لست متجنياً على القوى السياسية فملف معاناة المواطن اكبر دليل على فشل الحكم الوطني

التامة والى خلصت إليها في المقالات السابقة بان السودان لا مخرج له من واقعه الكارثى والمأساوي على الشعب والذي يتمثل في فشل الحكم الوطني منذ تحرر السودان من الاستعمار لا مخرج له إلا كتابة النهاية لكل الأحزاب السياسية الحالية بلا استثناء وان تعود القوات المساحة لقوميتها وتصبح حامية لنظام حكم يقوم على أحزاب مؤسسية ديمقراطية بأمر الدستور والقانون تخضع جميعها للمؤتمرات العامة التي تضمن علو سلطة قواعدها حتى لا تحكمها فلسفات عقائدية ترفض الديمقراطية شكلا وموضوعا أو أحزب تمتلكها اسر طائفية وما أفرزته من كم هائل من الأحزاب الوهمية التي لم يكن دافع انقسامها الهم بالوطن ولكم دهشت وأنا أطالع خبرا في هذه الصحيفة إن 78 من هذه الأحزاب تشارك في الحوار المزعوم ومثلها في الطريق للتسجيل والمشاركة فهل قوام هذه الأحزاب رؤية وطنية تختلف عن بعضها البعض وهل يعقل أن تكون في السودان 78 رؤى وطنية وبرامج مختلفة معنية بهم الوطن أم إن هذا الكم من الأحزاب دافعه الطمع في نصيب من السلطة كم انه ليس بينها من تحكمه قاعدة شعبية تمثل مركز القرار في الحزب وهو ما لم يحققه هذا الوهم المسمى بتسجيل الأحزاب الذي يقوم على عضوية وهمية من الأسر وأصحاب المصلحة ليكتسبوا شرعية حزب وهمي لا مبرر لوجوده.

لهذا فإني لست متجنياً على هذه الأحزاب والقوى السياسية التي أفشلت الحكم الوطني منذ رفع راية الاستقلال والتي ستفشله ما بقيت سواء انتهى الحوار الوهمي لأي نتائج حول اقتسام السلطة مؤقتا والاتفاق على حلقة جديدة من الديمقراطية المزيفة والتي ستضاعف ح من معاناة الشعب و تحت ظل أحزاب لا تمثل عشرة في المائة منه.

ومن يرى إنني أتجنى على هذه الأحزاب التي تعاقبت على الحكم فليس لي ما أقوله له غير إن ملف المعاناة والمأساة التي ظلت تتضاعف على الشعب مع كل حكم بقفز على السلطة باسم ديمقراطية زائفة أو بتحالف مع مجموعة عسكرية ولكي تقطع(جهينة قول كل خطيب) لتقف مع ما حل بالمواطن السوداني منذ أعلن السودان تحرره من الاستعمار ولا أظننا بحاجة لكثير من الجهد لنقف على الحقيقة المؤسفة التي حلت بالمواطن من تراكم أخطاء الحكم الوطني منذ رفع علم السودان والذي أصبح علته في نهاية الأمر.
بداية دعونا نتوقف في أول محطة هامة :
فمن تتوفر له الفرصة في العمل مزارعا أو عاملا أو موظفا فانه لا يحقق دخله بالدولار وإنما بالجنيه السوداني في وقت أصبحت كل مصادر احتياجاته بالدولار إذا كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فكيف لهذا المواطن أن تتوفر له ضروراته من هذا الجنية السوداني بعد أن انقلب عليه الحال فلقد كان يساوى أكثر من دولارين ونصف فان الدولار تحت الحكم الوطني أصبح يساوى عشرة ألف منه مما يعنى أن دخل المواطن بجانب الدولار انخفضت بما خمسة وعشرين ألف مرة فهل ارتفع دخل المواطن بهذه النسبة.

