مقالات سياسية

المؤتمر الانصرافي !

مناظير – زهير السراج
* لا ادرما معنى تبديد المال والوقت والجهد في عقد مؤتمر اقتصادي يضم قوى الحرية والتغيير والمسؤولين الحكوميين وبعض الاقتصاديين ورجال المال لوضع توصيات لن تجد طريقها للتنفيذ مثل مؤتمرات كثيرة سابقة منها المؤتمر الاقتصادي القومي عام 1986 بعد سقوط نظام (جعفر نميري)، أو ربما عدم الوصول الى توصيات في الأساس بسبب الخلاف الكبير بين قوى الحرية والتغيير والحكومة حول نوع السياسات الاقتصادية التي يجب تطبيقها، فالأخيرة تدعو لتطبيق وصفة صندوق النقد الدولي ورفع الدعم عن السلع وتعويم الجنيه ..إلخ!
* بينما تعارض (قحت) بشكل مطلق خيارات الحكومة وتدعو للإبقاء على الدعم وتغيير العملة، وسيطرة وزارة المالية على المال العام بما في ذلك اموال المنظومة العسكرية واستعادة الأموال المنهوبة بواسطة النظام البائد وغيرها من المقترحات التي قد يأخذ تحقيق بعضها سنوات طويلة جدا إذا تحققت بالفعل، مثل استعادة الأموال المنهوبة المودعة خارج البلاد والتي سبقتنا الى المطالبة بها والعمل على استعادتها دول كثيرة جدا، ولم تنجح الا قلة في استعادة بعضها مثل (نيجيريا) التي نجحت بعد 7 سنوات من العمل القانوني الشاق بمساعدة سويسرا في استعادة بعض المال المنهوب خلال حكم الرئيس ساني أباتشا، ومثل (الفلبين) التي استعادت بعد 17 عاما كاملا من الوقوف امام المحاكم السويسرية 2 مليار دولار أمريكي فقط من جملة 10 مليار دولار نهبها الدكتاتور الفلبيني السابق فيرناندو ماركوس، بينما لم تنجح مصر حتى الان وبعد مرور اكثر من 9 اعوام على سقوط الرئيس المصري السابق حسنى مبارك في استعادة دولار واحد، وأظنها يئست من ذلك!
* قلت من قبل ان المسألة ليست مجرد تقديم طلب للدول الأخرى للحصول على الأموال المودعة لديها، وهنالك ( 8 ) دول على رأسها امريكا وبريطانيا وفرنسا اصدرت دليلا قبل بضعة اعوام توضح فيه الاجراءات المطلوبة لاسترداد الاموال المنهوبة، وهى اجراءات قانونية شاقة ومعقدة جدا تأخذ وقتا طويلا، تبدأ في داخل الدولة نفسها وتمتد الى الدول الخارجية، فضلا عن ان كثيرا من الدول لا تلتفت للمطالبة بإرجاع الاموال المنهوبة، ولا اعتقد ان السودان مع حالة التخبط والفوضى والضعف البادي للحكومة سينجح حتى في اتباع الاجراءات الصحيحة لاستعادة المال المنهوب دعك من استعادته ولو بعد عشرات السنين، لذلك أرجو أن نصرف النظر عن هذا الموضوع ونلجأ الى البدائل الأخرى. ليس هذا تثبيطا للهمم ولكنه تشريح لواقع الحكومة المأساوي !
* البديل الآخر بوضع اموال وشركات المنظومة العسكرية تحت إشراف وزارة المالية قد يكون أكثر سهولة، ولكنه في حاجة الى شجاعة من الحكومة والى تنازل من الطرف الآخر، ويمكن الاتفاق بين الطرفين على توريد الإيرادات أو الجزء الأكبر منها الى وزارة المالية مع خضوع حسابات الشركات العسكرية الى ديوان المراجع القومي على أن تظل الإدارة تابعة في الوقت الحالي للمنظومة العسكرية خاصة في الصناعات والاعمال التي تستدعى السرية، وأيلولة البقية لوزارة المالية وأجهزة الدولة الأخرى، فليس هنالك معنى لبقاء مسالخ لحوم ومصانع ادوية ومزارع لإنتاج الأعلاف ومناجم ذهب تحت إدارة وإشراف القوات المسلحة أو الدعم السريع أو الشرطة أو المخابرات، بدون أن يعرف أحد ماذا يحدث فيها!
* وعلى ذكر الدعم السريع والمهزلة التي حدثت قبل بضعة أيام فيما اطلق عليه اسم مشروع (قدح الأميرة) الذى أقامته نساء حزب الأمة لجمع التبرعات لمنكوبي الفيضانات والسيول (وهو في حد ذاته مشروع خيّر)، وأُعلن فيه عن تبرع حميدتى بمبلغ 22 مليون (مليار قديم) قبل ان يتراجع فيما بعد ويعلن في بيان مشترك مع حزب الأمة أنه تبرع ب (2 مليون) فقط ويطالب باستعادة بقية المبلغ، الامر الذى يدل على سيولة الأوضاع في البلاد والتلاعب بالمال العام بواسطة أشخاص، فلماذا لم يتم إعادة هيكلة قوات الدعم السريع حتى اليوم وضمها بكل ما تملك من قوات وعتاد وأموال الى القوات المسلحة حسب ما نصت عليه الوثيقة بإجراء اصلاح في الاجهزة العسكرية، أم ستظل قوات الدعم السريع جيشا موازيا للجيش السوداني مثل جيش حزب الله في لبنان، يتحكم في كل شيء ويفرض إرادته على البلاد ويتصرف في أموالها كما يحلو له؟!
* ليس من المجدي عقد مؤتمر اقتصادي في الوقت الحالي تحت ظل الفوضى التي تعيشها البلاد والضعف الحكومي الظاهر، والخلاف الحاد في وجهات النظر، وسيطرة العسكر على مقاليد الحكم والسياسة والاقتصاد والمال وكل شيء .. إنه مجرد انصراف عن القضايا الاساسية وتبديد للوقت والمال!
الجريدة

