طب ….. وأطباء

طب ….. وأطباء
فلان طبيب كبير .. جملة مفيدة .. لكن ما معناها ؟ !

الطبيب الكبير له إسم مرموق .. يذكره الناس بإحترام لأنهم ببساطة ( يثقون فيه ) أضع تحت يثقون 21 خطاً ! فهذه الثقة لا تبنى بين يوم وليلة ولكنها عبر مشوار متواصل من العناء والنجاح والفشل والسفر والإطلاع على أحوال الطب في الدنيا …
وأما عن الأطباء في دولة كالسودان فهذه حالة خاصة جدا وإنجاز يستحق الإشادة .. فهناك مصاعب جمة تواجه الطبيب السوداني من حيث السفر والبحث العلمي … والإطلاع…. بالإضافة للواسطة … وأهل الولاء …. ثم بئية العمل نفسها محبطة للغاية … الأمر الآخر مشاغل الطبيب الجانبية أو الخاصة فهو إنسان يعاني كما نعاني نحن من شظف العيش وصعوبة الحياة التي لا تخفى على أحد من مدارس .. وأطفال … إلى أبسط مقومات الحياة التي أصبحنا نفتقدها في هذا الزمن الشؤم الكئيب …التي يجب أن لا يفتقدها الطبيب على كل حال
مع كل ذلك تجد الطبيب السوداني من أفضل الأجناس وأحسنهم تأهيلاً وأخلاقاً … خاصة في دول الخليج بسبب الطقوس والتقاليد التي تصل أحياناً إلى أن الزوج لا يعرض زوجته أو إبنته إلا على طبيبة ست وهنا المعجزة … فالأطباء السودانيين بنو سمعتهم كأطباء في جميع التخصصات بمجهوداتهم الفردية حتى في أقسام النساء والتوليد على أمانتهم التامة وعلى أسرار البيوت وهذه نقطة سيكولوجية لها دلالة عميقة تجعل الطبيب من كثرة التردد عليه تجعله واحدا من أفراد الأسرة… إن للطبيب ( كاريزما خاصة ) هي إحدى وسائله في النجاح بالإضافة إلى عمله وذكائه الإجتماعي والمهني وقدرته على النفاذ في الشخصية …
على أي شئ يدل هذا ؟ هذا دليل على عبقرية الطبيب السوداني … لذلك الطبيب السوداني كطبيب غير عادي يستحق أن ترفع له القبعات وله منا كل الإحترام والتقدير … ومكانه ليس المعتقلات .. أوالعقوبات ..
فلولا الثقة في شخص الطبيب وعلمه ما ذهبنا إليه ونحن مرضى نشكو من ألم ما , نذهب إليه بإرادتنا طائعين .. ولهذا نحترم ونثق في قدرة الأطباء الكبار وما أكثرهم في السودان هناك عشرات لأسماء ذات القيمة إسماً وعلماً في السودان وفي العالم العربي … وفي كثير من دول العالم تشهد على عبقرية الأطباء السودانيين .
ولقد إلتقيت بكثير من الأطباء لظروف متعددة بحكم عملي فترة قصيرة في قسم العلاقات العامة ثم التغذية بمستشفى الملك فهد وآخرون إلتقيتهم في مرحلة الدراسة …ومنهم أيضا بحكم العلاقة الأسرية … ومن بين الذين إلتقيت بهم من يحمل جنسية أجنبية … ومنهم من ورث الطب أباً وأماً فهو (إستشاري إبن إستشاري وبن إستشارية كمان) … ومنهم من لم ير أو يعرف السودان إلا بالجواز … وعلى كل حال جاء في خاطري طبيبين إثنيين كنموذجين لا يعرفون بعضهما بعضا لكنني أعرفهما وبأدق التفاصيل بحكم علاقتي بالأثنيين معاً فهما متشابهان في أشياء كثيرة .. …لماذا جاءا على خاطري ؟ لأنهما غير مرفهين ولا ولدوا الملاعق الذهبية في أفواههما ولا الخدم والحشم حولهما لأنهما أناس عاديون ومن بئية تعانق فيها الشرف والفقر بالرغم من ذلك مازالا قابعين في أرض السودان الذي لا يملكون فيه شبراً واحداً يشجعهما على البقاء … ويذكروني بقوله تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) فلماذا إذن فضلا البقاء والعمل في السودان على الإقتراب ؟ هذا ما جعلني أكتب عنهما …
