ماذا لو كان أحمد في السودان ولم يكن في أمريكا ؟؟؟

مهدي زين

ضجت وسائل التواصل الإجتماعي ، ووكالات الأنباء العالمية ، والفضائيات ، والصحف خلال الأيام الفائتة بأخبار الصبي الأمريكي أحمد ، ذو الأصول السودانية وابن مرشح رئاسة الجمهورية في الإنتخابات المزيفة الأخيرة ، السيد محمد الحسن محمد الحسن محمد الحسن الذي اشتهر في مدرسته الثانوية باسم محمد الحسن تكعيب .

كان سوء تقدير مدرسة اللغة الإنجليزية هو الذي دفع بأحمد الي واجهة الأحداث حيث أثار انتباهها صوت الإنذار الصادر من داخل حقيبة أحمد المدرسية فاستدعته وطلبت منه إطلاعها على مصدر الصوت ، فأخرج أحمد الساعة التي كانت من ابتكاره ، لكن المدرسة اعتقدت أنها قنبلة موقوتة وقامت بإبلاغ الشرطة مدفوعة بالخوف الذي يسيطر على الآلاف مثلها منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر !!!

خرج أحمد من مدرسته يرسف في أغلاله وسط دهشة زملائه بالمدرسة ، وتم احتجازه وإيقافه من الدراسة لمدة ثلاثة أيام حتى قام والداه بإخراجه بالضمان من مركز الإحتجاز ، وسرعان ما تناولت وسائل التواصل الإجتماعي وأجهزة الإعلام قصة هذا الصبي اليافع ، وكان على رأس المغردين على تويتر الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي خاطب أحمد في تغريدة رئاسية قائلاً ( إنها ساعة رائعة يا أحمد ، الا تريد إحضارها الي البيت الأبيض ؟ يجب علينا أن نشجع الأطفال الذين هم مثلك للتعلق بحب العلوم التطبيقية لأنَّ ذلك هو ما يجعل من أمريكا دولة عظمى ) كذلك غردت هيلاري كلينتون قائلة ( الإفتراضات الخاطئة والخوف لا تضمن سلامتنا بل تشُدُّنا الي الوراء – كن شغوفاً يا أحمد وواصل إنجازاتك ) كما أطلق الأمريكيون وسماً على تويتر Istandwithahmed# ليحوِّل سوء تقدير معلمته الي تعاطف شامل من المجتمع الأمريكي والعالمي مع أحمد .

لقد انفتحت أمام أحمد آفاق الحلم الأمريكي الواسعة وسيدخل الي البيت الأبيض وسيلتقي الرئيس وستتهافت عليه العروض من الشركات الأمريكية وهو في هذه السن المبكرة .

ماذا لو كان أحمد في السودان ؟ في مثل سبتمبر هذا قبل عامين سقط عشرات الأطفال شهداء في شوارع المدن السودانية وفي قلب العاصمة الخرطوم برصاص مليشيات حكومية تمتطي سيارات نُزعت لوحاتها عن قصد ليظل القاتل مجهولاً حتى هذه اللحظة !!! منهم من هو في عمر أحمد ومنهم من هو أصغر منه سناً ، ومنهم من هو في درجة ذكائه ومنهم من هو أذكى منه ، خرجوا في مظاهرات سلمية تطالب بخفض أسعار الوقود والسلع فحصدهم رصاص الغدر والجبن !!!

لو كان أحمد مشاركاً في تلك المظاهرات ربما كان اليوم في عداد أؤلئك الضحايا الذين مازالت حكومة السودان تجادل في عددهم وتُبرئ أجهزتها الأمنية وقناصتها من جريمة اغتيالهم ، ويتحدث رئيس الدولة عن تعويض أهلهم قبل معرفة القاتل ودون أن ينال العقاب الذي يستحقه !!!

