لماذا يجب علينا الذهاب الى جنيف (1 – 2 )

يوسف عيسى عبدالكريم محمد
في الأيام السابقة دار جدل كثير عن احتمال فشل مفاوضات جنيف المعلن انعقادها في الرابع عشر من أغسطس الجاري ولا سيما بعد رد الجيش السوداني المتأخر على طلب المجتمع الدولي لقبول المشاركة مما فسر بعدم رغبة الجيش في الدخول في أي جولة مفاوضات مع الدعم السريع في الوقت الحالي . ولكن ربما يتبادر الى ذهن المواطن السوداني سؤال بسيط ولكنه معقد في نفس الوقت وهو لماذا يجب على الجيش الذهاب الى جنيف ؟ .
المتابع لسير المفاوضات بين الجيش والدعم السريع منذ اندلاع الحرب في 15 ابريل 2023م يلاحظ ان إرادة الحل والتوصل الى اتفاق يوقف الحرب ظلت شبه منعدمة لدى طرفي النزاع . بدليل عدم التزامهما بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الجولات السابقة .إضافة الى عدم اتخاذ أي من الطرفين تدابير مقنعة تجنب المدنيين تداعيات الحرب او القصف في مواقع القتال . مما عرض الكثير منهم للقتل .
والملاحظ للأحداث يرى ان الجيش وفي كل جولة مفاوضات يتردد او يتأخر في التعاطي معها او يغفل عن النظر اليها كفرصة تكون نتيجة ذلك ازدياد رقعة تمدد الدعم السريع. فعلى سبيل المثال عندما بدأت الحرب في 15 ابريل 2023م وبدأت معها مباشرة مفاوضات جدة كان تواجد قوات الدعم السريع منحصر داخل نطاق ولاية الخرطوم وكانت كل ولايات السودان تعتبر عمليا ولايات امنة. وكان بالإمكان تحقيق نتائج كبيرة وتقليل الاضرار التي تفاقمت حتى وصلت لما نحن فيه الان اذا تمكن الطرفين في ذلك الوقت من الوصول الى اتفاق .
كذلك عندما تم رعاية المفاوضات والدعوة لها من قبل الاتحاد الافريقي باديس ابابا كان من الممكن أيضا تحقيق اختراق وتقليل الاضرار والمحافظة على ما تبقى من المناطق الامنة حيث لم تكن مدني ولا سنجة ولا سنار ولا الجنينة ولا نيالا ولا النيل الأبيض ولا حتى الفاشر المحاصرة خارج سلطة الدولة.
ان الحكمة تستدعي النظر بتجرد ومن دون عاطفة او حماس الى تطور سير الاحداث واستخلاص النتائج والعبر منها ومن ثم اتخاذ القرارات على أساس المصلحة العامة . في الخامس عشر من ابريل لم تكن البلاد تعج بكل هذه المليشيات التي تنتشر في كافة ارجاء البلد كالورم السرطاني والتي تتخذ من الكفاح والنضال المسلح شعارا ومركبا . ظهرت في الشرق حركات ذات مرجعية اثنية بحتة مثلت وما زالت خطرا مستقبليا على الامن القومي للبلاد وفي الغرب تكاثرت حركات أبناء دارفور وانشطرت لتزيد ازمة الإقليم تعقيدا . اما في الشمال فقد وصل الامر الى درجة مطالبة البعض بالانفصال والانضمام الي دولة مجاورة بخطاب يشير تناميه لحدوث تطور في بنية وعي انسان الشمال يمثل خطر كبير على مستقبل الدولة السودانية .
مع الاخذ في الاعتبار التطور النوعي في أنواع الأسلحة التي بات يستخدمها الطرفين والتي لأول مرة عرفت فيها افريقيا حرب المسيرات واصبح السودان تحديدا ساحة لاستخدام عدة أنواع من الأسلحة ستمثل خطرا على استقرار المنطقة والاقليم حال ما تم توطين صناعتها واستخدامها في البلاد .ان التأخر في إيجاد حل للازمة السودانية سيكون مهدد كبير للدولة السودانية مستقبلا .