مشاريع لا تكتمل … هذا هو السبب!!

أسماء محمد جمعة
خلال 28 سنة لم يشهد السودان قيام مشروع قومي أو ولائي أو محلي انتهى بالنجاح، فكل المشاريع إما انتهت قبل أن تبدأ، أو وصلت حتى النهاية واتضح إنها تحتاج إلى مبلغ أعلى من ثمن إنشائها لإعادة تأهيلها، أو بدأت ثم توقفت سنوات طويلة، أو ظلت مستمرة بطريقة ساقية جحا صرف مال وكلام بلا نتيجة، بل حتى المشاريع التاريخية انتهت، ولذلك لم يتغير حال السوان والشعب إلا إلى الأسوأ لأن صرف الأموال مع عدم قيام مشاريع أدى إلى زيادة الفقر وتوقف النمو وانتشار الفساد، والسبب الوحيد هو سوء الإدارة وانشار الفوضى.
المراجع العام لحسابات الدولة كل عام يثبت بالدليل القاطع أن أموالاً طائلة تبني دولة من العدم أُهدرِت في مشاريع كثيرة ما بين الاعتداء عليها أو صرفها في بنود غير التي خصصت لها أو استهلكتها الأخطاء والإخفاقات والغش والخداع، وفي تقريره الأخير ذكر عدداً من المشاريع التي تعرضت لهذا المصير على المستوى الولائي والاتحادي، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر المشروع القومي لمحاربة العطش لأهميته والذي أسمته الحكومة (زيرو عطش) وهدفه القضاء على العطش بحلول العام 2020 وقد مضت عليه شهور عدة ولم يظهر له أثر حتى جاء المراجع بالخبر اليقين وأن المشروع ابتلعه الفساد.
المراجع العام قال إن بعض مبالغ المشروع صرفت على شركات خلاف مشروع حصاد المياه، ولم يتم الالتزام بالتمويل المتوقع، ولم تتم إجراءات الاتفاقية الإطارية ولا توجد حراسة في معظم الآبار التي تم حفرها، كما تم إنشاء آبار في أماكن غير مأهولة بالسكان ولم تُجْرَى دراسات بواسطة جهات ذات كفاءة لتتأكد من وجود المياه مما نتج عنه حفر آبار جافة، فقد تم حفر 6 آبار بشمال دارفور غير صالحة للشرب ولم يتم إنشاء محطات تنقية بالحفائر في مناطق كثيرة، وعليه كل هذه الإخفاقات أثرت على مقدرة المشروع في تحقيق الأهداف التي وضع من أجلها، وعليه فإن الحكومة لم تحافظ على أموال الشعب ولم تنفذ المشروع ومنحته لجهات فاسدة لا يعتمد عليها، وهو ما حدث لعشرات المشاريع التي أهدرت أموالها وتحمل المواطنون الخسارة مرتين وأصبح الأمر كما يقول المثل(ميتة وخراب ديار).
ما حدث لمشروع زيرو عطش يدل على أن المشكلة تكمن في الطريقة التي تدار بها الدولة حيث تمنح الحكومة المشاريع لكل من هب ودب وبصورة غير مشروعة وتبعد عنها أهل العلم والخبرة والضمير، وما قاله المراجع يدين الحكومة قبل أن يدين أولئك المفسدين.
المشروع المسمى زيرو عطش هو مثال لعشرات المشاريع التي تتحدث عنها تقارير المراجع العام كل سنة، ولا شيء يتغير وتستمر الحكومة في نفس النهج عاماً بعد عام، مسميات براقة لمشاريع كبيرة تداعب أحلام البسطاء ثم تسليمها للمفسدين لتنتهى على دمار وخراب وخسارة، ورغم ذلك لا أحد يسأل أو يحاسب بل وتتكرر الحكاية دون أن تستعين الحكومة بالرجال ذوي الكفاءة والخبرة والضمير والإخلاص وهو الخطأ الذي تقع فيه دائماً ولا تتعظ منه أبداً وكأنها تفعله عمداً.
التيار