أخبار السودان

جدل كثيف حول إفادات رئيس السيادي” الحرية والتغيير: حديث البرهان عن الوفاق نتيجة الضغوط

الشيوعي: المقابلة محاولة لتبرير الأجندة الجارية بالبلاد

أستاذة علاقات دولية: حوار المكونات السياسية الهدف منه استمالة وتهدأة الشارع السوداني

 

أثارت تصريحات رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان للتلفزيون القومي أمس الأول ردود فعل واسعة داخل وخارج البلاد، في وقت رأى مراقبون أنها حملت لأول مرة الحديث عن تسليم السلطة للمدنيين عبر وفاق وطني، بينما كان يرهن ذلك بالانتخابات، بجانب حديثه حول طبيعة الاتصالات وتبادل الزيارات مع دولة إسرائيل، ووصفه لهذا النشاط بالمشروع، البرهان أجاب عبر التلفزيون الرسمي في لقاءه ـ يوم السبت ـ عن كل الأسئلة التي تحمل اتهامات قاسية للسلطة، لكن مراقبين وسياسيين انتقدوا إفاداته بشدة، لا سيما فيما يتعلق بالاعتقالات الأخيرة التي طالت ناشطين ونافذين في الحكومة السابقة بجانب عناصر من لجان المقاومة، وأيضاً فيما يتعلق بما وصفه رئيس المجلس السيادي بتعاملات استخباراتية مع إسرائيل أوضح أنها ساعدت السلطات في إلقاء القبض على عناصر وخلايا إرهابية بالخرطوم خلال الفترة الانتقالية.

الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق

 

اللا واقعية!

أستاذ العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدبلوماسية د. تماضر الطيب، وصفت حديث البرهان للتلفزيون أمس الأول بـ(غير الواقعي)، ووصفت تصريحاته حول العلاقات مع إسرائيل بالأمر غير المشروع وليس من حقه كسلطة عسكرية أو انتقالية القيام بذلك، وأضافت لـ(اليوم التالي): لأول مرة يتحدث البرهان بهذا الوضوح حول ملف إسرائيل، لكن حتى بوصفه قائداً للجيش ليس مخولاً له وهو يتحدث عن حكم انتقالي إقامة نشاط سياسي أو استخباراتي مع إسرائيل، لأن هذا الملف حساس جداً لطبيعة هذه الدولة المحتلة لأراضٍ عربية ومسلمة، وتعمل على احتلال المزيد منها، وتابعت: بالتالي الذي يبت في هذه القضية البرلمان أو الحكومة المنتخبة، وحول عبارة (الوثيقة الدستورية أبعدت بعض القوى السياسية) قالت تماضر إن هذا أمر طبيعي لأن الثورة أصلاً قامت ضد النظام المباد بالتالي لا بد أن تستبعد القوى التي شاركت في ذلك النظام أو على الأقل دعمته أو تعاونت معه، وحول التصريحات حول الاعتقالات الأخيرة قالت إن البلاغات التي دونت ضد ناشطين ومسؤولين في الحكومة السابقة سياسية، وأردفت أن الدليل على ذلك وجود حملات اعتقالية واسعة لناشطين في لجان المقاومة بالعاصمة والأقاليم، بجانب أن البرهان نفسه كان رافضاً للحوار مع الشركاء المدنيين قبل إجراءات 25 أكتوبر، وتساءلت: كيف يتحدث بأن ليس له خصوم سياسيين، وهو الذي صنع خصومه بنفسه، بل صار أكبر سوداني له خصوم سياسيين.

وتابعت تماضر أن إفادات البرهان عموماً للتلفزيون حاول أن يجعلها دبلوماسية، لكنها حملت اعترافاً ضمنياً بقتل المتظاهرين سلمياً، مصحوباً بعدم تحديد الجهة التي قتلتهم، وحمل الحديث إشارات لطرف ثالث لا يعرفه رئيس مجلس السيادة، أما حديثه عن التحقيقات الجارية، وقيادة حوار المكونات السياسية ربما الهدف منه استمالة وتهدئة الشارع السوداني، لكن الخطوة تبدو مستحيلة في ظل شارع غاضب فقد ما يقارب الـ80 شهيداً وأعداداً مقدرة من الجرحى والمصابين ما نقل الثورة إلى مربع اللاءات الثلاث التي يزيد تمسك الشارع بها يوماً بعد يوم.

