الشعوب تجتمع لاقتضاء دين مستحق

بلا انحناء
فاطمة غزالي
[email protected]
الشعوب تجتمع لاقتضاء دين مستحق
في العام (1856-1858) أي قبل أكثر من قرنين لمع أسم أديب إسحاق في عالم المدافعين عن الحرية وحقوق الشعوب عبر المجلات الثقافية التي أرادت أن تناهض بطريقتها القهر والاستبداد، وكتب أديب بجسارة في مجلة “مصر القاهرة” الشهرية عبارات قوية نطقت بلسان حال الشعب العربي في مرحلة الكبت الذي فرضه الاستعمار الأجنبي على الشعوب مصادراً حرية الفكر والصحافة ، فكتب أديب إسحاق قائلاً:” أروم مقاومة الباطل، ونصرة الحق والمدافعة عن الشرق وآله، وعن الفضل ورجاله ،ومسلكي أن أكشف الحقائق ملتزماً بجانب التصريح، متجافياً عن التعريض والتلميح، وأن أجلو مبادئ الحرية وآراء ذوي النقد،وأن أوضح معايب اللصوص الذين نسميهم “أولى الأمر”، ومثالب الخونة الذين ندعوهم أمناء الأمة ،ومفاسد الظلمة الذين نلقبهم جهلا” ولاة النظام” وأن أعين واجبات الإنسان الشرقي بالنسبة إلى نفسه وإلى قومه وإلى بلاده،وما يقابل تلك الواجبات من الحقوق ،ومقصدي أن أثير الحمية الشرقية ،وأهيج فضالة الدم العربي، وأرفع الغشاواة عن أعين الساذجين، وأحيي الغيرة في قلوب العارفين ليعلم قومي أن لهم حقاً مسلوباً فيلتمسوه، ومالاً منهوباً فيطلبوه”.
ما نطق به أديب إسحاق قبل مئات الأعوام لمناهضة الاستعمار الأجنبي يصلح لأن يتلقفه عشاق حرية الرأي والفكر في كل دول العالم التي تعاني من الكبت والحصار الفكري بسبب الاستعمار المحلي الذي حل محل الأجنبي، ومنطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا بإستثناء الدول التي تنعم بالربيع العربي ،هما الأكثر تعطشاً لسماع مقولةخارطة الطريق التي وضعها أديب إسحاق لخلق أوطان حرة تقاوم الطغاة الذين يطوقون الصحافة والأقلام الحرة بالتهديد والترهيب وتارة بالترغيب حتى لا تنشر الغسيل ،ولا تنتقد الأخطاء لأنهم منحوا أنفسهم قداسة لا تتحمل الرأي والرأي الأخر ويحسبون كل صيحة ستطيح بهم، متجاهلين تماماً أن النقد والدعوة للاصلاح يفتحان أبواب النهج الصحيح في إدارة الدولة، وهذا ما أدركه الغرب حينما فتح الباب على مصرعيه للحرية بعد أن وضع ثوابت وطنية لا يستطيع أحد تجاوزها لا خوفاً من سلطان بل حماية للأوطان، بينما تبدو الصورة مختلفة في كثير من بلدان منطقتنا العربية والأفريقية التي تمنح القداسة للأشخاص وإن كانت خصماً على الأوطان.
فحرمان الصحافة من القيام بأداء مسئوليتها الوطنية والاجتماعية وتشكيل الرأي العام حول القضايا التي تهم الشعب، لا شك في أنه سيدفع نحو التعبير عن حالة الكبت والحصار في ميادين أخرى تخرجنا من النضال السامي إلى المصادمة والمواجهة بالتي هي أخشن،وثورات التحرر من الأنظمة المستبدة في المنطقة خير دليل على أنه فاض الكيل ،وفار التنور ،والآن الفرصة متاحة للأنظمة المستبدة أن في المنطقة أن تجرد الحساب وتحاسب ذاتها قبل أن توضع في موضع المحاسبة وهي في حالة الضعف والهوان، فحالة الوعي التي طرقت أبواب المنطقة وخاطبت الشباب بعبارة أديب إسحاق” أروم مقاومة الباطل، ونصرة الحق والمدافعة عن الشرق” لا شك في أنها نار ستحرق كل الطغاة، والسكون الذي تراه الحكومات لا يعبر عن الصبر والرضا بما يجري تحت أقدامهم ومن فوقهم بل يتناجون سراً ثم يجتمعون لاقتضاء دين مستحق لم تف به الأنظمة المستبدة.
الجريدة
أكثر من قرنين كيفن يا بت الناس؟ راجعي حسابك
احييك اختاه واسمحى لى باهداء مقالك الى صحفيى زمن الغفلة امثال الهندى عز الدين وباقى المطبلين … واهداء خاص الى القابض على الجمر ( الرقم ) صلاح عووضة علها تعزيه فى مصابه