أخبار السودان

سبة التعايش مع النفايات ..!

حكى لي صديق من الذين عملوا في سلطة الحكومات المحلية في ذلك الزمان .. أن إحتفالاً متواضعاً أقامته وقتئذ اللجنة المختصة بتنظيم حي العمارات الذي كان ناشئاً في ستينيات القرن الماضي وذلك بغرض تدشين بعض الشوارع الأنيقة التي تم تعبيدها بصورة متقنة روعيت فيها كل العناصر الخاصة بتصريف المياه وتوفير أماكن وضع النفايات و مواقف السيارات الخ .. وكان ضابط الحكومة المحلية مهيب الملبس وقوي التفويض
هو المنوط به حضور مثل تلك الإحتفالات المبسطة التي تخلو من البذخ و التفاخر والتباهي بإعتبار تلك الإنجازات من صميم واجب الدولة نحو المواطن وليست منة منها لإذلاله أو تذكيره بفضلها عليه !
وقف أحد شيوخ عشش الفلاتة الذي جاء مدعواً بالإنابة عن أهل منطقته مخاطباً الحفل .. فقال موجهاً كلامه للضابط المحلي .. بأن يعمل معهم لجعل حي العشش مثل العمارات التي أعجبه جمال شوارعها وتنسيق الزهور والورود في أواسطها .. فرد عليه الضابط الظريف بإستشراف طريف .. قائلاً له .. والله ياشيخ فلان .. لا استطيع أن أعدك بأن تصبح العشش مثل العمارات .. ولكني لا أستبعد أن تصبح العمارات مستقبلا مثل العشش !
الآن العشش طبعا نقلت الى منطقة كان يظنها الوزير الذي دقس بانها طرفية بعيدة .. فعادت حليمة الى الحكاية القديمة و العشش باتت حزاماً يفصل بين أحياء فاخرة المباني من كل ناحية..!
لكنها تتساوى مع تلك الأحياء بل مع كل شوارع العاصمة بما فيها شوارع العمارات في قبح منظر تراكم النفايات التي لا تتباعد أكوامها النتنة والقذرة الإ ببضعة أمتار.. وكأن عمل السلطة المعنية بهذا الصدد هو من قبيل الترف المزاجي الأسبوعي أو أكثر وليس عملا يومياً مثلما يحدث في أكثر مدن العالم تواضعاً !
نظافة المدن على وجه الخصوص والحفاظ عليها هي ثقافة تقوم على إتباع عناصر التوعية وتوفير المعينات ومن ثم سن القوانين التي تفرض العقوبات على المخالفين .. فلا يعقل أن تكتفي بوضع لافتات تمنع رمي النفايات دون أن يجد الناس الوعاء او الحاويات اللازمة لذلك الغرض أو أن يتم تفريغ أو نقل تلك الأوعية كل يوم بل كل ساعة أو هل يبريء ذمة السلطات أن تكتب على الحوائط ممنوع التبول ولا يجد المضطر مرحاضاً عاماً ولو بالرسوم في الأسواق والشوارع ومواقف المواصلات !
فالنظافة ليست فقط للجذب السياحي وإنما هي ضرورة لتأكيد إنسانية البشر الفارقة بينه وبين الدواب التي تتمرق في روثها وفضلاتها .. بل حتى بعض الحيوانات تحرص على دفن مخرجات معدتها بالفطرة ..!
فكيف يرضى الإنسان الذي ميزه الله بنعمة العقل و ارتبط إيمانه ضمناً بالنظافة أن يتعايش مع سبةٍ كهذه .. بغض النظر عن أهمية دور السلطات المعنية في هذا الشأن .. فلوأن كل منا بدأ بما يلي داره من مساحة أمامها أو بفرندة متجره وحرصنا على إماطة الأذى عن الطريق كما أمرنا نبينا الكريم ..لانداحت مساحات النظافة وباتت كل مددنا وشوارعها بل وقرانا أنموذجاً يحتذى .. لاسيما وأننا كشعب عرفنا بحرصنا على نظافة الفم والجسد والملبس و بطون الديار وغرف السكن .. و لكننا بكل اسف لا نهتم بما هو أبعد من ذلك ولو بخطوات .. والدليل أننا نتعمد رمي الأوساخ في مجاري المياه التي تمر أمام منازلنا وحينما تتعثر خطوات المياه هناك وتركد و يتكاثر فيها الناموس و الذباب وتنتشر الأمراض في أجساد فلذات أكبادنا ويتلوث غذاؤنا ويفسد هواء بيئتنا نلقي باللوم على البلديات التي لم تحسن تغطية تلك المصارف .. وإن كنا لا نبرئها من التقصير ولا ننكر في ذات الوقت بالطبع أننا شركاء في ذلك بصورة مباشرة ..!
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا خي تمشي الجزارة ما تشوف اللحمة من الضبان . البقالات ختة البضاعة في الشمش الخضار معروض في الارض . ولو اتكلمت يطلع ليك واحد وسخان وعاشق نفايات يقول ليك كلام مغتربين وفلسفة فاضية ساكت

  2. يا خي تمشي الجزارة ما تشوف اللحمة من الضبان . البقالات ختة البضاعة في الشمش الخضار معروض في الارض . ولو اتكلمت يطلع ليك واحد وسخان وعاشق نفايات يقول ليك كلام مغتربين وفلسفة فاضية ساكت

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..