صناعة النجاح.. التربية الأسرية تقود لتجاوز الفشل.. ثقة وعزيمة

الخرطوم – نسيبة محجوب
مثلما تهز الرياح الشجر تصيب الكلمات والعبارات الجارحة التفكير، التي تحول أحيانا الشخص إلى إنسان سلبي، فالأشجار الصلبة تظل صامدة تصارع الريح بقوة لكي تحافظ على شموخها، وهكذا الرجل القوي يستطيع أن يضمد جروحه بتحقيق النجاحات، فلا يوجد شخص لا يمر بلحظة من الفشل، سواء في حياته الدراسية أو العملية، أوغيرها من المواقف التي يتعرض لها في الحياة.
لكن هناك من يستسلم للظروف الصعبة، وآخر يقاوم حتى يصل إلى ما يصبو إليه، إذن ما هي الأسباب التي تجعل من الإنسان فاشلاً هل هي الأسرة أم البيئة المحيطة؟ وكيف يمكن التخلص من ذلك الشعور؟
توجيه سليم
يرى ياسر السر (مواطن) أن زرع الثقة في النفس أساس تكوين الشخصية القوية التي لا تخشى الفشل. وقال: “بطبيعة الحال قد تتغلب وضعية الإنسان فقد لا يكون ناجحا في كل الأحوال، وربما يتعرض إلى بعض العثرات التي هي سنة الحياة، فالشخصية صاحبة الإرادة هي التي تستفيد من ذلك بجعل هذه التعثر سبيل إلى النجاح كما يقال (العترة بتصلح المشي)”. وتابع: “لذا فإن النجاح أو الفشل بنسبة 99% إن لم نقل (مئة) صنيعة الأبوين”. ولفت إلى بعض المفاهيم الخاطئة لدى الآباء. وقال: “غالبية الآباء يظنون أن التربية في توفير الأموال وسد كل متطلبات الأبناء”.
أسباب عديدة
سردت منال سليمان (موظفة) عدة أسباب – بحسب رأيها – تدفع إلى الفشل من بينها التكنولوجيا ووسائل الاتصال التي أدمنها الأبناء، والنظر إلى الصالح والطالح منها دون رقيب من الأسرة. وأشارت إلى أن هناك ألفاظاً يتم التعامل معها بسهولة رغم أنها قد تشكل خطراً على سلوك وأخلاقيات الأطفال، كعبارات (يا بليد وحيوان غبي)، خاصة إذا ظلت راسخه فإنها تهدد مستقبله، فيعيش بدون هدف أو طموحات. واستدركت: “هناك عدد ليس بالقليل من التصرفات التي يجنح لها الآباء في اعتقادهم أنها من صميم التنشئة كالضرب دون مبررات، بجانب عدم تعليمه كيفية الاعتماد على نفسه”.
سب وشتيمة
أما مواهب خليفة (معلمة) قالت: التوبيخ والنزول على الأبناء بالشتائم سبب رئيس في الفشل، لاسيما أن الطفل لا حيلة له، ولا يعرفون معنىً للفشل والنجاح أوغيرها من الصفات محمودة أو مذمومة، فأبواه من يعلمانه طريقة التعامل، لذا فإنه يتشكل حسب المعاملة، وقالت مواهب في حديثها لـ (اليوم التالي): بصفتي معلمة شاهدت كثيراً من المواقف التي أحسبها ضارة لمستقبل طفل لم يتذوق طعم الحياة، خاصة من جانب الأمهات، وتلك المشاهد تتكرر بين الفترة والأخرى عند إعلان النتيجة، تنزل الأم بالسب والشتم إذا لم يتحصل ابنها على درجة ممتازة، ليس ذلك فحسب بل تلجأ أيضاً إلى أسلوب المقارنة بينه وبين زملائه المتفوقين، كل هذه وغيرها من الأساليب التي لا تحصى ولا تعد، كفيلة بأن تنتج فرداً غير قادر على العطاء.
رضا نفسي
وأشار نصر الدين الدومة (باحث نفسي) إلى أن الفشل يتباين بين الأفراد في المجتمع مع بتباين أهداف الحياة، لاسيما قدراتهم وإمكانياتهم،، كما هو الحال في الرضا النفسي الذي يختلف بين الأشخاص لارتباطه بطريقة التفكير لكل منهم، لأن الحياة فرص يكون تحقيق الطموحات فيها نسبياً أو معدوماً. وأضاف: “هنا يلعب تقييم حجم الفشل كحل أساسي إذا كان التفكير إيجابياً في أنه يقود إلى طريق النجاح، أما إن كان سلبياً فإنه يؤسس للفشل بفشل آخر بسب الإحباط الذي يؤدي إلى تفاعل وتنامي ذلك الإحساس، خاصة إذا كان الشخص ذا قيم ضعيفة، لذا فإن العنصر الذاتي عنصراً رئيساً في توليد ذلك الشعور، وعد الدومة أسلوب المحاسبة والتأنيب للطفل عند الإخفاق من مهددات عقلية الطفل في المراحل الأولى، باعتبار أنها تؤسس لبناء بنية ضعيفة لديه. ويرى أن التأنيب لابد أن يكون للفعل ليس لشخصيته، لتجنب المشكلات التي يمكن أن يتعرض لها مثل الأمراض النفسية.
ويرى الدومة أن الاندماج في المجتمع وإنشاء علاقات اجتماعية السبيل الوحيد للخلاص من ذلك الشعور. وقال: “كلما كان الشخص صاحب علاقات اجتماعية يستطيع أن يتخلص من ذلك الإحساس بمشاركة الآخرين، عكس الانطوائي الذي يدور في محور نفسه التي قد تؤدي به إلى الهلاك إن كان تفكيره سلبياً”.
اليوم التالي