ليست قضية إسلام سياسي.. بل قضية استخدام الدين في السياسة

متى يصل العالم الى قناعة برفض استخدام الدين في السياسة في جميع أنحاء العالم؟ كي لا يشعر أتباع دين معين بأن القضية موجهة ضدهم، ولكي لا يستخدم المتطرفون ذلك لتجييش البسطاء في معارك دينية.
بقلم: سلام سرحان
لا بد من الاشفاق بتعاطف كبير مع من يتولون مسؤولية الموجهة التاريخية التي تدعمها أغلبية ساحقة من الشعب المصري مع جماعة الإخوان المسلمين، كعنوان لجميع الأحزاب التي تستخدم الدين في السياسة.
بلا أدنى تعسف يمكن مقارنة ما يحدث في مصر بعصر النهضة في أوروبا، الذي افتتح عصور النهضة بإقصاء الكنيسة عن الحياة السياسية، وما كان لأوروبا أن تنهض بدون ذلك.
مصدر الاشفاق هو حجم المسؤولية وخطورتها وقلة تفهم المجتمع الدولي لما يحدث في مصر، ذلك المشهد المتقدم لما يمكن أن يحدث في معظم البلدان “الإسلامية” بل وفي جميع أنحاء العالم، إذا سعت جماعة لهدم كل قيم المواطنة والعدالة والمساواة، من خلال استخدام تفسيرها الخاص للدين والحقيقة المطلقة وفرض وصايتها باعتبارها “حزب الله” الوحيد في الأرض.
يمكن أن نفهم أن العالم أمام معضلة استثنائية، فهو أمام إرادة شعبية تنقلب بمساعدة العسكر لتصحيح خطأ تاريخي أوصل جماعة الى الحكم عبر الانتخابات، لكن الشعب أدرك خطأه وعبر بوضوح وبأغلبية ساحقة، أنه ندم على ذلك.
ما لا يدركه العالم أن “سفينة هائلة” أدرك ركابها أن من آلت إليهم قيادتها سيغرقون السفينة بجميع ركابها.
ثمن المواجهة الحالية باهظ، لكن إغراق السفينة المصرية ثمنه أكبر بملايين المرات.
قضية مصر كما ذكرنا مشهد متقدم عالميا. والشعب المصري تمكن بسرعة من إدراك حجم المواجهة التاريخية، التي لم يدركها العراقيون والتونسيون والايرانيون، الذين يرزحون تحت حكم الإسلام السياسي، ربما لأسباب ليست في يد تلك الشعوب.
فحركة النهضة في تونس لم ترتكب ما يكفي من الحماقات التي ارتكبها الإخوان المسلمون في مصر، كي تبلغ المواجهة ذروتها. والعراق واقع في فخ استقطاب خارجي ودولي واسع، ويملك عوائد نفطية كبيرة، تسمح للأحزاب الإسلامية الحاكمة باللعب على حبال كثيرة، إضافة لافتقاره لمؤسسات الدولة والمجتمع المدني، التي ساعدت المصريين على الانقلاب على الوضع الشاذ.
أما إيران فهي قضية معقدة، تغذيها ذخيرة طائفية وتاريخية مزمنة تمتد جذورها الى 14 قرنا، ولا تقف عند 35 عاما من عمر الثورة الايرانية.
وقبل هذه وتلك “دولة” إسرائيل، التي كان دمر قيامها على أساس ديني، كل فرص الاستقرار في المنطقة. ولولاها لكانت المنطقة في عداد الدول المتقدمة.
لو كان في تصرف حكومة الإخوان المصرية 100 مليار دولار من العوائد النفطية السنوية مثل العراق، فربما كانوا سيتمكنون من تعميق الخراب، الذي ما كانت آثاره لتقتصر على مصر.
بغض النظر عما سيحدث في مصر، فإنها ستسدي للعالم خدمة كبيرة لتقريبه من اجماع دولي يمنع استخدام الدين في السياسة أو يرفضه بشكل صريح في “أضعف الإيمان”، سواء تمكنت من فرض سلطة دولة مواطنة مدنية، أو انزلقت في مواجهة طويلة ومؤلمة مع التطرف.
المفارقة، أن الرأي العام والحكومات الغربية ترفض بشدة قيام أي تجمع سياسي على أساس ديني أو حتى قومي، في حين أن الاحتلال الأميركي للعراق سلّم السلطة للأحزاب الطائفية الدينية، ويواصل في مصر تحفظه على المساس بحركات الاسلام السياسي.
الموقف الغربي، الذي لا يبدو أنه سيؤثر كثيرا على ما يحدث على الأرض المصرية، قد تكون في فوائد كبيرة… يمكننا أن نتخيل الذخيرة التي كان سيمنحها لأحزاب الاسلام السياسي، لو عبر بوضوح عن تأييده لإقالة حكومة الإخوان المسلمين. كانت أحزاب الإسلام السياسي ستقيم الدنيا ولا تقعدها، على أنها مؤامرة غربية وصليبية ضد الإسلام، وكانوا سيكسبون بعض التعاطف من جانب واسع من المسلمين.
