مقالات سياسية

ثم ماذا بعد أديس؟

قالوا انك تستطيع ان تخدع بعض الناس بعض الوقت ، بل وكل الناس بعض الوقت ، ولكنك لاتستطيع ان تخدع كل الناس كل الوقت !
غير ان اسلاميى السودان كادوا يطيحون بهذه المقولة ، فقد بدأوا الخداع بالانقلاب (غير الاسلامى ) ، ثم فى انهم أتوا لخدمة الناس ولذلك فان القادة سيظلون كما هم ، يسكنون حيث هم ويأكلون الفول والطعمية ، كما كانوا يأكلون . غير ان الانقلاب اصبح اسلاميا عالميا يدعو كل اهل ملته للعيش فى السودان والاكل اصبح أكل فلوس (عديل !) . واخيرا الخداع الجد فى المصالحات المضروبة مع المعارضين والتى أتخذت شكل الاستفراد بكل جهة لمعرفة مفاتيحها ثم الاطاحة بها بعد الفتح!
وهكذا دواليك .. مرت ستة وعشرون سنة ونحن على هذا الحال .. من انخداع الى آخر ..الى ان تعلمنا فردا فردا .. ولذلك عندما جاءت حكاية الحوار الواثب ، رفضت كتلة كبيرة من المعارضة التى فهمت اللعبة الدخول اليه الا اذا توفرت شروط ضرورية ليكون حقيقيا ومنتجا .. ورفضت بالطبع هذه الشروط من قبل المخادعين الدوليين بسبب بسيط ، وهو ان قبولهم بما اسموه شروط مسبقة يعنى بداية النهاية وفيه خروج عن الاستراتيجية الاستفرادية ! ولذلك فقد جمعوا الموالين وحاولوا الاستفراد بماتبقى من حزب الامة . ولكن شاءت الظروف الامنية ان ينكشف الامر لحزب الامة قبل الدخول فى الغريق .فقد ثبت له ان المطالبة ببسط الحريات هو شرط لازم لحوار حقيقى يتكلم فيه الناس بالخشم وليس الاشارة بعد تكميم افواههم ! فقد ادخل زعيم الحزب، الذى آمن بالحوار ودعا اليه ودافع عنه دفاع المستميت ، أدخل السجن بسبب كلمات قلائل قالهن قبله أحد زعماء الحزب الحاكم وماجاته ايتها عوجة !
ثم جاءت المحاولة الاخيرة التى شارك فيها المجتمع الدولى من خلال الافريقية رفيعة المستوى وواحدة من أقوى دول الاتحاد الاوروبى وبموافقة مسبقة (تحت تحت ) من الحكومة السودانية ، وهى المحاولة التى انجبت ( نداء برلين ) ، والتى حملتها ثلة من كبار موظفى الخارجية الالمانية ، وتمت الموافقة على مبادئها من قبل الحكومة . ولكن بعد ضرب اخماس فى اسداس وجد حكماء الحكومة ان الذهاب الى أديس يعنى الانتحار . ففى هذه المرة قد لاتسلم الجرة ، حيث انه :
– ستأتى معارضة موحدة استوعبت الدرس بما يكفى لكيلا تخدع للمرة الكم وعشرين .
– المعارضة ورعاة اللقاء متفقون على الاسس التى تضمن حوارا حقيقيا منتجا
– مافى طريقة للاستفراد
ثم ان الحكومة وجدت فى الموقف الجديد الذى نشأ من زيارة الرئيس الى السعودية وانقلاب اللامعقول فى موقف الحكومة من الصراع العربى / الايرانى ، بمايمكن ان يصبح طوق النجاة من الزنقة الحالية ، ومن الانتحار المؤكد فى حالة الذهاب الى أديس ، ظنا منها :
– ان هذا الموقف سيجلب لها من المساعدات الاقتصادية والاستثمارات بما يفك الضائقة بل ويحل الازمة حلا جذريا ، وبالتالى ينزاح أحد العناصر الدافعة للانتفاضة
