعب بأجمعه نساء ورجالا وشبابا
    الطلاب … ياحليل زمن التعليم
    والنتيجه باينه قدام عيون الكل لا أحد ينكر …
    حمونا الشب ولاد الكلب عشان الشعب يحرن تب !!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..