أخبار السودان

مع أسرة أول من أطلق الرصاص حين رُفع علم الاستقلال ادريس سليمان ادريس

الخرطوم: نفيسة محمد الحسن
كثيرة هي المحطات في تاريخ استقلال السودان ? التي تستحق وقفات تأمل واستبصاراً لشخصيات ورموز مؤثرة غفلت عنها صفحات التاريخ عن التوثيق لها بحجمها وبُعدها المهم للاجيال? مع نفحات ذكرى الاستقلال اليوم? جلست «الصحافة» في توثيق جديد ينشر لاول مرة مع اسرة اول من اطلق الرصاص حين رُفع علم الاستقلال قبل 61 عاماً?. ويبقى التاريخ مفتوحاً?.
منزل متواضع? واسرة كريمة?
في شرق النيل منطقة الحاج يوسف المايقوما محطة «20» تقطن اسرة اول من اطلق طلقة حين رفع العلم ايذاناً بالاستقلال المرحوم ادريس سليمان ادريس الذي تنحدر اصوله من الولاية الشمالية في منطقة مروي تنقاسي السوق، وُلِد في العام 1937م ووالدته «وادي البشير» واخوانه محمد واحمد وسيد احمد موجودون بتنقاسي واخواته ستنا وام الحسين وفاطمة وزينب التقيت بهم بمنزلهم في صباح شتوي واسترجعت مع الاسرة ذكريات ثرة عن حياة والدهم وتنقلاته عبر ولايات السودان المختلفة وذكرياته في جنوب السودان التي تزوج من احدى بناتها المشهورات بحسن الاخلاق والأُسرة المسالمة في تصاهر عميق يدل على اصالة الاخلاق السودانية وحسن المعايشة التي كانت سائدة في ذلك الوقت حيث روت ابنته هاجر ان والدها كان ملازماً في سلاح المدفعية / السلاح الجوي وعمل بالقيادة الشمالية في كلٍ من شندي وعطبرة وحلايب وابو رماد كما عمل في جنوب السودان لمدة 22 عاماً في كلٍ من جوبا ويي وكجي كجي وكبويتا وتوريت وكتري وقالت ايام التمرد وبداية اندلاعه كنا في منطقة «تمبيلي» في العام 1967م كان الضرب يأتي من كل حدب وصوب وكان لنا شهران منذ قدومنا وعشنا اياما عصيبة انا والمرحوم وكل من كان هناك فكانت اصوات طلقات الرشاش والمدافع الثقيلة تصم اذاننا وصلت حد ان اقتلع السقف من فوق رؤوسنا ونحمد الله ان ذلك كله اصبح ذكريات رغم مرارة التجربة?.
تصاهر سوداني جنوبي?
وواصلت الحديث زوجته الحاجة عائشة ابراهيم خليل من قبيلة الباريا في اقليم الاستوائية وقالت بان منزلهم في جنوب السودان كان قبلة للضيوف الشماليين والجنوبيين على حد سواء ولم يخل يوما واحدا منهم كما اشتهر زوجها بالكرم الفياض وعرف به وكان طيباً واضافت بان لهم من الابناء اثنين فيصل وابوبكر وسبع من البنات هن امال رحمها الله واماني وسمية وثريا وهاجر وسارة وعبير ، وتواصل الحاجة عائشة حديثها بان المرحوم طاف على ولايات السودان كافة ابان فترة عمله وبالطبع كانوا معه وكان يمكث في كل منطقة قرابة الاربعة اعوام حسب تكليفه وانتقل ايضاً الى نيالا وفتح فيها اول مكتب للغابات في «تُلُس» ومنها توجه الى الدمازين والكرمك وحدود الحبشة ثم السوكي وعقبها تقاعد بالمعاش، يمتاز طبعه بالهدوء ودماثة الاخلاق وكان لا يفرط في زيارة الاهل والاقارب من الطرفين كلما سنحت له الفرصة في الاجازات ما جعله محبوبا من الاهل كافة وكان باراً بأهله وبيته فمنذ ان كان في جوبا 1967م يتوافد على منزلنا الموظفون ورجال البوليس والجيش ويكرمهم بحسن الضيافة والاستقبال.
احتفاء وتكريم?
تم تكريمه مرات عديدة من قِبل الدولة ونال العديد من الاوسمة والوشاحات وحضرنا معظمها معه واذكر تكريم وزارة الزراعة والغابات في السوكي فهو اول من قام بعمل مناشير النيل الازرق وحين المعاش تم تخييره بين ان يأخذ معاشه من وزارة الزراعة والغابات آنذاك وبين معاش ضباط القوات المسلحة في العام 1997م ، ودرس بعثة دبابات ولاسلكي في مصر وعمل ابان حكم جمال عبد الناصر ، واستطردت الحاجة عائشة بان المرحوم كان رجل خلاوي منذ نشأته بحكم انه من عائلة تشتهر بالخلاوي في الولاية الشمالية وجدوده هم اولاد «وراق» المعروفون بالصلاح والخلاوي وعمه عبد الله هو ناظر عموم الشوايقة والعُمد في مروي في الولاية الشمالية ومازالت «سراياهم» و«نحاسهم» موجوده حتي الان وسار المرحوم ادريس على نهجهم وكان يقوم بالاحتفال بالمناسبات الدينية كالاحتفال بالمولد النبوي الشريف وحتى اثناء اقامتنا في جنوب السودان كان يحتفل به كما قام ببناء مسجد في مدينة «لوكا» ومدرسة في مدينة «كتري» بجنوب السودان وكان يدعو للاسلام في تلك الفترة واسلم على يديه كثير من ابناء جنوب السودان ، وكان لا يجامل في حق الله ولا واجباته الدينية او الوطنية، استقر في الخرطوم بعد العام 1997م الى ان توُفي في 20/ 4/ 1999م وتروي الحاجة عائشة بانه اول من اطلق طلقة حين رُفِعَ العلم السوداني ابان الاستقلال وتوجد سيرته الذاتية قبل وفاته وتوثيقه في مجلة المتحف الحربي.

الصحافة.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..