الطيب صالح.. نغمة من دقات قلب السودان

اليوم –

عاش حياته فى ترحال، شغلته قضايا أمته، التى جسدها ببراعة فى روايته “موسم الهجرة إلى الشمال”، التى ذكر علي كلامة فيها: “نحن بمقاييس العالم الصناعى الأوروبى، فلاحون فقراء، ولكننى حين أعانق جدى أحس بالغنى، كأننى نغمة من دقات قلب الكون نفسه”.

الطيب صالح، الذى تمر اليوم ذكرى وفاته، أديب عربى من السودان، اسمه الكامل الطيب محمد صالح أحمد، ولد فى إقليم مروى شمالى السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قرية دبة الفقراء، وهى إحدى قرى قبيلة الركابية التى ينتسب إليها، ولقب بـ”عبقرى الرواية العربية”.

تميزت الأعمال الروائية والقصصية للطيب صالح بأنها ذخيرة لا تنضب لبحث الباحثين نقادا كانوا أم مؤرخين، فهو عالم ثرى ملىء بقضايا إنسان العالم الثالث الذى آمن به الطيب صالح، وعبر عن همومه وآلامه، أفراحه وإحباطاته.

تُرجمت روايات الطيب صالح، إلى أكثر من ثلاثين لغة، ومنها “موسم الهجرة إلى الشمال” و”عرس الزين” و”مريود” و”ضو البيت” و”دومة ود حامد”، التى تناول فيها مشكلة الفقر وسوء التعاطى معه من قبل الفقراء أنفسهم من جهة، واستغلال الإقطاعيين الذين لا يهمهم سوى زيادة أموالهم دون رحمة من جهة أخرى.

ويعتبر البعض روايته “موسم الهجرة إلى الشمال” واحدة من أفضل مائة رواية فى العالم، وقد حصلت على العديد من الجوائز، ونشرت لأول مرة فى أواخر الستينيات من القرن العشرين فى بيروت.

وبعد استقالته من البى بى سى عاد إلى السودان وعمل لفترة فى الإذاعة السودانية، ثم هاجر إلى دولة قطر وعمل فى وزارة إعلامها وكيلاً ومشرفاً على أجهزتها، وعمل بعد ذلك مديراً إقليمياً بمنظمة اليونيسكو فى باريس، وعمل ممثلاً لهذه المنظمة فى الخليج العربى.

ويمكن القول إن حالة الترحال والتنقل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم، وأهم من ذلك أحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه فى كتاباته وأعماله الروائية بخاصة روايته العالمية “موسم الهجرة إلى الشمال”.

وقد أخذت معظم كتاباته الطابع السياسى بصورة عامة، وتطرقت إلى موضوعات أخرى متعلقة بالاستعمار والمجتمع العربى والعلاقة بينه وبين الغرب، وفى أعقاب سكنه لسنوات طويلة فى بريطانيا فإن كتابته تتطرق إلى الاختلافات بين الحضارتين الغربية والشرقية.

الطيب صالح معروف كأحد أشهر الكتاب فى يومنا هذا، لا سيما بسبب قصصه القصيرة، التى تقف فى صف واحد مع جبران خليل جبران، طه حسين ونجيب محفوظ، وفى عام 2001 تم الاعتراف من قبل الأكاديمية العربية فى دمشق بأنه صاحب “الرواية العربية الأفضل فى القرن العشرين”.

أصدر الطيب صالح ثلاث روايات وعدة مجموعات قصصية قصيرة. روايته “عرس الزين” حولت إلى دراما فى ليبيا ولفيلم سينمائي من إخراج المخرج الكويتى خالد صديق فى أواخر السبعينيات، حيث فاز فى مهرجان كان.

وكان للطيب صالح إبداعاته التى لا تنسى أيضا فى مجال الصحافة، فقد كتب خلال عشرة أعوام عموداً أسبوعياً فى صحيفة لندنية تصدر بالعربية تحت اسم “المجلة”. وخلال عمله فى هيئة الإذاعة البريطانية تطرق الطيب صالح إلى مواضيع أدبية متنوعة.

وفى العشرين من فبراير 2009، شيع جثمان الروائى صالح فى السودان حيث حضر مراسم العزاء عدد كبير من الشخصيات البارزة والكتاب العرب والرئيس السودانى عمر البشير والسيد الصادق المهدى المفكر السودانى ورئيس الوزراء الأسبق، والسيد محمد عثمان الميرغنى، ولم يعلن التليفزيون السودانى ولا الإذاعات الحداد على الطيب صالح لكنها خصصت الكثير من النشرات الإخبارية والبرامج للحديث عنه.
المصدر – مبتدأ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..