ماذا لو كان أحمد في هوامش السودان حيث لا ماء ولا مدارس ولا مشافي ولا ملاعب ؟؟؟
ماذا لو كان أحمد في جبال النوبة وطائرات الأنتنوف تقذف حمم الموت فوق رأسه حيث تتناثر جثث الأطفال والشيوخ والنساء في كل مكان والرعب والخوف يملآن النفوس ؟؟؟
ماذا لو كان أحمد في تلال الإنقسنا وقذائف المورتر ودانات الراجمات وهدير المدافع والكلاشنكوف يتردد صداها ويختلط بعويل النائحات ؟؟؟
ماذا لو كان أحمد في سفوح جبل مرة ومليشيات الجنجويد تنشر الرعب وتنهب الممتلكات وتحرق الأرض وتغتصب النساء ؟؟؟؟
ماذا لو كان أحمد في قلب الخرطوم يبيع مناديل الورق وحبات المانجو والليمون عند تقاطع الإشارات الضوئية ، ويغسل السيارات على الأرصفة ، وينام ليلاً داخل مجاري المدينة ؟؟؟
ماذا لو كان أحمد خارجاً هذه الأيام وسط مظاهرة في شمبات أو الدروشاب تهتف عائد عائد يا سبتمبر ، عائد عائد يا أكتوبر ، عائد عائد يا أبريل ؟؟؟

لقد كان أحمد محمد الحسن موفقاً ومحظوظاً هاجر به والداه الي الولايات المتحدة الأمريكية ليخرج من كل هذا العذاب الذي يعيشه أطفال بلادي ، وليجد التعليم المجاني والرعاية الصحية المتكاملة والماء والهواء النظيف وتتوفر له كل وسائل النجاح فيبدع ويتفوق ، وعندما تسيئ معلمته التقدير يتجه المجتمع كله ليناصره ويقف الي جانبه ، ويخاطبه الرئيس شخصياً ويدعوه الي زيارة البيت الأبيض ، وتخاطبه مرشحة الحزب الديمقراطي انصافاً له وإحقاقاً للحق .

دماء الأطفال والشباب التي أُريقت ظلماً وغدراً قبل عامين في مدن السودان المختلفة وداخل عاصمته مازالت مقيدة ضد مجهول ، والحديث الخجول عنها هذه الأيام تحركه سياط المجلس العالمي لحقوق الإنسان وإرهاصات وضع الملف تحت الوصاية الدولية !!! من ينصف هؤلاء الضحايا من الأطفال والشباب ، ومن ينصب موازين العدل والقسط في هذا الوطن الجريح ؟
ها هو عمر البشير يغرد تغريدة خارج السرب داعياً الطالب أحمد محمد الحسن وأسرته للعودة الي السودان الذي هجروه له ، ناسياً أو متناسياً أن المهاجر مليئة بالسودانيين الأكفاء والأذكياء الذين دفعهم ظلم ذوي القربى بمضاضته الي الهجرة في أرض الله الواسعة بحثاً عن فرص التعليم والعمل وهروباً وفراراً من جحيم الإنقاذ !!!

لماذا يعود أحمد الي السودان الذي يجلس على رئاسته طاغية ظالم لأكثر من ربع قرن من الزمان ، يقتل الأطفال الذين هم في سنه دون ذنب وينكر قتلهم ، وعندما عاد والده العام الماضي لينافسه على الرئاسة سُدَّت وأُغلقت أمامه كل وسائل التنافس الشريف وجرى تزوير الإنتخابات أمام عينيه ، ومازالت الطعون التي تقدم بها بلا إجابات ، ثم عاد الي مهجره ليحكي لإبنه قصة تلك الدولة الفاشلة التي ذهب ليترشح لرئاستها ؟

لماذا يعود أحمد الي بلاد لم تنصف حكومتها أحداً قبله ، ويترك بلاداً اعتذرت له
واحتفت به وتسابقت كلها لتنصفه من رئيسها الي مواطنها العادي وفتحت له فرص النجاح والمستقبل الباهر ؟؟؟
إنَّ مثل هذه المزايدة الوقحة لا تصدر الاَّ من رئيس لا يستحي مثل عمر البشير ، يريد أن يخادع بها نفسه قبل أن يخدع بها الآخرين ، فلن يعود أحمد وسيلحق به الآلاف بل الملايين من الآباء والأمهات والأبناء الذين تمتلئ بهم كل يوم صالات المطارات وأرصفة الموانئ بحثاً عن أرض يحققون فيها أحلامهم ، واشتياقاً لأرض بها ملك عادل يعرف كيف يعتذر ، وهروباً من أرض جحيمها يستعر ، وفراراً من طاغية يقتل وكل يوم يستكبر !!!!!
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. و محمد الحسن تكعيب ده زاااااااتو كان يستحق ان ينال بعضاً من سخرية القوم
    مرشح رئاسي و منافس للسفّاح في انتخاباته المعطوبه أب لطفل نابغه ومبتكّر !!!!!
    ليهو حق مدفع الدلاقين يدعو ابنه أحمد ليأتي للخرطوم .. فقد ذهب ابيه من قبل للمشاركة في تمثيليته !!!!!
    كان الله في عون أحمد ..

