المسلمون الأمريكان رغم الاختلاف تجاوزوا الجدال حول كون الولايات المتحدة بلد إسلام أم كفر؟ تصحيح الصورة

الخرطوم ? مهند عبادي
يعاني المسلمون في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية معاناة شديدة بفعل تفجيرات وأعمال عنف تحدث بين فينة وأخرى، وتسيطر حالة من الرهبة جراء ما تصفه الميديا بظاهرة الإسلاموفوبيا، وموجات العنف المضاد التي يقودها البعض ضد المسلمين، بذرائع أن ديانتهم تحض على تصفية الخصوم، وهي اتهامات يلقيها بعض الغربيين عن جهل.
ويبذل المسلمون في كافة الدول الغربية جهودا كبيرة لمقاومة ذلك التيار، خاصة خلال السنوات التي أعقبت تفجيرات سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي شهدت نشاطا مكثفا لمسلمي أمريكا بمحاولة شرح الدين الإسلامي وإبعاد شبهة كونه دين عنف من العقل الجمعي الأمريكي، وليس بخاف أن تلك الفترة وجد فيها الإسلام انتشارا واسعا في أرجاء الولايات المتحدة.
وجعلت النظرة الشائهة، المتعلقة بكون العنف الذي يشهده العالم سببه الرئيس الإسلام، جعلت هموم أغلب المسلمين في الغرب تنحصر حال حدوث تفجير بأن لا يكون منفذوه مسلمين.
وبحسب العالم الإسلامي، الدكتور محمد بن يحيى النينوي، رئيس كلية المدينة للدراسات الإسلامية بولاية جورجيا الأمريكية، فإن المسلمين في كافة الدول الغربية مواجهون بتحديات ضخمة، نتيجة لسيطرة الاعتقاد القائل بأن العنف مرده الإسلام.
النينوي، الأمريكي من أصل سوري، كان يتحدث في ندوة مستقبل الإسلام بأمريكا التي نظمها مركز دراسات الإسلام والعالم المعاصر بالتعاون مع مركز دراسات الأقليات التابع لمنظمة المهاجرين، وقد أكد على أن الأحداث الإرهابية التي وقعت تركت أثرا بالغا في نفوس المسلمين بأمريكا وجعلتهم يسارعون في إعلان حبهم للوطن ونبذ العنف وحماية أنفسهم بالدستور الأمريكي الذي يحمي كافة المواطنين الأمريكان، بغض النظر عن أديانهم، مشيراً بالقول إن أمريكا يشكل المسلمون فيها نسبة (1%) من عدد سكانها، أي ما يعادل سبعة إلى ثمانية ملايين من الأمريكيين.
ويقول النينوي إن الإرهاب وأحداث سبتمبر جاءت بنتيجة عكسية لمن كانوا يرغبون في فصل المسلمين الأمريكيين عن وطنهم وجعلتهم يلجأون إلى الحقوق المدنية كالدستور وصار المسلمون بفضلها من أكثر الفاعلين في حوار الأديان الذي انتظم الولايات المتحدة، كما أنها ساعدت على نشر الإسلام وشهدت السنوات تلك أكثر مبيعات لنسخ القرآن الكريم في أمريكا والغرب، ويرى النينوي أن المسلم الأمريكي نجح في التعامل مع الواقع.
النينوي يقول إن الإسلام في أمريكا قديم جدا ويعود تاريخ وصول أول مسلم إلى للولايات المتحدة إلى العام ألف وخمسمائة ميلادي، عبر مصطفى زموري المغربي الأصل الذي جيء به ضمن الرقيق الإسباني للعمل في أمريكا، وهناك أيضا عالم الدين بلال حمد المختلف حول أصوله (سنغالي أم غيني) في العام (1803) ولديه ثلاثة كتب موجودة وتدرس حتى الآن في أمريكا، النينوي يقول إن المسلم الأمريكي جزء لا يتجزأ من أمريكا ويعدونها جزءا من هويتهم رغم اختلاف أصولهم التي تتوزع بين العرب والأفارقة والهنود والباكستانيين والأتراك والألبان وغيرهم، وتجاوزوا الجدال حول كونها ـ أي أمريكا ـ بلد إسلام أم كفر ويعيشون فيها من منطلق أنها دار إسلام بفضل قيم المجتمع وقلة الفساد والمساواة وحكم القانون والمبادئ الدستورية التي يتساوى أمامها كافة المواطنين الأمريكيين بغض النظر عن أديانهم ومعتقداتهم، وبفعل ذلك صاروا محبين لأمريكا ويتشاركون ثقافة واحدة مع غير المسلمين هناك في حب الدولة رغم محاولات البعض التقليل من ذلك والتشكيك فيه.
ويروج البعض إلى أنهم عكس ذلك بحسب الإعلام المتشدد في الولايات المتحدة، وبحسب النينوي فإن ذلك يلزمه عمل مقابل لتصحيح الصورة التي يعكسها الإعلام، ولكن الأمر يحتاج لتمويل ضخم ونتيجة للعائق الاقتصادي يظل المسلمون في أمريكا عاجزين عن تأسيس منبر إعلامي إسلامي لمواجهة الإعلام المضاد وتحول المسلمين إلى التعامل المباشر مع بقية المواطنين الأمريكان كوسيلة أفضل لتصحيح الصورة ولكنها بالطبع تحتاج لصبر ووقت أطول ـ والحديث مازال للشيخ النينوي ـ فضلا عن عائق العنف الذي يحدث بين الحين والآخر ويعطل الأعمال والجهود التي يبذلها مسلمو أمريكا، علما بأن الحكومة الأمريكية ليست مكلفة بالدفاع عن الأديان ونشر ثقافاتها وإنما تقوم بالدفاع عن حقوق المواطنين الأمريكان بغض النظر عن معتقداتهم. ولكن رغم ذلك تبقى الجهود متصلة من قبل المسلمين لنشر ثقافة الدين وتحسين الصورة ويسمح بإنشاء المراكز والجامعات والكليات الإسلامية كجامعة الزيتونة وغيرها

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..