حكايات المُنشقِّين ..!ا

حكايات المُنشقِّين ..!
منى ابو زيد
«كل المحاولات لتجميل السياسة تنتهي بالحرب» .. والتر بنجامين!
المجتمعات المحافظة لها أطر فكرية وضوابط سلوكية تُشَكِّل نظرة أفرادها إلى صورة المثقف اليساري، تلك الصورة النافرة، المتمردة على القوالب التقليدية ..
الأمر الذي يضع هذه الفئة من المثقفين السياسيين أمام خيارين، فإما أن يخلص الواحد منهم لانتمائه حد المزج بين السلوك الخاص والعمل العام، وإما أن يعيش حياة مزدوجة المعايير، يخلص فيها لاتجاهاته الفكرية والسياسية من جهة، بينما يجاري ضوابط مجتمعه التقليدي من جهة أخرى ..!
الفكر الشيوعي التزام صارم، وقيد من حديد، والرجوع عنه (لعنة) تلازم كل من يفارق طريقه، شخصيات محلية وعالمية كثيرة فقدت وهجها – إن لم يكن حياتها – وانطفأت بعد أن فارقت المسير على صراط اليسار الصارم ..!
من حكاية الشاعر الكبير صلاح أحمد ابراهيم مع زملاء كفاحه والتي تؤرخ لها مقالاته المبعثرة بين دار الوثائق و مكتبة الكونغرس الأمريكي .. كما لا تزال تؤكدها القصص التي يرددها بعض الأحياء من معاصريه عن مراراته وخذلانه العميق ـ من حروب اغتيال الشخصية ـ الأمر الذي بدا جلياً في نصه الشعري الحزين (دوريان جراي) ..!
إلى مأساة زميله شيبون الذي أعطى كل شيء لولائه الحزبي، ثم قاده الاحباط والشعور باللؤم والحصار – بعد اختياره فراق الحزب باحسان – إلى الانتحار شنقاً بعمامة رأسه ..!
وفي كتابه الذي بعنوان (كنت شيوعياً) والذي يحوي مقالاته التي كتبها في الصحف العراقية في خمسينيات القرن الماضي ـ بعد أن ترك الحزب الشيوعي ـ روى الشاعر العراقي بدر شاكر السياب وقائع خاصة تشير إلى الآثار السالبة التي تركها انتماؤه إلى العمل الحزبي على علاقاته الأسرية ..!
فبعد أن تم نشر مقالاته التي انتقد فيها الحزب الشيوعي نقداً عنيفاً، سلط عليه الحزب شقيقه الأصغر الذي دبج مقالات ساخرة اتهمه فيها بالكذب والتحامل على الحزب وأساء إليه مستخدماً ? في ذلك – حفنة من ذكريات الطفولة المشتركة ..!
في كتابها (بجعات برية) الذي يوثق لدراما صينية عن حياة ثلاثة أجيال، أكدت مؤلفته يونغ تشانغ أن السبب الرئيس في مأساة أسرتها مع الحزب الشيوعي الصيني هو اتخاذ والديها مواقف صارمة من سياسات الرئيس ماو، ومن السلوكيات الخاطئة لبعض أفراد الحزب .. والتي نتجت عنها معاناة أسرتها بأكملها مع صور العقاب السياسي «من الاعتقال مروراً بالجنون وانتهاءً بالموت» ..!
فالذي تلتقي عنده وتتفق عليه، تلك الشخصيات المنشقة هو معاناتها جراء اختلافها الجزئي أو الكلي مع الحزب الذي كانت أفكاره وسياساته بالنسبة إلى كل منها (مشروع حياة) قبل أن تعدل عنه وتختار لأنفسها طرقاً أخرى مغايرة ..!
الأمر الذي يؤكد مفارقة سياسية/اجتماعية مفادها أن الجمع بين احترام أعراف المجتمعات التقليدية والإيمان المطلق بمبادئ الفكر الشيوعي كان ومايزال معادلة مستحيلة ..!
الراي العام
الاستاذة منى احى دأبك على الكتابة المتمبزة والمترعة بالمثال والواقع أسوأ فى كل البلدان والسودان مثال جيد لهكذا ممارسات وفى الغالب تتضح بصورة واضحة فى الاحزاب العقائدية شمال او يمين مافرقت
الســــيدة أم الآنســـــة لســت أدري
ماذا اردتي ان تقولي في مقالتك هـذه , هل تريدين القـدح أم المدح أم انه مجـرد طق حنـك ,
انا غير منمي لأي حـزب و اتابع مقالتك في كثير من الأحيان حيث ارى فيها نضج و بعضها لا يرقى
لصحيفة حائطية
هنا لم أصـل لأ فائدة غير اســتعراضك لمعلومات لاكها الكثيرون حتى اضحت كـ ( تفل العنكوليب )
المنشــقون هل يعذبهم ضميرهم عندما يبيعون حزبهم و يتنكرون لماضيهم , ام يطاردهم حزبهم
كثيرون تركوا احزابهم و عاشــوا ســعداء
يا اختي انتي معانا والا مع التانيين؟؟
ياناس انا معجب بالست دي وكتاباتها
أحمد سليمان المحامي ، بعد إنشقاقه من الحزب الشيوعي السوداني عاش سعيداً ، عكس الذين ظلوا علي مبادئ الحزب الشيوعي السوداني أمثال المناضلة السيدة/ فاطمة أحمد إبراهيم و كثيرين غيرها من الحادبين علي المصالح العليا للشعب السوداني.
عزيزتنا بنت أبو زيد
لا أعتقد أن هناك نوازع تصادمية بين الفكر الإيدولوجي (شيوعي، إسلامي، مسيحي أو يهودي) وبين العادات والتقاليد والأعراف، ولكن تحدث التنازعات النفسية عتدما يتنقل الشخص أيدولوجياً بين نقيضين، ويبدو ذلك جلياً في تصريح صدر مؤخراً عن عبد الباسط سبدرات عندما قال أنه لن يبصق علي ماضيه الشيوعي رغم إنتمائه الحركة الإسلامية، رغم أنه (نفس سبدرات) ظل طوال فترة وجوده في السلطة يبصق علي كل من هو غير مؤتمر وطني، والأمثلة علي ذلك كثيرة (راجعي مؤلفات أحمد سليمان قبل وبعد تركه للشيوعية)
والشاهد أنه لا غضاضة إن تحول المرء عن فكر (طالما عن إقتناع) أن يتبرأ من ماضيه ولن يلومه أحد
ولكن المداهنة والمنافقة السياسية قد تفعل فعلها في تصرفات بعض الأشخاص
هل الرأسمالية كنظرية تجامل من ينسلخ منها تجاه اي نظرية اخرى؟ فرضا من نتكلم عنه من مفاتيح الرأسماليةمثل قائد عسكري أو رجل مخابرات أو سفير و الامثلة كثيرة لكن أسلوب التعاطي مع المنشقين قد يختلف و حتى اليهود و المسيحيين و المسلمين لن يرفعوا القبعات للمنشقين. لكن بربك يا بنت أبو زيدلا تضيعي إطلاعك الواسع في قضايا هامشية و أدخلي في لب الصراع الفكري مثل هل انعقاد مؤتمر الحركة الاسلامية في هذا الوقت في السودان ذو فائدة أم لا ؟