  2. صبي درداقة ينبش اكياس القمامة و يجمع فوارق البلاستيك القارورات ي لدية كارو ب حمار ي سائق رقشة

  3. مدفع الدلاقين وجماعته لا يريدون عوده احمد و امثاله من النوابغ
    .. هم الذين حاصروا و فصلوا و اقالوا الأكفاء و النابغين والناجحين والمتفوقين للصالح (الخاص) .. صالح الحزب .. صالح القبلية والجهوية ..
    فهاجر والد أحمد وغيره من ابناء هذا البلد المنكوب لمهاجر بعيدة من اجل لقمة عيش كريمة تعذر حصولهم عليها في بلادهم

  4. يا شباب لحظة :
    الخبر ده له عدة أوجه للقراءة
    ‏ 1/ هذا الطفل نابغة ويستحق ماكتبه الجميع وأكثر
    2/‏ رسالة مبطنة للحكومة السودانية بأن والد الطفل مرشح سابق للرئاسة إختار ارضنا وطنا له
    3/‏ تلميح ذكي بأن اطفال السودان أي هذا الجيل بإمكانهم صنع قنابل مما يدعم رؤيتهم في الإرهاب
    4/‏ تذكير الشعب الأمريكي بقضية السودان المنسية حتي تظل في السطح مع إحتمال تدخلهم تحت البند الرابع او السابع مستقبلا أي بعد قضاء فترة ال 90 يوما

  5. يا جماعة اكيد دعوة البشير لي احمد دي ما حقيقة بس قالوها عشان يخلو الناس تسخر من البشير هسة انتو جادين انو البشير عنده حساب في تويتر لو عنده يا استاذ مهدي ادينا الرابط

  6. تهانينا وتمنياتنا للابن احمد بمستقبل باهر نصيحتى لوالده ان يغلق هذا الملف ويعمل بالحديث واستعينوا على قضاء حوايجكم بالكتمان ويتحصن من عيون الحاسدين وما اكثرها اما اطفال السودان فلهم رب يحميهم

  7. لقد جائت تغريدة الرئيس بعد تغريدة اوباما مما يدل على ان هنالك من يستشعروك ان تكتب شيئا موازيا لاوباما لكن نسى الرئيس بانه متهم بانتهاك حقوق الانسان والسودان حسب التصنيف الامريكى دوله راعيه للارهاب واذا ما عاد احمد للسودان سوف تلصق به التهمه ويسجل فى السجل الامريكى كارهابى ومن ثم تتم مراقبته وكل تحركاته داخل وخارج السودان وهذا يعنى تدميره والحد من اختراعاته…فى تقديرى ربما ضارة نافعه جاء هذا الاتهام فى صالح احمد من حيث الشهره والاهتمام على مستوى الرؤساء وسوف يطلق سراحه وسوف يقدم الكثير من الاختراعات ليرفع اسم السودان عاليا ولكن تحت المظله الامريكيه.

  8. هذا ما جناه – بن لادن – على المسلمين… كل مسلم او عربي إرهابي حتى تثب براءته…!!
    تذكير للبشير:-
    هنالك قاعدة او مثل سوداني بسيط يعرفه ابسط راعي في الخلا يقول :- (…الجفلن خلًهن.. أقرع الواقفات…؟؟!)

  9. ألأستاذ مهدى زين

    مقال رائع فلسفى بلاغى وسرد متزن لحقائق و اضحة ويعد من القلائل . وتناول موضوعى . لقد أنصفت كل الشعب السودانى و ليس أحمد فقط و أنصفت كل شهداء بلادى و لقد أسمعت لو ناديت حياً.

