مقالات وآراء سياسية

صرف (البركاوي) من قاموس البشير

أسامة ضي النعيم محمد.

صرفت لها (بركاوي) ، ثم أتبعها البشير بعبارات لا تليق بالمقام ، والمناسبة يحكي مواجهته لسفيرة حكومة صاحبة الجلالة البريطانية وصرفه لها (البركاوي) أي أشبعها سبابا ، السفيرة المحترمة نفت الواقعة في مقابلة لاحقة ، لكن تظل لغة خطاب البشير تفتقر الي الكياسة وهي لغة تحمل الفطانة والظرف والذكاء أو حسن التأني في الأمور، يغيب قاموس البشير والملأ من حوله قولا وفعلا عن الكياسة بتعريفها المعجمي ، لثلاثين من عجاف السنين استقر صرف (البركاوي) لغة رسمية بين مكونات نظام الاخوان ، بينهم لبعضهم البعض حتي انتهي بالمفاصلة الشهيرة الي خيمة المنشية وسرادق القصر ثم الي تمزيق البلاد، بين ولاة الامر والشعب فحدث ولا حرج ، في أولي  صفحات قاموس ( قلة الادب وغياب الكياسة) تأتيك عبارات نافع تتصدرها ( ألحس كوعك ) و( شوت تو كل ) ماركة مسجلة لعلي عثمان ، بقية العقد سئ الصيت من حسبو الي الحاج ساطور أيضا لهم جُعلا من حلقات ذلك الذم الرخيص.

تلك اللغة التي غلبت عليها نبرة تصغير شأن الاخرحتي لو كان وليا حميما بالأمس القريب ، صارت عنوانا عريضا لأدبيات النظام وتجذرت ، للأسف صارت من أدبيات بيئة السياسة في السودان وحلت نقيضا للمساجلات بين المحجوب وزروق والهندي ، تأثرت الفترة الانتقالية بقاموس ( صرف البركاوي) ومفرداته ، من قمة هرم الحكم السوداني يطلق المكون العسكري هجومه علي المكون  المدني في فجاجة وعبارات لم يحسن قطفها من معجم اللغة ، يعرج علي أداء الحكومة التي يمثل ركنا شديدا فيها ولا تسلم من معاتبة ليرمي بالحكومة التنفيذية وما انجزت في جب الفشل والخذلان بلا أدلة وأسانيد، تغيب الكياسة من الجانب المدني ويرد التحية للمكون العسكري بأقذع منها ، في حمي السباب والشتم بين مكونات هرم السلطة السودانية تعود بي الذاكرة الي مؤتمرات الاحزاب البريطانية وأهمها حزبي المحافظين والعمال ، قاعات عقد مؤتمرات الاحزاب في بلاكبوول وليفربول تمثل منصات راقية تستمع فيها الي أدب الخصام الرفيع ، تعود بك المقالات والسجالات الي نظيرتها في ركن الادب العربي الرفيع عند أسواق عكاظ ومجنة وذي المجال .

منصة التأسيس التي يجب الرجوع اليها لتصحيح المسار السوداني هي الابتعاد عن ثقافة ( صرف البركاوي ) وتخوين بعضنا بعضا ، جلافة الخطاب وخشونة المفردات تقود الي استعمال  سلاح الكلمة ومن يعجزه المقال يستطيع الرد بالبندقية لإسكات الخصم ويولد انقلاب  عسكري بيننا ، مشاهدات تعود عليها العالم بين المتناظرين السودانيين في نقاشات علي الهواء وصار العراك الكلامي بين حملة الرأي المستضافين  من السودانيين مادة دسمة لمعدي حلقات النقاش في القنوات الفضائية العربية ، قضايا السودان القومية تغيب تماما في تلك المعارك ولا يحدثك ضيف عن رؤية حزبه الذي يتبني وجهة نظره في قضايا مثل تمويل مشروعات التنمية في دارفور ودور الدول الاسلامية والعربية فيها ، لايعرج الي دور الجامعة العربية في منع احتلال بلد عربي لأجزاء من أرض حليفه في الجامعة العربية لتعود حلايب وشلاتين أراضي سودانية ، اتساقا مع ثقافة صرف البركاوي وتبخيس الخصم تذهب حلقات النقاش علي الهواء لنشر الغسيل القذر الداخلي علي أسلاك القنوات الفضائية ويصبح متاحا للعالم أجمع، لخصها تعليق صديقي أبو سلطان الخليجي في وصفه للبرنامج ب (مهاوشة الازوال).

الامل كبير في شباب المقاومة للجم الالسن من الزمن القديم وتعديل أدبيات صرف (البركاوي) ، فليرتفع النقاش بين المتناظرين لعرض وجهات النظر المختلفة في قضايا اعلاء شأن السودان  بلغة غير حادة ومقبولة، الخروج من عنتريات التو م هجو ومناوي الي تقديم مصفوفات وجداول تمويل اعادة النازحين في دارفور وبناء مزارع نموذجية لاستيعابهم ، أفضلية المكون العسكري علي المكون المدني نقاش فج لا يعود ليبني جيشا موحدا بعقيدة قتالية هي السودان كما أن رأس الدولة بمكونيه يمثل السودان بلادا وعبادا ، فلنبتعد عن جدل يحاول اعلاء شأن ساسة بملابس عسكرية علي اخرين بلباس ملكي ويغم عليهم مجتمعين من أين نحصل علي أموال للصرف علي الترتيبات الامنية لإنفاذ سلام جوبا.

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. طرح ممتاز وإرشاد للجميع حول كيفية إعلاء شأن الوطن على الشأن الخاص، وتهذيب لغة الخطاب لدى من يتصدرون المشهد الوطني.
    شكراً أستاذ النعيـم..

  2. اخي الكريم
    قمة السلطة!اي سلطة؟
    سلطة الانقاذ؟هل نسيت كيف جاءت الي الحكم؟
    ومن اي قاع جاؤوا؟
    او لا تذكر ابدة الطيب صالح”من اين اني هرلاء؟” والتعب شردت لها الافاق!!!
    يخلو قاموسهم من اي كلم طيب..
    كما نخلة افعالهم من اي ماثرة…
    واخلاقهم من اي قيمة انسانية…لا يعرفون الكرم،التسامح،الامانة،الاثرة،الاخلاص,و…..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..