‫7 تعليقات

  1. الاستاذ دكتور / زهير السراج– لكم التحية وجمعة مباركة — جيلهم غير جيل مؤتمرنا الاقتصادي في 1986 وبعض الشباب لم ير النور– دعهم يمارسون التجريب – ثم الشركات لا تناطح الا بأخري منافسة وهكذا قانون السوق ، قيام شركات مساهمة كما في جنوب افريقيا لموضوع التعدين في الذهب سيرغم بعض الشركات الحالية ذات التقنيات الضعيفة من الخروج عن الانتاج . علي كل حال الثروات في باطن الارض مثل البترول والذهب والالماس واليورانيوم لا تتركها الدولة المحترمة لعبث الافراد والبشير وجماعته قصده الهاء بعض المعارضين من ذي الشوكة وتجنيب أموال لهم من حصة الاجيال القادمة.
    التعاونيات في حالة السودان هي من تستطيع حاليا بالقيام بدورالشركات المساهمة بتملك اليات تعدين عالية الكفاءة باستقطاب من جنوب افريقيا مثلا . تملك الجمعيات التعاونية لاليات الزراعة والحصاد وتربية الانعام تنافس الشركات الطفيلية — لكم التقدير

  2. بالنسبة للأموال المهربة الى الخارج , ففى يد الحكومة ادوات ضعط على المجرمين الذين يقبعون فى سجن كوبر فى انتظار محاكمتهم . فيمكن تخفيف العقوبة عليهم فى حالة ساعدوا على ارجاع هذه الأموال وفى حالة تم ذلك واتضح بأنهم تابوا يمكن العفو عنهم او تخفيف العقوبة عليهم/

  3. (ليس هذا تثبيطا للهمم ولكنه تشريح لواقع الحكومة المأساوي !)
    مقاك هذا خير مثال لتثبيط الهمم و قمة الانصرافية…..و كعادتك و مند تكوين حكومة حمدوك لمم تتوقف عن تثبيط الهمم….. شبابنا و كنداكاتنا فى السكة ماشين.

  4. ما علاقة (قدح الاميره) بمشروع (جبل الدهب) لدعم القوات المسلحة ايام حكم الصادق المهدى وإستطاع على عثمان من الطرح المخا ع الإلتفاف على حكومة الصادق وطاف بالمشروع حتى وصل الجنوب وتحديداً فى منطقة مايوم وهناك التقى بزميل الدراسه عمر البشير وباقى التفاصيل كانت معروفه لدى الكل ماعدا عضوية الكيزان والبشير كان يكذب عندما روى حسب ما جاء فى قناة العربيه!!.

  5. يا دكتور زهير بقيت اكبر ناشر للخطاب السلبى.. نعم هنالك سلبيات كثيرة فى الحكومة الإنتقالية وكلنا ننتقدها ولكن هنالك الكثير من الايجابيات والأخبار الجيدة، فلماذا أصبحت يا دكتور متخصصا فى نشر الروح السالبة فقط؟؟؟ مثلا فى مقدمة مقالك هذا قلت إن توصيات المؤتمر الاقتصادى القادم لن يتم تطبيقها ، هل أنت تعلم الغيب؟؟ ياخى كان ممكن ببساطة تدعو الحكومة والحرية والتغيير إلى اغتنام فرصة المؤتمر ومحاولة الخروج منه بما يفيد البلد.. ولكنك اخترت أن تتشاءم وتستبق الأحداث بكلام سلبى كعادتك فى الفترة الأخيرة..

  6. كلامك صاح و الله، دكتور زهير بقى مقرف عديل، و وجه نحس، و ما عندو غير تثبيط الهم و زرع الشكوك و كأنه الناس كلها غلط و هو الوحيد الصاح، أنا من كتب مقال عند توقيع السلام عنوانه (يوم أسود في تأريخ السودان) بقيت أتفادى قراءة مقالاته.. أعوذ بالله

  7. والله يا دكتور زهير البضاعة الماشة اليومين ديل هي بضاعة (الا قيلا سلاما سلاما) اكتب انو كلو شي تمام وانو الحكومة عندها رؤية ثاقبة وانو صفوف الخبز ومشاكل المعيشة زي ما قال المخلوع (مجرد ضايقة) وكلو سينتهي عند الاحلام الوردية!
    بالمناسبة دجاج قحت ودجاج الكيزان نفس المدرسة.. السير في اتجاه واحد، والبقول أي كلمة نقد هو عدو فإما ان تمشي في الخط خشمك عندك أو انت ضد الثورة!!
    نفس العقلية ونفس المدرسة، بس ديك واقعة في اليمين ودي واقعة في اليسار وكلتا المدرستين تبرران لنفسيهما ولو مات الشعب كله جوعا يقولوا ليك طيب ما لو ؟؟ في زول ما بموت!!! بس موت وانت خشمك عندك؟!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..