الحالة النفسية السيئة أخطر على القلب من الأمراض العضوية

يرى الأطباء والأخصائيون النفسيون أن سوء الحالة النفسية أشد خطرا من الأمراض العضوية، ذلك أن من يسقط في شراك الإحباط والحزن الشديد والاكتئاب يفقد، تدريجيا، الرغبة في تناول الأدوية والطعام والإقبال على كل أشكال الحياة ويصير ميالا إلى العزلة والتدخين والخمول. وكل هذه العوامل تفاقم أعراض الأمراض العضوية وتزيدها تعقيدا وقد تصل إلى حد التسبب في الموت المبكر.
العرب محمد رجب
مع سوء الحالة النفسية تتراجع الصحة العامة بشكل تدريجي، ومن ثم يتحول الأمر إلى أمراض عضوية ونفسية. وتؤكد الأبحاث الطبية أن الشعور بالانكسار والحزن يرفع بالفعل من مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية ويقود إلى الموت.
ففي الحالة النفسية السلبية يسيطر الإحباط على الشخص الحزين ويغذي لديه الرغبة في الانعزال عن محيطه. وتنتج تلك الحالة عن نقص أو عدم توازن في المواد الكيميائية الموجودة في المخ والجسم كافة، والتي تسمى نويروترانسميترات (ناقلات كيميائية عصبية)، مثل: سرطونين، نورابنفرين ودوبامين.
وبحسب إحصائيات عالمية حديثة، فإن هناك أكثر من 400 مليون شخص حول العالم مصاب بمرض الاكتئاب والحالة النفسية السلبية، وتبلغ نسبة الإصابة به بين الرجال 10 ? 15 بالمئة، في حين ترتفع النسبة بين النساء إلى 15 – 25 بالمئة.
وقد أجرت مجموعة من العلماء يترأسها ستيفن رووس، أستاذ الطب بجامعة فيلادلفيا الأميركية، دراسة شملت نتائج عشرين عاما من البحوث الطبية حول الحالة النفسية السلبية وأمراض القلب، وخلصت إلى أن الأشخاص المصابين بتلك الحالة السلبية يزيد لديهم احتمال إصابتهم بأمراض القلب بمقدار يتراوح ما بين أربعة إلى خمسة أضعاف الشخص الطبيعي. واستند رووس في ذلك إلى نتائج ثلاث عشرة دراسة شملت أكثر من 40.000 شخص.
كما كشفت الأبحاث أن الاكتئاب يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي بمقدار أربعة أضعاف، وحتى الاكتئاب الأكثر اعتدالا، والذي لا يصل لمرحلة التشخيص كمتلازمة مرضية، يزيد من هذه المخاطر ويؤثر سلبا على صحة الإنسان بمقدار يتراوح من 1.5 إلى الضعفين.
وشارك في تلك الأبحاث ?الموت والاكتئاب وأمراض القلب?، والتي عرضها رووس خلال فعاليات المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية للأطباء النفسيين في تورونتو بكندا في مايو 2015، حوالي خمسة آلاف شخص من مختلف المراحل العمرية، 30 بالمئة منهم أصحاء نفسيا، و30 يعانون من اضطرابات نفسية محدودة، و40 بالمئة مرضى بالاكتئاب والحالة النفسية السلبية.
وفي دراسة أخرى أجرتها الأستاذة نانسي فريزر سميث، المتخصصة في الأمراض النفسية وعلاقتها بالأمراض العضوية، وجدت أن 3 بالمئة من غير المكتئبين توفوا بعد ثلاثة أشهر من الإصابة باحتشاء عضلة القلب، وذلك مقارنة بوفاة 16.5 بالمئة من المرضى بالاكتئاب. وهو ما يؤكد فرضية أن الحالة النفسية السلبية أخطر على قلب الإنسان وحياته من الأمراض العضوية، كذلك أكدت إحدى عشرة دراسة أجريت في فترات مختلفة، أن الحالة النفسية السلبية عامل رئيسي يؤدي إلى الوفاة بعد الإصابة باحتشاء عضلة القلب.
ويقول د. مدحت الجمال، استشاري أمراض القلب بمعهد القلب القومي بالقاهرة ?إن الصحة النفسية عامل مهم ومؤثر في الإصابة بالأمراض العضوية، وفي مقدمتها الأمراض التي تصيب القلب، حيث تزيد الحالة النفسية السلبية من احتمال تجلط الدم واضطراب دقات القلب، كما تؤدي إلى عدم الالتزام بتعليمات الأطباء في ما يتعلق بتناول الأدوية، وممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي?.
وأوضح الجمال أن من الأسباب المحتملة لازدياد خطر الموت المبكر، افتقار المرضى بالحالة النفسية السلبية إلى اتباع أنماط حياة صحية، فيكثر في ما بينهم التدخين وتناول المشروبات الكحولية والإفراط في تناول الطعام وقلة ممارسة التمارين الرياضية.
وأضاف الجمال ?هذا المرض يصيب الجسم كله، فهو يساهم في رفع نسبة التعرض لمرض القلب، ويخل بعمل جهاز المناعة، فضلا عن دور الاكتئاب في إحداث تغيرات في نشاط الجهاز العصبي، مما يؤدي إلى ارتفاع في ضغط الدم وزيادة في سرعة القلب?. وأشار إلى أن دراسة أميركية كشفت أن معالجة الاكتئاب باستخدام العقاقير المضادة له لا تحسن مزاج المرضى وحسب، بل تقيهم من خطر الإصابة بأمراض القلب.
محمد رجب
العربية