ما بين يونيو 89 واليوم (2)

في خطابه الذي استلم به السلطة في صبيحة الجمعة 30 يونيو 1989 قال العميد (آنذاك) عمر حسن أحمد، لم يرد اسم البشير في ذلك اليوم، قال في خطابه الذي وجهه للمواطنين الشرفاء أنهم كضباط في القوات المسلحة أتوا ليس حُبّاً في السلطة ولكن لإنقاذ الوطن مما حلّ به نتيجة السياسات الحزبية التي قال فيها ما لم يقله مالك في الخمر.
أورد العميد عمرحسن أحمد 18 نقطة عن سوء الأحوال في الوطن والتي سيعملون على تقويمها وإزالة السوء الذي حاق بالبلاد جراء تضارب المصالح الحزبية الضيقة والعمل لمصلحة الحزب وليس الوطن. فلنرى ما هي تلك النقاط وماذا تحقق منها. وكيف هو حال السودان اليوم مقارنة بحالة قبل ربع قرن من الزمان؟ توقفنا المرة السابقة في النقطة (6).
7- قال البشير: ( وإنهيار الخدمات الصحية والتعليمية).
وماذا نقول على ما هو أمامنا اليوم؟ حيث صار العلاج بالفلوس والتعليم حدِّث ولا حرج. فالمقارنة مفقودة بين حال التعليم والصحة في أو قبل يونيو 1989 واليوم بما لا يحتاج لشرح، لأنها معايشة المواطن اليومية للبؤس الذي أتت به الإنقاذ.
8- قال: ( وتعطيل الإنتاج بعد أن كنا نطمع أن تكون بلادنا سلة غذاء العالم أصبحنا أمة متسوِّلة تستجدي غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود).!!
لم نكن نستورد الطماطم والثوم من خارج البلاد ولكن اليوم نستورد حتى زيت الفول السوداني من مصر وعمان والسعودية، واليوم أكثر من 60% من مصانع ومعاصر الزيوت في مختلف أنحاء الوطن متعطلة ومتوقفة عن الإنتاج! فمن عطّل الإنتاج الحكم الديمقراطي أم إنقلاب الإنقاذ؟ رمتني بدائها وانسلّت. والإختشوا ماتوا.
9- وقال: ( وانشغل المسؤولون بجمع المال الحرام حتى عمّ الفساد كل مرافق الدولة).
لم نسمع بوزير في الحكم الديمقراطي يمتلك شركة تعمل في المجال التجاري تنافس شركات القطاع الخاص ولكن كمثال لا حصر: هنالك شركة علي كرتي التي تعمل في مجال مواد البناء وشركة المتعافي التي تعمل في كل شئ من الزراعة والتجارة والمقاولات! وغيرهم كثيرون، فمَن مِن المسؤولين إنشغل بجمع المال الحرام؟ مسؤولو الحكم الديمقراطي أم مسؤولو حكومة الإنقاذ؟ ( الفيك بدربو قبال ينبذوك بو).
10- وقال: (وكل هذا مع إستشراء التهريب والسوق الأسود).
واليوم يتم تهريب الذهب والمعادن النفيسة بواسطة شركات يساهم فيها كبار رجالات الإنقاذ وعلى عينك يا تاجر، وما الشركة التركية التي ظهرت حولها الأقاويل في الأسابيع القليلة الماضية إلا خير دليل لتهريب الذهب. أما السوق الأسود فقد صار اليوم هو السوق المعتمد والرسمي لجميع السلع بلا إستثناء.
11- قال: (مما جعل الطبقات الإجتماعية من الطفيليين تزداد ثراءً يوماً بعد يوم).
سؤال شخصي: ما هي مصادر دخل أشقاءك ليمتلكوا الفلل التي شاهدها الجميع في عزبة كافوري؟ وعلى هذه قس؟ كيف إمتلك أبناء وجهاء الإنقاذ الشركات العابرة للحدود وهم حديثوا التخرج في الجامعات ومازال زملاءهم يبحثون عن فرصة عمل لن تأتي مالم تكن من أولاد المصارين البيض! من هم الطفيليين: كيف أمتلك الحفاة العراة الذين كانوا يبحثون عن قطعة أرض 400 متر مربع قبل قيام الإنقاذ، كيف امتلكوا الفيلات مثنى وثلاث في المنشية والرياض وقاردن سيتي؟
12- وقال البشير: (بسبب فساد المسؤولين وتهاونهم في ضبط الحياة والنظام).
لكل ذي لب وألقى السمع وهو شهيد سيعلم أن فساد مسؤولي الإنقاذ لا يحتاج لتبصير فهو كالشمس في رابعة النهار. وأمثلة الفساد كثيرة تبدأ بطريق الإنقاذ الغربي وتمر ببيع النقل الميكانيكي والنقل النهري وسودانير ولا تنتهي بقطع الأراضي والمستشفيات كمستشفى الخرطوم وأخيراً وليس آخراً بيع مصلحة الآثار لدولة قطر مقابل 135 مليون دولار!
هل هنالك فساد أكثر من أن يمتلك جهاز الأمن الوطني أكثر من 30 شركة تجارية تنافس القطاع الخاص في مجاله ويذهب ريع تلك الشركات لمنسوبي الأمن وليس لصالح الخزينة العامة؟؟!
هل هنالك فساد أكثر من مساهمة الحكومة في شركات كثيرة بنسبة 19% تفادياً لمراجعة المراجع العام للدولة وتحايلاً على القوانين، لأن الشركة التي تقل نسبة مساهمة الحكومة عن 20% لا تخضع لقانون المراجع العام؟!!
نواصل بقية النقاط بقدرة الله. (العوج راي والعديل راي).
كباشي النور الصافي
لندن – بريطانيا
[email][email protected][/email]