 

تلفزيون متآمر!

من جهته وصف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني كمال كرار المقابلة بمحاولة لتبرير الأجندة الجارية بالبلاد عبر التلفزيون الذي وصفه بالمتخصص في التسويق للسلطات الحاكمة، وأضاف أن الحديث التلفزيوني لرئيس مجلس السيادة بأنه يشبه لغة الأنظمة الشمولية الديكتاتورية ومضى في إفاداته لـ(اليوم التالي) قائلاً: تمحور الحديث وركز بوضوح على نفي المسؤولية رسمياً  للسلطة عن القتل للمتظاهرين المدنيين وتعمد اعتقال المطالبين برحيل الانقلابيين، والتعذيب، بجانب الوعد بالالتزام بالرجوع للثكنات وتسليم السلطة شريطة الوصول إلى توافق وطني، هذه هي نقاط المقابلة مع القائد الأعلى للجيش وهي نقاط تعود كلها لنقطة واحدة، وتساءل: هل كان رئيس مجلس السيادة مفوضاً للقيام بانقلاب عسكري بعد جهاد الشعب لإزالة حكم البشير، وهل منصبه كقائد للجيش يخول له حل الحكومة، ومضى كرار بقوله: كل ما دار في هذا اللقاء كان محاولة لتبرير الأجندة القائمة الآن والترويج لتفاصيلها، في محاولة لتجميل وجه الواقع الكليح، وذلك عبر التلفزيون الذي يضاف له عبارة القومي، لكنه ليس قومياً، بل هو تلفزيون تعود في كل زمان وأوان على التسويق للنظام القائم في البلاد، ونوه كرار الى أن المقابلة التلفزيونية بتفاصيلها التي وصفها بغير الحقيقية لن تؤدي لتراجع الشارع عن موقفه وتمسكه باللاءات الثلاث.

 

خمسة بكاسي!

أما نائب الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني حمزة فاروق فقد وصف حديث البرهان للتلفزيون القومي بأنه تأكيد للانقلاب العسكري، وأضاف لـ(اليوم التالي): حديث البرهان كان بلغة شمولية ديكتاتورية واضحة، وتعمدت المحاور إقصاء الحديث عن المهمة الرئيسة للسلطات وهي المحافظة على أمن وحياة المواطنين.

وحول الحديث عن الاعتقالات الأخيرة استبعد فاروق خلوها من الفعل السياسي وتابع: نتساءل منذ متى كان رئيس المجلس السيادي الذي هو رأس السلطة الآن يهتم بالبلاغات الجنائية والتي جهتها الشرطة، وأضاف: كنت شاهد عيان على اعتقال القيادي بالمؤتمر السوداني خالد عمر حيث حضرت قوة بخمسة بكاسي وحوالي 25 فرداً لا يرتدون زياً رسمياً وبينهم ملثمةن اعتقلوه من داخل دار المؤتمر السوداني بالخرطوم، فهل البلاغات الجنائية يتم قبض المتهمين فيها بهذه الكيفية وهذا العدد من القوات، وزاد فاروق: إن كل الاعتقالات الأخيرة تمت بالطريقة ذاتها ما يدل على أن السلطات تعلم أنها تقوم بأفعال غير مشروعة .

 

لا جديد!

وقال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم بروف عمر محمد علي إن إفادات رئيس مجلس السيادة لا جديد بها، وأضاف في إفاداته لـ(اليوم التالي): الحديث كان مطاطياً، ولعل الأمر اللافت الوحيد أنه تحدث هذه المرة عن تسليم السلطة بلازمة الوفاق الوطني، وتابع: هذه ملاحظة لأنه كان يرهن ذلك دائماً بقيام الانتخابات.

