السوق المركزي.. خضروات معطونة في المخلفات.. البحث عن وجيع

الخرطوم- محمد عبد الباقي
الحالة الراهنة للسوق المركزي للخضر والفاكهة تجعل من يريد الحديث عنه لو لم يكن يمتلك صورا حية تثبت الحقيقة، يتوقع لا محالة التشكيك وبشدة في ما يكتب بسبب فداحة التردي المريع في صحة البيئة في السوق وأيضاً حال المواقع التي يتم عرض الخضروات والفواكهة فيها كل صباح.
ومن النماذج المثيرة حكاية رجل ذهب للسوق يوم الخميس قبل الماضي لشراء أنواع مختلفة من الخضروات ولكنه عاد خال الوفاض حين رأى بعينيه السلع التي يرغب فيها معروضة وسط مياه آسنة طفحت من الحمامات العامة القائمة وسط السوق. لم يعد الرجل لأسرته بدون خضروات على غير عادته إنما عاد يحمل قرارا صارما بمقاطعتها إلى أن يتغير حال السوق الذي صار العاملون فيه لا يبالون حين تغمر مياه الصرف الصحي الخضروات والفاكهة.
معضلة قديمة متجددة
معضلة السوق المركزي مع مياه الصرف الصحي والتردي المريع في خدمات صحة البيئة ليست حديثة عهد ولم تطف للسطح كما المياه الآسنة، صدفة، إنما هى نتاج لنهج وخطط رسمية بحسب عدد من أعضاء شعبة تجار وموردي الخضروات والفاكهة بالسوق المركزي بالخرطوم.. فالطريقة التي تدخلت بها محلية الخرطوم خلال السنوات الماضية وأدت لتخطيط السوق وتحويله من (جملون) كبير يعرض فيه جميع التجار والموردون خضرواتهم إلى دكاكين صغيرة بلا تهوية منحت ملكيتها لأفراد من خارج السوق وموظفين، وسماحها بإنشاء دورة مياه عامة على مساحة تقدر بنصف (الجملون) السابق، عوامل أدت جميعها إلى دفع التجار لعرض الخضروات خارج نطاق السوق المخصص، فاختاروا الشوارع الجانبية والطرفية، تلك التي يتم جمع الأوساخ والنفايات فيها، خاصة في الصباح الباكر قبل زمن حضور عربات وعمال النظافة وهو الوقت الذي يعرض فيه التجار بضاعتهم على حد قول: (آدم مهلا آدم) نائب أمين عام شعبة موردي وتجار الخضروات بالسوق المركزي، والذي أجمل الأسباب التي تدفع التجار لعرض بضاعتهم خارج السوق في ضيق الدكاكين التي أنشأتها محلية الخرطوم وعدم ملائمتها لأصناف الخضروات المختلفة، بجانب عدم تخصيص أماكن بعينها لكل صنف حتى يعرف صاحب الخضار القادم من مناطق الإنتاج الأماكن التي يعرض فيها سلعته قبل أن تفسدها حرارة الشمس.
تصميم سيء
بعد أن صارت المواقع التي أنشأتها محلية الخرطوم كدكاكين للخضروات والفواكهة غير ملائمة فضل التجار عرض سلعهم على قارعة الطريق في الصباح الباكر خارج السوق بحثا عن زبون، وهذه الطريقة في العرض انعكست سلبا على السوق في عدة نقاط يفصلها (آدم مهلا) بقوله، أولا: الزبون أصبح لا يعرف الأماكن التي تعرض فيها السلعة الراغب في شرائها لأن كل تاجر صار يعرض سلعته في المكان الذي يعثر عليه خاليا، وهذا انعكس على الأسعار فمثلا حين يكون سعر ربطة الجرجير عشرة جنيهات، يبيعها البعض بعشرين جنيها لتجار القطاعي القادمين من خارج السوق وهؤلاء بدورهم يبيعونها بأكثر من سعرها ثلاث مرات للمواطنين في محلات القطاعي. ويؤكد آدم أنه لو تم تجميع كل صنف في مكان معروف لانتهت مثل هذه الألاعيب في الأسعار ولانخفضت إلى حد معقول جدا في أسرع وقت. كذلك بحسب (آدم مهلا) تراجعت كمية الخضروات والفواكهة الواردة للسوق لأن التجار لا يجدون مكانا يعرضون فيه سلعهم على غير ما كان يجرى سابقا حيث كان (جملون) الخضار مفتوحا لكل شخص يأتي ليعرض فيه سلعته دون تحيز. ويرى (آدم) أن عدم تنظيم السوق بالصورة المثلى جعل السماسرة يتسببون في تأخير بيع السلع حتى زمن حضور عربات البلدية لتأخذها من التجار ويقصد السماسرة بذلك تعطيل التجار عن البيع كي لا يترددوا في البيع بأي سعر في المرة المقبلة.
شكوى مُرة
وفقاً لشكوى التجار داخل السوق المركزي بالخرطوم منهم (أحمد عبدالله) فإن الوضع الحالي للسوق انعكس سلبا على التجار والمواطنين على حد سواء، فالتجار تضرروا كثيرا من الشكل التخطيطي الجديد الذي حول سوق الخضار من (جملون) يعرض كل تاجر سلعته فيه بالطريقة التي تريحه دون أن يتضرر من ارتفاع درجة الحرارة الناتجة عن الدكاكين الصغيرة التي خططتها المحلية. وأيضاً تضرر المواطن نتيجة للارتفاع الجنوني في أسعار الخضروات بسبب لجوء التجار لعرضها خارج السوق في الصباح الباكر مما يجعل المواطنين يقعون ضحايا للسماسرة الذين يضاعفون الأسعار عشرات المرات..
وحتى ينصلح حال السوق أجمع التجار وشعبتهم التي تمثلهم على ضرورة معالجة الخلل الذي نتج عن التخطيط السابق وإرجاع (جملون) الخضار القديم إلى مكانه وإفساح المجال للتجار وإبعاد السماسرة

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. منذ أن خرج المستعمر من السودان، فشلت حكومات السودان المتعاقبة في إقامة شركة مواصلات ناجحة ومستمرة، كما فشلت في إقامة سوق خضار ولازم يليق بعامة دولة في القرن العشرين، ياجماعة ممكن تشوفوا شركة عالمية تدير السودان حتى لو تأكل نصفو.

  2. منذ أن خرج المستعمر من السودان، فشلت حكومات السودان المتعاقبة في إقامة شركة مواصلات ناجحة ومستمرة، كما فشلت في إقامة سوق خضار ولازم يليق بعامة دولة في القرن العشرين، ياجماعة ممكن تشوفوا شركة عالمية تدير السودان حتى لو تأكل نصفو.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..