أحدهما البروفسور دفع الله عمر أبو إدريس أخصائي علم الأورام مدير مستشفى الذرة بود مدني سابقاً وحاليا مدير مستشفى الخرطوم للأورام فهو من أعماق الريف السوداني وبالتحديد من قرية كركوج بن العركيين أهلي الكرام أما النابغة الآخر فهو من ام درمان العريقة وهو البروفسور محمد حسن إبراهيم ( الجزولي ) أخصائي جراحة الفم والتجميل وعميد كلية طب الأسنان بجامعة أفريقيا إن لم أكن مخطئ
البروفسور دفع الله أبو إدريس : عمره في بداية الأربعين … فهذا الطبيب حقيقة يستحق مننا الثناء والشكر نحن أهل الجزيرة خاصة والسودان عامة .. لقد إستطاع بجهوده ودماثته وعلمه وهدوئه المعهود أن يحول معهد الذرة في مدينة ود مدني إلى مستشفى الذرة وقام بتأهيله وتأسيسه … رغم كل العوائق التي كانت تعترضه فلم ييأس وواصل العمل .. وبنى له سمعته , حتى أصبح المترددين على هذا المشفى من كل أبناء الوطن وإستطاع أن يقلل من نسبة الوفيات بسبب هذا المرض اللعين وهو أول من دق ناقوس الخطر ومازال ينبه بإنتشار هذا المرض وبالأرقام … وتم نقله إلى مستشفى الخرطوم للأورام لتأهيله وبرضائيه التام وهو في قمة السعادة بعد هذا الإنجاز العظيم والآن هو في الطريق الصحيح وسيقوم بالمهمة خير قيام وسيعيد مستشفى الخرطوم إلى وضعه الطبيعي
وكعادتنا نحن السودانيين بدون إستثناء إلا من رحم ربي لا نجيد لغة المجاملات كما لم نتعلم كيف ومتى نشكر … ومتى نثني على الشخص … فذهب البروف بعد كل هذا الإنجاز الصعب .. في هذا الزمن الكعب … من دون أن يقول له أحد من أهل الجزيرة الكرام شكراً … ممثلاً في وزارة الصحة . فهو بالطبع لا يريد جزاءا ولا شكورا
أهم مافي القضية … أنه في تلك الفترة وهي فترة تأسيس مشفى مدني وأثناء مواجهة الصدمات والإحباط والسفر والعذاب .. والأبواب المؤصدة في وجهه أحياناً بدون أي أسباب طبعاً… أتت له عروضاً كثيرة كان يسيل لها اللعاب من جميع أنحاء العالم حتى من أوروبا التي عمل في إحدى مستشفياتها بفينا… ثم عرضا من الجامعة التي نال فيها درجة الدكتوراه وحصوله على تقدير ممتاز في جنوب أفريقيا وكذلك عروضا من دول الخليج .. لكنه آثر البقاء لأنه يعلم بأن الوطن يحتاجه وإن معدومي الضمير الذين يكثرون في الطمع ويقلّون عند الفزع مصيرهم الزوال
البروفسور الثاني النابغة محمد حسن إبراهيم (الجزولي) : إنه شاب في عمر 38 سنه تقريباً درس في جامعة الخرطوم طب أسنان ونال منها الدكتورة والأستاذيه في جراحة الفم والتجميل …أصابعه تعامل المشرط وكأنه عازف بيانو … ولقد إختارته الجمعية الأمريكية لجراحة الفم والتجميل بعد منافسة قوية جداً فكان الأول في أفريقيا والثاني على مستوى العالم فمثل هذا الإنجاز إن كان من أهل الولاء لسمعنا به في عدة برامج كصحة وعافية على الأقل مثلاً… رغم إنه لا يتعاطى السياسة مع أي حزب … فإذن المسألة أصبحت حسد وحقد على النجاح والناجحين هذا الأسلوب هو الذي أوصلنا إلى مانحن فيه الآن ..
