لا مستحيل .. الا تحت شمس السودان

تدير النظر فى العالم من حولك شرقا وغربا ، بالقرب منك وبعيدا عنك ، فتجد مشاكل كان يعتبر من المستحيل ايجاد حلول لها ، فاذا بها قد حلت بين عشية وضحاها ، وذلك لان هناك من آمن بالامكانية وعمل من اجل تحقيقها .

النووي الكورى الشمالى ، الذى حتى قبل شهور قليلة ، لم يكن يظهر منه غير سعادة الزعيم وهو يشاهد التجارب النووية واطلاق الصواريخ.. الخ والرئيس ترامب وهو يهدد بطريقته العجيبة ، ثم فجاة تنهار هذه الصورة المتشددة والرهيبة ، الى اتفاق على تفكيك ذلك البرنامج . وبالرغم من ان لا احد بعد يعلم ماخفى من الاسباب التى ادت الى ذلك ، ولكنه مستحيلا لم يعد مستحيل !

الوضع فى سوريا : ايضا منذ شهور قليلة كان نظام الاسد قاب قوسين او ادنى من السقوط الكامل ، وهاهو اليوم يستعيد سيطرته على اجزاء البلاد يوما بعد يوم ، بل انه بدأ يرد على الاستفزازات الاسرائيلية حتى فى منطقة الجولان ! مستحيل لم يعد !

الوضع بين اثيوبيا وارتريا : هنا وقبل اسابيع قليلة كانت احتملات الحرب بين البلدين ، بل وربما حرب اقليمية يكون كل منهما طرف فيها ضد الآخر ، كان احتمالا يكاد يكون قد بدأ يقع بالفعل . ثم جاء أبى أحمد ، فاذا بالزيارات تتبادل بين الطرفين ويقابل رئيس كل بلد فى البلد الآخر بصورة تقترب من الخيال ، ويتم تبادل السفراء واعتراف اثيوبيا بالاتفاق الاممى على ترسيم الحدود ..الخ مستحيل آخر لم يعد !

لكن مايسهل تحقيقه موضوعيا فى السودان يصبح مستحيلا تماما بصورة لااجد لها شخصيا مبررا مقبولا عقليا : الاحوال الاقتصادية والمعيشة الضنكة والجرائم التى تأخذ برقاب بعضها وافلاس السياسات الحكومية فى كل مجال وبدون فرز للدرجة التى جعلتنى لا أهتم بقراءة اخبار السودان عن الفساد وسوء الاحوال هنا وهناك ، ببساطة لانى اصبحت على قناعة تامة بانه لااصلاح تحت هذه النظام . وبما ان الامر كذلك فمن المهم الآن توجيه كل الانظار والعمل والنشاط والكتابة الى وسائل انهاء هذا النظام ليس الا .

واستغرب فى ان المعارضة بجميع فصائلها الحقيقية لم تستطع حتى اليوم ان تجد هدفا مشتركا تلتف حوله : اليس ازالة النظام هدف متفق عليه ؟! أما قضايا هل يزال بالسيف او بغيره ، وما هو البديل ..الخ فلم تعد اسئلة تستحق الطرح ناهيك عن الاجابة . فبالنسبة للوسائل ، لماذا نستبعد أى وسيلة حتى لوكانت وسيلة فى خيال اصحابها ؟! وفى حقيقة الامر لم افهم حتى الآن لماذا تبرعت بعض الفصائل الحاملة للسلاح بالاعلان عن تخليها عن هذه الوسيلة حتى لو ان بعضها قد كف عن استخدامها فعليا : الاتصلح حتى كوسيلة للضغط فى حالة الجلوس مع النظام للتفاوض ، كما يدعو من طالب باسقاطها ؟ ثم سؤال آخر : الى الذين يسعون الى التفاوض مع النظام : اين ستجدون النظام الممثل فى شخص واحد لم يعد يستقر فى مكانه يومين متتابعين ? على اسلوب أحد وزراء الخارجية السابقين الذى حبكت عنه الطرفة القائلة : انه فى زيارة خاطفة للبلاد ؟!- واين هو المجتمع الدولى الذى سيساندهم فى الضغط على ذلك الشخص عندما يستقر اذا كان ركن من اركانه يدعوه لحضور مناسبة دولية وركن آخر قد دعاه من قبل دعوة رسمية وسفير ركن ثالث يقول انه يعمل على ازالة اسم السودان من لائحة الارهاب ؟!

اما بالنسبة للبديل فقد اصبح شرطا مضحكا : أى بديل ليس لصا ولايؤمن بالايديولوجية الاسلاموية ولايجيد العرضة يكون بديلا مناسبا !

من ناحية أخرى استغرب ثخانة جلود مسئولينا لدرجة ان ما ظلوا يقراون ويسمعون من القرآن انذارا وتبشيرا لم يجعلهم يراجعون انفسهم فى مايفعلون بالبشر ، بل ظلوا سادرين بدرجة استفزاز الناس بصورة جعلت مقولة الامبراطورة الفرنسية ” ان كانوا جوعى فلياكلو بقلاوة !” لاغبار عليها !

لاأظن ان احدا يشك فى ان الاحوال التى ادت الى ثورتى اكتوبر وابريل كانت افضل كثيرا مماهى عليه الآن ، ولا ان المعارضة للنظام قد وصلت الى اكثر من 95% من افراد الشعب السودانى ، ولكن يظل الممكن مستحيلا تحت شمس السودان !!

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..