دارفوريون في مناطق خاضعة للنظام

بنظرات متحسرة تنظر أم مصطفي إلي موكب سيارات مؤيدي النظام السوداني وهو يمر مطلقا أغاني وشعارات تمجد الرئيس السوداني عمر البشير.

ثم تتوقف عن الكلام ليحكي وجهها المرهق قصة مأساتها, والتي إن قيست بغيرها من مآسٍ, حلت بأقاربها وجيرانها تكون الأفضل وتحمد الله علي ما هي فيه. أم مصطفي لم يتجاوز عمرها العقد الرابع لكنها تبدو وكأنها في شيخوختها جراء الأمراض التي أصيبت بها أثناء الحصار, فهي أرملة ولديها ثلاث بنات وولدان مراهقان. وحوصرت في منطقة شرق جبل مرة بقرية “فنقا”, مع أسرتها لأكثر من ثلاثة أشهر من قبل مليشيات النظام, حتي خرجت من المنطقة قبل الأيام.

تقول أم مصطفي: “أكلنا في شهر أول بليلة الذرة, وخلال الأشهر الثلاثة اللاحقة كنا نبحث عن بقايا الذرة بين الركام, وآخر شهر لم يبقي لنا سوي الملح والماء”. وعندما تمكنت من الخروج إلي الفاشر مع بناتها فقط بقي نجليها في الداخل المحاصر, وهي الآن تتأسف لأنها خرجت.. “فالجوع أرحم من ذل التشرد, بل أرحم من هؤلاء الذين يغنون ويرقصون في الشوارع من أجل انتخابات عمر”.

فهل تشارك أم مصطفي في الانتخابات؟ تتجمد عيناها ولا تملك إجابة لهذا السؤال, لتستدرك بعد تفكير: “لا أعرف, عندما خرجنا من الحصار كنت مع مجموعة نسوة, وأجبرونا عند الحاجز الأمني “البوابة” أن نهتف لعمر البشير فهتفنا, وإن أجبرت علي انتخابه سأنتخبه إذا كان المقابل أن أعود وأسرتي إلي بيتي”.

وارتفعت في شوارع الفاشر لافتات عملاقة تعلن “مبايعة” البشير في الانتخابات المقررة بعد غدا الأثنين, بالإضافة إلي لافتات “خجولة” للمرشحين الآخرين.

ويقول الحاج هارون (72 عاما): “لن أشارك في هذه التمثيلية السخيفة. لم يعد لدي ما أخسره, فأولادي وعائلاتهم تشردوا داخل البلد وخارجه. بيتي تهدم وورشة العمل نهبت وأحرقت وزوجتي قتلت ولم يبقي لدي شئ, فلماذا أشترك بتمثيلية مفضوحة؟”. وأضاف: “هم يكذبون علي العالم, وأنا لا أريد أن أكذب علي نفسي”.

إلا أن الحاج هارون, لا يصرح بهذا الرأي إلا أمام أشخاص موثوقين, ويكتفي بالتمني: “الله يخلص هذا البلد من محنته”.

أما سارة لجارته الطالبة الجامعية, فهي وزملاؤها لا يريدون لإشتراك في “المهزلة”, لكنهم يتخوفون بشكل جدي من تبعات مقاطعة الانتخابات التي يعدونها “محنة”.

وتقول الشابة سارة: “استشهد اثنان من أشقائي واعتقل الثالث وتشردت عائلتي, لن أنتخب البشير أو أي مرشح هزيل من أعوانه, لكني لا أنكر أني خائفة في حال لم أشارك مما قد ألقاه. إذا اضطررت فربما أشارك بورقة بيضاء”.
زميلتها سعدية تحضها علي المشاركة لأن برأيها, أن “المقاطعة قد تجبر تبعات سيئة, لكن مشاركتها لن تغير أي شئ في نتائج الانتخابات المحسومة سلفاً لصالح البشير, لذا فمن الأفضل اختيار السلامة الشخصية”.

في المقابل تتحدث سلوي. م (موظفة حكومية) عن الانتخابات السودانية بوصفها “انتصارا” علي المعارضة. وتؤكد أنها ستشارك هي أولادها وجاراتها وزميلاتها في العمل, لأن السودان برأيها “يستحق رجلاً مثل الرئيس البشير يحميه ويدافع عنه”.

وعن رأيها بالمرشحين الآخرين تجيب ساخرة: “من؟ وهل هناك مرشحون غير الجنرال عمر”. وتتابع: ” لا بأس بأن يرشح آخرون أنفسهم للرئاسة, لكن لا أحد يعرف عنهم شئياً”. ويتفق عبدالله. ن مع زوجته سلوي في كل ما تقول, لكنه يبدو أقل حماساً وأكثر منطقية, إذ يسأل بداية “هل هناك خيار أخر؟ مبايعة البشير تعني أن الوضع باق علي ما هو عليه أو علي الأقل لن يذهب إلي الأسوأ”.

ويبث التلفزيون الرسمي السوداني تغطية خاصة بالانتخابات تتضمن لقاءات مع موظفين حكوميين. وأمس توجهت قناة الشروق المقربة من النظام بالسؤال إلي قيادات حركات مسلحة دارفورية الموقعة علي اتفاقيات مع النظام: “ماذا تريد من المرشح الرئاسي؟”.وجاءات مجمل الإجابات بأنها “مؤيدة للبشيرويعتبرون رئيساً قوياً يضرب المعارضة والفساد بيد من الحديد”, أما أغرب إجابة فكانت من أحد الثوار طامعاً للسلطة في المعارضة وفي النظام بأن “الانتخابات ركيزة أساسية للحياة الديمقراطية وإنعاش الحياة.. والبشير الشجرة الظليلة التي يظل فيه كل السودانيين!!!”.

تعليق واحد

  1. اهالي دارفور هم اغبياء متخلفون وغير مثقفون ويعانون من نقص في الشخصيه لا يفهمون ولا يدركون عن ما يدور من حولهم ساعه وموبايل وبنطلون ونظاره كل مايريدونه في هذه الحياة ان كانو معارضين او موالين اين هم الاوفياء لاسرهم لارضهم لتراثهم لمستقبل اولادهم لماذا لا يتحرك اهالي دارفور لحل مشكلتهم بانفسهم اثني عشره عاما حرب ودمار وماذا فعلوا قادة التمرد عاشوا وراء وهم احلام معارضي الداخل ونسوا قادة التمرد في دارفور ان معارضي الداخل هم بنوا جلدة البشير الذين ينظرون لهم بنفس نظرة البشير بانكم لا تستحقون الا الموت والدمار ولن
    فكروا قليلا يا اهل دارفور وهنالك الكثير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..