لكن الموقف الغربي المتحفظ سيخدم المصريين بشكل أكبر، وسيمكنهم من فرض إرادتهم وإعادة ضوابط الدولة المدنية. وقد يساعدهم على حظر جميع الكيانات السياسية القائمة على أساس ديني.
المواجهة المصرية التاريخية ستجعل العالم يدرك ذات يوم قريب أن دخول الدين في السياسة هو أخطر ما يهدد مستقبل التعايش في العالم، وأن العالم بحاجة الى إجماع عالمي وضوابط تمنع دخول جميع الأديان في السياسة.
عاجلا أم آجلا، سيدرك العالم أن استخدام الدين في إدارة شركة خاصة لا بد أن يفسدها ويسيء الى المعتقدات الدينية… فما بالك بخطورته إذا استخدم في العمل السياسي؟
ينبغي عدم قصر الحديث عن خطورة الإسلام السياسي، سواء عند الحديث عن الوضع المصري أو التونسي أو العراقي أو أي بلد آخر. الحديث بدل ذلك ينبغي أن يذهب الى خطورة استخدام جميع الأديان في السياسة في جميع أنحاء العالم.
فالأمر لا يختلف مع أي دين آخر وفي أي بقعة من العالم. يمكننا أن نذكر فوز حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي في ولاية كوجارات في الهند قبل عدة أشهر، وما أدى إليه من اندلاع أعمال العنف فور الاعلان عن فوزه.
ويمكننا أن نعود الى ما بين عام 1998 وعام 2004 حين حكم الحزب الهندوسي الديني الهند، فلم يمر يوم خلال حكمه دون إحراق مسجد أو معبد هندوسي، وبلغ التوتر مع باكستان درجة، كانت تنذر بمواجهة نووية.
كل تلك الاضطرابات احدثها فوز حزب ديني هندوسي، رغم أن معتنقي الديانة الهندوسية يشكلون نحو 81 بالمئة من سكان الهند.
بمجرد عودة حزب المؤتمر لزعامة الحكومة في عام 2004 اختفت تلك الأعمال وعادت دولة المواطنة، وعين الحزب العلماني رئيس وزراء من طائفة السيخ، التي لا تشكل أكثر من 3 بالمئة من سكان الهند. وعين حينها العالم النووي المسلم عبدالكلام رئيسا للبلاد.
مجرد مثال يظهر أن القضية ليست قضية إسلام سياسي، بل هي بشكل أعم قضية استخدام الدين في السياسة، ولن يختفي هذا النوع من التوترات الخطيرة الى أن يصل العالم الى قناعة صريحة برفض استخدام الدين في السياسة في جميع أنحاء العالم، كي لا يشعر أتباع دين معين بأن القضية موجهة ضدهم، ولكي لا يستخدم المتطرفون ذلك لتجييش البسطاء في معارك دينية.
ميدل ايست أونلاين
مقال رائع وهي حقيقه على فكرة
(((بلا أدنى تعسف يمكن مقارنة ما يحدث في مصر بعصر النهضة في أوروبا، الذي افتتح عصور النهضة بإقصاء الكنيسة عن الحياة السياسية، وما كان لأوروبا أن تنهض بدون ذلك.)))
اذن لماذا يدعم اوباما الإسلامين فى مصر ؟؟؟؟؟؟؟؟
نحن المسلمين لا يمكننا أن نفصل ديننا عن سياستنا لأن حياتنا و سياستنا يجب أن يحكمها الدين، أما فى أوربا فلا دين يحكمهم و لم يعد هناك الا قلة قليلة جدا تؤمن بالمسيحية و حتي هذه القلة قد أضافت الكثير الي المسيحية مما جعل المسيحية الحالية مسخا مشوها من المسيحية الحقيقية، ديننا الاسلامي لا يعوق أي تطور علمي بل يشجعه و يحث عليه و الآيات و الاحاديث الدالة علي ذلك كثيرة لا حصر لها، أما ما أورده الكاتب و هو الهندوسية كمثال الهندوسية ليست دين سماوي من رب حكيم عليم، انما هي خزعبلات و خرافات لا يمكن لانسان عاقل أن يتخذها نبراسا لمسار حياته.
ديننا الاسلامي هو خير من يحافظ علي قيم المواطنة والعدالة والمساواة و الاقليات ستجد فى ظلاله عدالة مطلقة لن تجدها عند العلمانية.
لماذا يهتم العالم بكل الدول وينسى معاناة الشعب السوداني على مدى ربع قرن من حكم الاسلام السياسي والله إنه لمن المؤلم والمؤسف ان يغض العالم الطرف عن شعب طحنه الغلاء والجهل والتخلف جراء نظام يحكم فقط لجماعته من الأخوان ولايهمه97 في المئه من الشعب نناشد ضمير العالم ان يهب لنصرة هذا الشعب المقهور وان تجد قضيته بعض الاهتمام
ما هو واضح فى السودان وغيره من الدول المحكومة بالانظمة الدينية.. لو كل واحد مارس حريته الدينية واحترم حريات الآخرين وكل موظف فى الدولة ركز فقط فى عمله كانت البلد اتطورت بعيد من الهوس والتشنجات وإقصاء الآخر والتمكين..