وواصل دراسته في جامعة بكين على حساب هذه الجمعية الأمريكية دون أن تصرف عليه حكومة السودان قرشاً واحداً وتعلم اللغة الصينية في فترة وجيزة جدا حتى أصبح مترجما لها وصال وجال على جميع أنواع المعينات التكنولوجيه الحديثة لإجراء العمليات الجراحية في جامعة بكين وفي أفخم مستشفياتها ودخل أدق العمليات وأكثرها تعقيداً والتي ترسل من أناحاء مختلفة من العالم ومع أشهر أساتذتها … فكان نشط جدا حتى أصبح محور إهتمام أساتذته الذين أوصوا بالتعاقد معه وعدم التخلي عنه .. ورفض رفضاً قاطعاً العمل خارج السودان بالرغم من كل الإغراءات التي عرضت عليه من الصينيين وكذلك الجمعية الأمريكية التي أوفدته للدراسة … وكذلك دول الخليج التي من أكثر البلدان حاجة لهذا التخصص وتبحث عن أصحابه بكل الوسائل نسبة لكثرة الحوادث فيها والتكلفة الباهظة التي تتكلفها الدولة جراء هذه الحوادث من حيث العلاج والتطبيب …
وجاء مندفعاً وكله طموح ويحدوه الأمل أن يجد الفرصة ويجد الأبواب مشرعة له ليحقق كل طموحاته وأحلامه ظناً منه سيجد الحفاوة والإستقبال … وسيجد من يستمع إليه
لكن للأسف كم من واحد منا أطبق على صدره ومات حسرة لأن أحداً لم يستمع إليه أو لم يمكنه من أن يقول شئيا ينفع الناس ؟ .. من يدري يمكن لهذا الطبيب أن يغير حال الصحة المنهار حالياً في السودان إلى الأفضل …
فاليابان نموذجا : بدأت نهضتها الصناعية العظيمة بمهندس صغير إسمه ( تاكيو سوهارته ) إبتعثته حكومة اليابان إلى ألمانيا لنيل الدكتوراه في هندسة الميكانيكا رجع بعد خمسة عشرة سنه بعد أن تعلم كيف يصنع موتور سيارة وعلى فكرة لم يأت بالدكتوراه ورغم من ذلك وجد في اليابان من يستمع إليه فلم يسأله أحد من أوراقه أو شهادة خبرته وتم تقديم الدعم الكامل له بإيعاز من الدولة فكان نقطة التحول لليابان … فمن يدري قد يكون هذا أو ذاك (تاكيو سوهارتة) السودان
الحضارات تبنى بالوطنية .. والصدق .. الطموح .. المثابرة … الرؤوية المستقبلية .. ليس بالغناء والشعر فالغناء والشعر مطلوبين لكنهما لا يبنيان دولة .. ولا الخطب الدينية وتكفير الآخرين تبني حضارة ولا العادات الإجتماعية تبنى دولة … يجب أن نعيد النظر في الكثير إن أردنا نبني دولة حديثة …
هناك الكثير من هؤلاء العلماء الشباب .. فهل سيصمدا طويلاً تحت هذه الظروف وتعاسة الحياة العملية في ظل هذا التمييز … والتمكين …سيخسر السودان كما خسر الكثير من العلماء من قبل فمن الممكن أن يجد من هؤلاء العلماء الشباب الكثير وهما في أوج نشاطهما وعطائهما اللا محدود.. سنفقدهما نحن الغلابة والتعابة ؟ بطبيعة الحال الكبار أهل السلطة والمال ليست لديهم مشكلة سيجدون العلاج بل وكل سبل الحياة ورغدها تحت كل الظروف
وفي الختام : هنالك وزارتين إن صلحتا صلح الوطن كله وإن فشلتا فشل الوطن كله ألا وهما التعليم والصحة .. إنهما الآن في قمة الإنهيار لا يمكن أن ينصلح حال المواطن والوطن بإنهيارهما !!!! ونحن الآن نعيش قمة الإنهيار
فلك الله ياسودان … فلك الله ياسودان
ياسر عبد الكريم
[email][email protected][/email]
شكرا ي زعيم
اكثر من يحضر ويرقص في حفلات الغناء هم الوزراء والمسؤولين
الكبار
لو حسبت الزمن التي ضيعته الانقاذ في تنظيم الحفلات تجده زمن كثير
لم يكن هناك مشروع نهضوي منذ الاستقلال كله عبث ومصالح انانيه
وتمكين وفساد
كل مسؤول همه قصره والمدام وتعليم الاولاد
شكرا ي زعيم
اكثر من يحضر ويرقص في حفلات الغناء هم الوزراء والمسؤولين
الكبار
لو حسبت الزمن التي ضيعته الانقاذ في تنظيم الحفلات تجده زمن كثير
لم يكن هناك مشروع نهضوي منذ الاستقلال كله عبث ومصالح انانيه
وتمكين وفساد
كل مسؤول همه قصره والمدام وتعليم الاولاد