قد يقول قائل أن لِلِّستك رمزية والنارُ ماهي إلا روحٌ ثورية!

صديق النعمة الطيب
“مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِیُقَرِّبُونَاۤ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰۤ”…!
من يستطيع كسر المألوف والانعتاق من عبادة النَّمَط .. سيعلم أن كِلا البرهان ومن ينادون بعودة حرق اللَّساتك يفكرون بذات العقلية .. وماهما إلا وجهانِ لعملةٍ معدنيةٍ واحدةٍ، غيَّب الصدأُ نُقوشَها الأصليَّة.
يقول المثل الانجليزي ends meets، الأطرافُ تلتقي والنهاياتُ تتماثل …!
لقد استثار البرهان من حيث يدري ولا يدري مشاعر الناس برمزية “اللِّستك”، فهل فعل ذلك لغباءٍ كامنٍ فيه، أم لدهاءٍ يدعيه….. لا ندري…!
لقد كان للِّستك دورٌ فعَّالٌ في مرحلة مِفصلية من تاريخ الحراك الشعبي، جَعلت البرهان نفسه يُحيِّ الراستات والسانات وناس الرصة والناس الوقفت قنا! الكل استفاد من اللِّستك، الطالبُ والمطلوب، وقد انتهت فاعليته وانقضى دوره بسقوط “هُبَل”، ووجب تخطي هذه الوسائل إلى وسائل أكثر فعالية وفاعلية، لقد تغيرت كل الظروف وتبدلت ووجب تغيير أدوات المرحلة، لم يعد للنار ما تأكله ..! كل شيء تغير إلا عقلية القيادات السياسية والعسكرية، رحم الله من قال بأن الجنون هو أن تفعل ذات الشيء مرةً بعد مرة معتقداً أن النتائج ستتغير.
لقد صدق من قال أن الحرب لو اندلعت، فلن تتوقف حتى يَكِلّ الناسُ “يفتروا” من القتل ..! فالحرب تبدأ بقرار ولكنها لا تنتهي إلا بالانهزام التام، فلا يجنح للتفاوض إلا الطرف الأكثر هزيمةً خوفاً من انقراض صفوته وحفاظاً على حياة “لورداته”. فلا ينبغي أن تُنسب له فضيلة، بعد أن عاثَ فساداً وتقتيلاً وتشريداً واغتصاباً، فقد وُصف حالُ من يَدِّعي السلام بمثلٍ مأثور، والأمثال تُضربّ ولا تُقاس “مُكرهٌ أخاك لا بطل”!
النارُ التي كانت تُشعل اللِّستك، تعاني اليوم من الجوع، فلم تعُد تجد ما تأكله، تماماً كالمواطن اليتيم، الذي فقد أبويه وهما الدولة “الرشيدة” والمعارضة “الحكيمة”. في مجد اللَّستك، كانت الطلقة “الطائشة” تقتل مية، أما اليوم فالطلقة “الموجَّهة” لا تجد من تقتله، وإن وجدته، يكون الجوعُ قد سبقها إليه، واستَلَّ روحه في صمتٍ وألم!
نحن اليوم في حاجة لحلول مبتكرة من عقول تفكر خارج دائرة اللَّستك.. حلول تستطيع أن تتعامل مع هذا الوضع القائم .. فليس هنالك طرف يستطيع قيادة الدولة ..!
للصحفي المفوَّه أن يُبرز القضايا، ويطعن في النوايا، وللسياسي أن يتباهى بفنون الخطابة ليُسوِّقَ لنفسه وحزبه، ولكن تجاوز هذه المحنة الوجوديَّة يتطلَّب تفكير قومي استراتيجي شامل يستلزم نخبة مُتجاوزة من التكنوقراط والفنيين وبمساعدة بيوت خبرة عالمية حقيقية، ولن يتحقق ذلك إلا بتشكيل “كُتلة حرجة” من أهل الحكمة..! غير ذلك فسيختنق المواطن بدخان اللّساتك!