فهل أنا بحاجة لان أوضح مردود هذا الفارق الذي حل بدخل المواطن السوداني حتى يوفر أهم ضرورات حياته والتي تحكم فيها سوق الدولار في عهد الاقتصاد الحر ناهيك عن حجم العطالة الذي طال كل مستويات التعليم وتقليص فرص العمالة بعد أن صفيت المؤسسات الحكومية ودمرت الصناعة المحلية بسبب ارتفاع معاناتها ومنافسة السلع المستوردة له حتى أصبح مظهر المنطقة الصناعية نفسه يكفى عن السؤال بعد أن فتحت الأسواق للاستيراد ونهاية سياسة حماية الصناعة المحلية وهو نفس ما حل بالزراعة التي يمتص عائدها ما يتكلفه استيراد مدخلاتها لتتضاعف الضربات التي وجهها الحكم الوطني للمواطن وللسودان البلد.
ومع إن هناك الكثير من المحطات التي تستدعى التوقف فيها لتكشف عن حال المواطن وعلى رأسها ما تفرضه الدولة نفسها من تكلفة باهظة لخدماتها من توفر المياه والكهرباء ورسوم وجبايات وضرائب وعوائد وغرامات طالت كل الطرقات تفوق أضعاف متوسط دخل المواطن خصما عليه مضاعفا من محنته الآن المحطة الأكثر خطورة وكشفا لما آل إليه حال المواطن والبلد فانظروا ما أصاب أهم مرفقين للمواطن العلاج والتعليم :
فانظروا كيف أصبحت تكلفة العلاج بعد أن أصبح الاعتماد على المستشفيات الخاصة المتطلعة للثراء الحرام التي تمتعت بالحرية لاستغلال الموقف لغياب الرقابة فبذمتكم من هو المواطن الذي يملك اليوم تكلفة علاج أسرته إذا داهمهم المرض والذي تعدت تكلفته في ابسط الأمراض آلاف الجنيهات وهل لي حاجة لان أتحدث عن الأمراض التي تتكلف الملايين والتي انتشرت في السودان بسبب المناخ غير الصحي من المياه والأطعمة الفاسدة بعد أن فتح الاستيراد بدون رقابة في السوق الحر حتى انتشر الفشل الكلوي والسرطانات والجلطات والتهاب الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض القاتلة فكم يتكلف علاجها في المستشفيات مع تدنى مستوى العلاج وفساد الأدوية والتحاليل وهل يملك المواطن هذه التكلفة مع مطامع المستشفيات لغياب أي رقابة عليها فوالله لو تم إحصاء ما ترتب على المواطن من هذه التكلفة وتم حصر الضحايا الذين رحلوا بسبب العجز عن توفير تكلفة العلاج لتوارى الحكم الوطني خجلا وأين هذا من الانجليز الذين امنوا مجانية العلاج
أما التعليم فهل أحدثكم كم كان يتكلف في عهد الاستعمار مقارنة بواقع اليوم عندما كان المواطن يتمتع بتعليم مجاني في كل المراحل مع توفير احتياجات الطلاب وإسكانهم ودعمهم ماديا على مستوى الثانويات الجامعات فانتظروا كيف انقلب الحال اليوم وتكلفة الروضة أصبحت بلغة الملايين من بداية مراحل الدراسة وللفرد الواحد فكيف تكون حالة الأسرة السودانية ولها متوسط أبناء وبنات لا يقلون عن الأربع فكم يتكلف تعليمهم حتى مراحل النهاية التي تكلف عشرات الملايين فالمواطن اليوم قد يفاجأ بحالات مرضية تتكلف أكثر من ثلاثين ألف دولار فهل من مصيبة اكبر من هذه.

عفوا سادتنا الحكام الذين تعاقبوا على الحكم منذ الاستقلال فان كان للشعب من رسالة يوجهها لكل من حكم وشارك بلا استثناء في تدمير هذا الوطن والمواطن حتى عرف جرائم وممارسات ى لم يكن لأحد أن يتوقعها في السودان فهل لهذا الشعب من رسالة يواجها لكل القوى السياسية من حكام وطامعين في اقتسام الكيكة فانه يقول (فضوها سيرة وارحموا هذا الشعب المسكين الغلبان) حتى يعود السودان لما كان عليه زمن الانجليزي ولا نملك إلا أن نقول (الانجليز كانوا ارحم بنا كشعب) وفضونا من 7+7 ونحن عايزين 7-7 أي رحيل كل القوى السياسية ليبدأ السودان مرحلة الاستقلال والحكم الوطني من جديد حتى يبدأ من الصفر بقوى سياسية حديده قائمة على المؤسسية الديمقراطية.

تعليق واحد

  1. يااستاذ مين الذى سوف يعترف لك بان هناك تقصير حدث فى حكم السودان المصيبة كل نظام ياتى ويذهب وقد ترك الكثير من الذين استفادوا واغتنوا ويظلوا يدافعوا عنه لاخر يوم من حياتهم وبعدها ياتى غيرهم وهكذا حتى يكون يوماً نجد ان اسم السودان قد اختفى من الوجود وقد هاجر ومات كل الذين نعرفهم
    اللهم لا نسالك رد القضاء ولكن نسالك اللطف فيه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..