وحسب عمر فإن الحوار أغفل نقطة مهمة وهي مطالبات الكونغرس الجمعة للمكون العسكري بتسليم السلطة للمدنيين، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وذلك قبل الانتخابات، لأن الأجواء الآن في السودان بحسب الكونغرس لا تصلح لإقامة الانتخابات.

وزاد عمر: المحاور لم تتوقف بالتفصيل حول الواقع المعاش على الشارع من حيث الأمن والغلاء المعيشي بعد الارتفاع الملحوظ للسلع.

 

علاقات استراتيجية!

أما رئيس اللجنة السياسية لحزب الأمة القومي إمام الحلو فقال إن البرهان وعد بأشياء كثيرة خلال هذا اللقاء من ضمنها أنه أكد بالنص أنه سيسلم السلطة اليوم إذا وجد الوفاق الوطني، لكننا كقوة سياسية لم نصدق هذا الكلام وتابع الحلو لـ(اليوم التالي): لقد وعد من قبل بعدم فض الاعتصام وعدم الانقلاب على الشراكة المدينة؛ وحول الاعتقالات قال الحلو: ما قاله رئيس مجلس السيادة لا يمر على أي عاقل وتساءل: ما هي علاقة خالد سلك بلجنة إزالة التمكين؛ من الواضح أن الاعتقالات التي تمت سياسية وهذا نفس أسلوب النظام البائد الشمولي، واستطرد بالقول: هذا التصرف لا يليق برأس دولة مع العلم أن المجلس العسكري ليس جهة قضائية؛ وانتقد الحلو تصريحات البرهان في ما يتعلق بالتعامل مع إسرائيل في حدود الاستخبارات، وأضاف أن السلطات لديها علاقات سياسية استراتيجية واضحة مع إسرائيل ومعلومة لدى الجميع وعلى السلطات أن تفهم أن الناس يعلمون بواطن الأمور في الداخل والخارج؛ أما الحديث عن مساعدة إسرائيل بالكشف عن منظمات إرهابية في السودان فالغرص منه التمويه على حد تعبيره.

 

التشبث بالسلطة!

من جانبه وصف المتحدث باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله السلطة الحاكمة بأنها في محنة وأضاف في إفاداته لـ(اليوم التالي): المحنة التي تعيشها السلطات من رفض داخلي وخارجي دفعت بقائها إلى إطلاق مفاهيم وطنية عبر التلفزيون أمس الأول لا جدوى منها مثل الحديث عن الوفاق الوطني كما درج قائد الانقلاب السابق في ٣٠ يونيو ومجمل الأحاديث تدل على تشبث المكون العسكري بالسلطة؛ لكن الجميع يعلم أنهم (يقولون ما لا يفعلون).

 

خيانة وطنية!

ووصف القيادي بالمجلس المركزي لقوة الحرية والتغيير بشرى الصائم حديث البرهان عن الوفاق الوطني نتيجة الضغوط من الشارع والمجتمع الدولي وتابع في تصريحة لـ(اليوم التالي): الحديث عن الاعتقالات لأسباب جنائية غير صحيح بدليل حجب الإفراج بالضمانة عن المتهمين وإطالة التحقيقات وهذا أسلوب معروف تمارسه جميع الأنظمة الشمولية.

وشدد الصائم على أن التعامل مع إسرائيل في مجال المخابرات خيانة وطنية، وأضاف: الاتصالات مع إسرائيل تأتي لخدمة وحماية العمل السياسي والنظام السياسي القائم ونقول إن الدولة ليست البرهان لأنه ليس من حقه إقامة أي علاقات مع أي دولة في هذه المرحلة لعدم اكتمال هياكل الدولة المنوط بها ذلك ولا يمكن أن يتم هذا الأمر الخطير دون موافقة الدولة؛ وأردف: أما الحديث عن القبض على منظمات إرهابية بمساعدة المخابرات الإسرائيلية فهذه كلمة حق أريد بها باطل.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..