دمعةٌ على الخرطوم

شعر البروفيسور / هاشم البشير محمد
عطبرة 27/ 5/ 2023م
جلَّ المصابُ وحارتْ فيهِ أفكاري * وا حرَّ قلبــي من حزنٍ وأوْضــارِ
يا هولَ ما لَحقَ الخرطومَ من ضررٍ * يُدمي الفؤادَ ويُبكي صُمَّ أحجارِ
وماجَ بالنّيـلِ دمــعٌ في شــواطِئـِـهِ * حالــتْ عُــــذُوبتــهُ آجــاجَ أمــرارِ
تــفزّع النَّجـــمُ لمــا أنْ رأى حُمَمَــاً * تأكــلُ النـّــاسَ في سهــلٍ ومعْمَــارِ
نكـّسَ النّخــلُ هامــاتٍ مهدلـةً * يـُـبــدِي استكانَـة محــــزونٍ ومُحتــارِ
يا وحشــةً ضربــتْ بالملتقــَى طُنُباً * أين المَسَرّات من أُنسٍ وأسْمارِ؟
تشكو الحدائـقُ من حـرقٍ ومن جــدبٍ*أضحـــتْ هشيمـاً وجــف السلســلُ الجـاري
حتـّـى البلابــل فرتْ وهـي واجفــةٌ * تبكــي محاضــن أعشـاشٍ بأوكـارِ
هي الحــربُ لو تـدرون ما صنعــتْ *لم يـورِ جَذْوَتَـها من مُسـعـرٍ وارِ
يا بـؤسَ للحـربِ إنْ كانت مباعثـُها * لُعاعةَ الجاهِ أو ضغنـاً من الثــأرِ
يا فتنــةً عصفــتْ لم تلــقَ دارئـةً * من الرّشــادِ فأضـحتْ محنة الدارِ
كانـت خوافــت إيمـاضٍ مُخَبــّأةً * تحــت الرّمـادِ فصـارتْ معظــم النـارِ
فلـو مَرَرْتَ علـى أم درمـانَ أو بحري *ترى المآسيَ من موتٍ وأضرارِ
تعلو غمائم -يا للويل – كالحةً* سوداً غرابيبَ تذري ريحَها الناري
هذي المــنــازلُ كانـت وهـي آهلــــةٌ * مــأوى مجـالـسَ عبــــادٍ وسمّـارِ
أخْنـى عليـها لهـيبُ الحــربِ فاحترقت *أمســتْ خرائـبَ لم تَعْمـُـرْ بديّــارِ
يحــيا الأهالــي في خــوفٍ وفي وجــلٍ * من طَلـقِ قنـاصةٍ أو قصْفِ طيـّـارِ
يا حسـرةً على الأطفـالِ تحصـدهمّ * أهوالُ مـوتٍ بلا ذنبٍ وأوزارِ
يـا دمـعَ عينـي على حسنـاءَ مزّقـها *زخُّ الرصـاصِ فصـارت شِـلوَ أطمـارِ
تمسـي العواتـكُ رهـن الـدُورِ خائفةً *تخشى اللصوصَ وتخشـى هتكَ أستارِ
يا رُبَّ مرضـى وزمـْنى عـــزّ مُنقِـذُهـم * حتـى قَضَـوا بـين أمـواتٍ وفُـرّارِ
أمــا رأيــتَ كِبــار الحــيِّ قد طُــرِدوا *أمْسَــوْا حيــارى بــلا دارٍ وأنصــارِ
أمــا رأيــت جِمــوعَ النــاسِ هاربــةً * تلــوذُ بالريــفِ أو آفــاق أمـصــارِ
يـــا قــادةَ الرأيِ صونــوا قُدسَ موطِنِكمْ * دعوا المطامعَ في حكمٍ ودِينارِ
يــا ربِ لطــفــــكَ بالســودان إنَّ بــه*قــــوماً كـــــراماً ذوي مجــــدٍ وآثـــارِ
سينجلـــي اللــيلُ إنْ طــال العــذابُ به *ويطلــعُ الفجــرُ محشــوداً بأنوارِ
البروف / هاشم البشير محمد
عطبرة 27/ 5/ 2023م