    سلامى و دمت

  10. الي المدعو Kakan اختشي ياراجل انت تقصد مشروع السرقة والقتل الذي مازال عرضه مستمرا حتي الان في ماتبقي من السودان ؟؟ …

  11. المشكلة الصحف المصرية كعادتها عندما تحدثت عن الخبر لم تقل سوداني قالت طفل مسلم وهم يدركون انه سوداني ولكن هم المصريين لايردون لنا خيرا وهكذا ينظرون دائما للسودانين .

  12. كل دول العالم المتحضرة أستشعرت أن مستقبلهايكون في صغارها فهم اطفال اليوم ورجال الغد المشرق ولهذا وفرت لهم بيئةتعليمية بمواصفات تصل من موهبتهم ورعاية صحية متكاملة فمثلا نجد اليابان انها حملت المدرسين على نفس سرج وزرائها فالمدرس لديها يتمتع بكل مايتمتع به الوزير من حيث الحصانة الستورية والرواتب والحوافز المالية لانها استشعرت ان نجاح المدرس يعني نجاح جيل بأكمله
    كيف حال المعلم لدينا بالسودان؟

  13. بكل أسف أن دولة تظلم وهي تعنى ذلك ، فكم ضحية لقوا حتفهم أو ضربهم وإغتصابهم وخرجوا بلوثة أو ما زالوا في زنانين النظام ، فهنا يكمن الفرق بين الدولة الديمقراطية أو دولة المؤسسات والقانون ودولة الأمن والبلطجة ، نسأل الله أن يهدينا للإسلام الصحيح وتصحو الضمائر لننعم بوطن للجميع .

  14. هههه الخبر له عدة أوجه للقراءة
    1/‏ الطفل نابغة ويستحق ما سطرته أقلامكم وأكثر
    2/‏ لفت نظر الحزب الحاكم بأن والد الطفل مرشح سابق قد إختار وطننا ملاذا له
    3/‏ تلميح بأن الجيل القادم من اطفال السودان تشبعو بالإرهاب مما يمثل خطرا علي المنطقة والعالم
    4/‏ تزكير الشعب الأمريكي بقضايا السودان المنسية لتظهر علي السطح مع إحتمال إستخدام البند الرابع المفضي إلى السابع بعد إنقضاء فترة ال 90 يوما

  15. ماذا لو كان أحمد أحد أبناء جنوب السودان أو غرب السودان؟ الزرقة؟ ولم يكن من أصحاب البشرة الفاتحة؟؟؟ أيها الرئيس الراقص ومن معه من عصابة اللصوص السفلة القتلة؟؟!!

  16. إنها ساعة رائعة يا أحمد ، الا تريد إحضارها الي البيت الأبيض ؟ يجب علينا أن نشجع الأطفال الذين هم مثلك للتعلق بحب العلوم التطبيقية لأنَّ ذلك هو ما يجعل من أمريكا دولة عظمى ) كذلك غردت هيلاري كلينتون قائلة ( الإفتراضات الخاطئة والخوف لا تضمن سلامتنا بل تشُدُّنا الي الوراء – كن شغوفاً يا أحمد وواصل إنجازاتك ) كما أطلق الأمريكيون وسماً على تويتر Istandwithahmed# ليحوِّل

  17. احمد لم يخترع ساعه الساعه اوللريدي اخترعوها هو صنع ساعه من نموذج موجود و لكن ليه تخليه يمشي بيها المدرسه…. لو صنع نموذج لي ايباد ولا سامسونج كلنا قلنا معليش لكن ساعه و زمبورك و عداد كهرباء و طياره بالريموت كنترول ومفرقعات اطفال ابعدو منها لانها ليها عشره سنين في قائمة المشبوهات …الابو شكلو حيقبض الدولارات في هذه القضيه…..الامريكان بكونو قالو الاب مربي دقنو و شكلو شبها.

  18. احمد امريكي المولد و الجنسيه،و بسبب الحظر الامريكي المفروض علي السودان لا يمكنه العوده الي السودان،و بالتالي دعوه البشير لامحل لها من الاعراب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..