
( لا تصالح وإن منحوك الذهب..
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أبدل جوهرتين مكانهما هل ترى ؟؟
هي أشياء لا تشترى ..
لا تصالح على الدمٍ .. حتى بدم
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟؟؟
كيف تنظر في يد من “قتلوك”.
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يأتيك من ألف خلف ..
لا تصالح ..
لو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ
والرجالُ التي ملأتها الشروخ
فليس سوى أن تريدْ
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيدْ
وسواك.. المسوخ )
الآن وقد أصرت مجموعة ” عسكر وحرامية ” على السيطرة على الحكم بالبندقية لم يتركوا خيارا للشعب سوى المقاومة السلمية حتى النصر .. إن قادة الانقلاب يفوّتون على أنفسهم في تعنت واضح فرصة ذهبية للقفز من السفينة الغارقة حتما وذلك بعدم الاستجابة “للواسطات” المحلية والدولية التي لم تنقطع ولم يلتفتوا للتهديدات الخارجية ” تحسبوا لعب ” وهم بذلك يترسمون خطى البشير ” وقع الحافر بالحافر ” حتى أتاه يقين الثورة ووعد الشعب الذي لا يكذب فعرف عندها ” أن الله واحد ” وأن الجعجعة والاتكال على البندقية وحدها لم يفده شيئا كما أن جوقة المطبلين والراقصين والهتيفة والدبابين وكتائب الحر وكتائب الظل كلهم فضلوا الانسحاب للظل وطلب السلامة أمام هدير صوت الشعب .. هؤلاء الذين يحملون البندقية يتعاملون بصلف وعنجهية وغباء وليتهم تدبروا التاريخ القريب جيدا .. فالنصر للهتاف في آخر المطاف .
إن إصرار العسكر على البقاء في سدة الحكم في محاولة لفرض الأمر الواقع وتشكيل مجلس سيادة مسخ لا يدل على قوة بل هو مؤشر ضعف شديد وخوف شديد ورعب أشد .. فالطغمة الغادرة تعلم جيدا المصير الذي ينتظرها .. فهم قتلة اعترفوا بقيامهم بجريمة فض الاعتصام وهاهم يقتلون مجددا بعد الانقلاب لذلك لم يبق أمامهم سوى الهروب للأمام بعد أن أيقنوا بعد حشود عبر حشود أكتوبر ونوفمبر ألا مساومة بشأن تسليم المدنيين رئاسة الحكومة ولأنه لم يعد بيدهم شيء للخروج من هذا المأزق ففكروا ودبروا وقرروا ، بترتيب مع التابعين ممن طالتهم شبهات الفساد من أمراء وأثرياء الحرب في الحركات المسلحة ودعم فلول النظام البائد ، الاستيلاء على السلطة وفك الشراكة مع المكون المدني .
لكن علينا الانتباه من خطورة ما يحاك وعلينا الحذر من الوقوع في فك التشتت والتفرق والتمزق وتعدد المبادرات والشعارات وإن كانت بحسن نية وليكن شعار المرحلة الموحد ضد الانقلاب ” يسقط بس ” مثلما توحد هتاف الشعب ضد طغمة الإنقاذ ” تسقط بس ” حتى سقطت .. كما يجب أن تخلص أي مبادرة إلى عودة الوثيقة الدستورية وإبعاد البرهان وأعوانه من مسرح الحكم.
إن أي حديث عن حلول ترقيعية لا تنتهي بإلغاء القرارات الانقلابية وعودة الحكومة التشريعية ومجلس السيادة ليتسنى بعدها النظر في التعديل والإضافة والتوسع ، تكون حلولا تصب في صالح الانقلابيين ومن يقف خلفهم. وعليه يجب التوقف عن طرح مثل مبادرات من قبيل عودة حمدوك لرئاسة الحكومة دون حكومته أو تعديل أو إلغاء الوثيقة الدستورية والاحتكام لوثيقة جديدة وغيرها من الأطروحات التي تساعد في إطالة عمر الانقلاب .
علي الشعب وقواه الديمقراطية الواعية وشبابه الثائر أن يعلموا أن المؤامرة أكبر من شعارات ما يسمى إصلاح المسار وأن الهدف خطط له الفلول الانقاذيون ويتم تنفيذه لصالحهم خاصة وأنهم تربطهم روابط وثيقة عقائدية مع الانقلابيين ومع جبريل إبراهيم وعلاقات مع أركو مناوي الذي كان مساعدا لرئيسهم وربما يعرفون عنه الكثير ولديهم وثائق بما أعطوه وما اتفقوا عليه معه لذلك رأينا دفاع الرجلين عن عودة الإخوان للمسرح والوقوف ضد إجراءات لجنة التمكين بحقهم وذلك قبل الانقلاب بفترة طويلة ويبدو أن مثل ” الكلب ينبح حرصا على ضنبو ” قد صدق فيهم .