– أيضا تأييدا سياسيا من المجموعة العربية يزيح كابوس الضغط الدولى على الرئيس ومساعديه المطلوبين للعدالة الدولية
– ربما يكون واردا ايضا امكانية استخدام قوة التدخل العربية المزمع انشاؤها لقمع التمردات الداخلية المسنودة من الخارج (مثل جنوب السودان!) كأحد مهددات الامن القومى العربى الذى أصبح السودان فى قلبه ، اوكمايقال هذه الايام !
ولكن قد تبدو هذه الظنون بعيدة عن امكانية التحقق من وجهة نظر أخرى ولعدة أسباب :
أولها:ان الازمة الاقتصادية السودانية ليست وليدة نقص الموارد المالية كسبب رئيس وانما بسبب طريقة التصرف فى هذه الموارد . اذ ان الموارد التى جاءت من البترول والقروض والمعونان والضرائب والمكوس والزكاة وتحويلات المغتربين والذهب ..الخ كانت كافية للنهوض بعدة بلدان ولكنها عوضا عن ذلك نهضت بعدة اسر وحلال !
ثانيها :ان سياسات ماسمى بالتحرير الاقتصادى التى تصر عليها الدولة برغم خطلها البين،قادرة على بعثرة ماسيأتى. وهل سيأتى استثمار بالاوامر اذا كان مناخ الاستثمار عندنا يعج بكل ماطاب من فساد وحرب وسياسات لايحميها قانون .
ثالثها :ان التجربة الاخيرة للمجتمع الدولى والتى رفضتها الحكومة بعد قبول ، هذه التجربة فى وضع لايقبل منه الا الاقرار بان حكومتنا لن تقبل الا بما يبقيها فى السلطة الى الابد .
رابعها : ان الدول التى تم التحول اليها بشكل درامى ليست دول عبيطة .فهى على الاقل قد شاهدت كيفية التحول من اقصى الى اقصى بدون مقدمات وهو مايمكن ان يتكرر فى اى لحظة الى الاكثر اقناعا ! وهى تعلم ايضا ان بعض علاقات السودان هى من النوع الذى لايمكن الفكاك منه بسهولة مثل العلاقة الايرانية التى لها اطراف أخرى لاتقبل بتوقف امداداتها ، وكذلك العلاقات الاخوانية الدولية التى تضم دولا مثل قطر وتركيا .
خامسها : وهو الاهم وان جاء متأخرا وهو انه لم يعد امام المعارضة المتوحدة غير خيار الانتفاضة بعد وصول الاستراتيجية الخداعية الى محطتها الاخيرة !

عبدالمنعم عثمان
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ثم ماذا بعد أديس؟ الجواب المزيد من أديس وإذا كنت عاوز أديس تحل حاجة تبقى ما فاهم حاجة

  2. الانتفاضة الانتفاضة الانتفاضة الحلم الكبير هل صدقت توحدهم هذا معذور يا حاج لانك يظهر ما عاشرت هؤلاء, ناس المعارضة ديل ” تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ” هذا هو الوهم الكبير الذى نعيشه منذ الاستقلال دهاة الحكومة كانوا جزءا من تلك المنظومة فيشان كدى عاجننهم وخابزنهن وعارفنهن وسيبقوا شوكة حوت حنى ياذن الله فى امرنا ويا مهووسين الكى بورد عمكم دا لا جدادة لا مؤتمر ولا حتى اجتماع صغيرونى عمكم والحمد لله عايش هؤلاء من احزاب ومن اسلاميين ومن صوفية – ترقيت فيها لدرجة المقدم – منذ الستينيات وهذا هو الحال الكل داير يملا شبكتو من اللقيط ” السودان ” ولا عقاب ولا حساب لان ذلك ليس فى قاموس السودانيين الطيبين حتى العوارة وكفى عياذا بالله من شرورنا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..