إن خطر استمرار الانقلابيين في الحكم لعامين قادمين ، إن صدقوا ولن يصدقوا ، يعني أنهم سيشكلون حاضنة سياسية لهم من فلول الإنقاذ تحميهم من المساءلة عن جرائم فض الاعتصام وضحايا الانقلاب حتى بعد انقضاء فترتهم وسوف تكون فترة يسيطر فيها الإخوان مجددا على أجهزة الإعلام والساحة السياسية والندوات وستخرج الأموال الطائلة التي نهبوها من الشعب بعد إعادة معظم ما جردتهم منه لجنة التمكين لهم بالإضافة للأموال التي لم يتم وضع اليد عليها .. كل هذه الأموال وما رأيناها بعد الانقلاب في توفير السكر والوقود والسلع الضرورية ، كلها ستكون في ساحة المعركة المبكرة مع أحزاب لا تملك شيئا وكانت محظورة ومطاردة لثلاثين عاما والآن يعيد الانقلابيون ذات سيناريو المطاردة والملاحقة والاعتقال والقتل والبطش بالثوار ومكونات الحرية والتغيير الرافضة للانقلاب وذلك يتمكن الإخوان من التحرك بطول البلاد وعرضها ودفع الأموال وشراء الموالين وتمكين أعوانهم وهذا لا يحتاج لتفكير أن يقرأ المرء خارطة ما بعد الفترة الانتقالية التي ستأتي حتما بالإسلاميين القتلة للسلطة .. وهي عودة ستكون هذه المرة أسوأ من سابقتها وسيرى شعبنا منها الويل والثبور وعظائم الأمور .. لذلك يجب أن تكون الوقفة ضد الانقلاب جادة وحازمة وحاسمة وأن يكون الشعب وشبابه وقود ثورته جاهزين بنفس طويل لمصادمة ومنازلة أصحاب البنادق مهما كانت التضحيات.
إن الإنقلابيين في ورطة حقيقية ولن يتمكنوا من إدارة الدولة إن أحسن المعارضون من الأحزاب والمهنيين إدارة المعركة فهي معركة ليست سهلة مع عدو قوي يلجأ للبندقية والاعتقال في كل الأحوال ولن يستمر هذا التماسك الذي يبديه العسكر وقد أكلت دابة الأرض منسأتهم التي يتكلون عليها .. فنظامهم آيل للسقوط ولا يحتاج الأمر إلا لمزيد من الصبر والمصابرة والمثابرة .. فهم محاصرون من الخارج والداخل وكل ما يساعدهم على البقاء الآن هو قطع الانترنت وحجب الاتصالات بين قطاعات الشعب .. لكن حتى متى سيظل يفعل ذلك ؟؟ وحتى متى سيتحمل خسائر قطع الانترنت ومنع انتشار المعلومات للعالم .. ؟؟ لقد قال شعبنا كلمته الحاسمة برفض سلطة العسكر حين خرج في 21 و30 أكتوبر ز13 نوفمبر وسيخرج مجددا في نوفمبر وديسمبر ( شهر الثورة وشهر سقوط الصنم العسكري الأكبر .. فهل من مدّكر ؟؟ ) ..
لقد كان طوفان الجماهير الثائرة والرافضة لإجراءات الانقلابيين ضربة قاضية للعسكر وأعوانهم فقد خرجت الجماهير من كل حدب وصوب في العاصمة المثلثة وأريافها وفي مختلف مدن السودان الحرة وفي عواصم كثيرة في العالم رغم أن السلطات العسكرية الخائفة المرتعبة واصلت قطع الانترنت بل قطعت الاتصالات الداخلية وأوقفت الرسائل ويكفي ذلك شهادة ودلالة على ضعفها وخوفها من أن يشاهد العالم شعب السودان وهو يرفض سلطة أرباب البنادق وأصحاب السوابق من المجرمين ولكن سمع العالم صوت الشعب بما تيسر وعرف الانقلابيون وأعوانهم قدرهم وحجمهم وأنه لا مكان لهم بيننا رغم ما استخدموه من أساليب البطش ومحاولة منع التجمعات من الوصول لنقاط التجمع واستخدام قنابل الغاز والرصاص المطاطي والرصاص الحي فزاد المجرمون حصيلة جرائمهم بمزيد من الدماء الطاهرة التي روت الأرض الطيبة وليعلم المجرمون أن هذه الدماء والأرواح البريئة ستظل تطاردهم في صحوهم ومنامهم ولن يروا في أحلامهم غير حبال المشانق طال الزمن أم قصر .. ولن يهزم شعب هؤلاء الشباب وقود ثورته الظافرة المنتصرة.
التحية لأرواح الشهداء والعار للقتلة الذين يرعبهم صوت الهتاف.
وليكن شعاركم الموحد يسقط حكم العسكر .. ” يسقط بس ” .. وموعدكم النصر .
أبو الحسن الشاعر
“…. كما يجب أن تخلص أي مبادرة إلى عودة الوثيقة الدستورية وإبعاد البرهان وأعوانه من مسرح الحكم….”
الوثيقة ، بنصوصها ، لا تبعد البرهان ….