شكراً محافظ بنك السودان!

تأملات
شكراً محافظ بنك السودان!
كمال الهِدي
[email protected]
? صرح محافظ بنك السودان بأن الحكومة ستلغي ( تدريجياً) دعم الوقود للعمل على تعويض احتياطي النفط الذي ضاع بعد انفصال الجنوب.
? ولم يكن أمامي سوى تسجيل صوت شكر نيابة عن الشعب السوداني للسيد محافظ البنك الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك على أن حكومتنا الرشيدة لا تتخذ القرارات فجأة وبدون دراسة كما يروج بعض المخربين والشيوعيين العندهم حبة قريشات!
? فالسيد المحافظ أورد مفردة يفترض أن نقف أمامها طويلاً هي ( تدريجياً ).. لكونها تعكس رحمة ورأفة شديدتين بشعب السودان.
? ولو كان الرجل فظاً غليظ القلب لقال لكم ” يا جماهير السودان لقد رفعنا الدعم عن الوقود اعتباراً من يوم من أمس!”
? إذاً التخطيط جار على قدم وساق، ونرجو ألا يخرج علينا غداً أو بعد غد من يكذب على الناس بالحديث عن سوء تخطيط الحكومة أو عدم قدرتها على إدارة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
? سيُرفع الدعم عن الوقود ( تدريجياً )، وسترتفع تبعاً لذلك أسعار كافة السلع والبضائع وستزيد تعريفة النقل وبذلك يتحقق لحكومتنا المراد أي زيادة الواردات لتعويض ما فات عليها من نفط.
? ولعلكم تذكرون تصريحات وزير ماليتنا ( الفلتة ) المتكررة التي أكد ليكم فيها مراراً وتكراراً أنه يعرف كيف يعوض الفاقد من نفط الجنوب.
? قبل التاسع من يناير طالبكم الوزير أكثر من مرة بألا تلتفتوا لمن يتحدثون عن مشاكل اقتصادية قد تحدث إن انفصل الجنوب.
? وقال لكم بالحرف الواحد ” أنا عندي شنو في الجنوب؟ عندي فيهو الزراعة ولا المصانع ولا..! يا هو البترول ده وأنا عندي خط الأنابيب والمصافي وحا أفرض رسوم على كل برميل بترول يصدره الجنوب عن طريقي.. ” وأضاف الوزير حينها ” أنا عارف كويس حا أعمل شنو وعندي ترتيبات محددة بعوض بيها العجز الضئيل الذي يمكن أن يتسبب فيه ذهاب بترول الجنوب فأرجو ألا يعطي البعض الأمور أكبر من حجمها.. أنا ممكن أخفض الإنفاق وقد بدأنا ذلك بالفعل.. وعندي ضرائب سأوسع مظلتها وبدلاً من أن يدفع البعض حا أخلي الكل يدفع ضريبته!!! .. الخ الكلام الجميل المرتب.”
? ليس ذنب محافظ البنك المركزي إن تعارض حديثه مع ما قاله وزير المالية، فكما تعلمون أن حكومتنا تمارس أحدث وأكثر أنماط الحكم الرشيد ملائمة لظروف البلد!
? فكل مسئول يتمتع بالاستقلالية التامة، وله الحق في اختيار السياسات وتنفيذ الخطط التي يرى أنها تصب في مصلحة ( الدين والعباد).
? اعتبروه نموذجاً فكرياً أو نمطاً جديداً أو .. لا يهم كثيراً المسميات، بل المهم هو أن تنالوا جميعاً شرف الجهاد من أجل المحافظة على التوجه الحضاري لدولتكم الكبيرة والمؤثرة بين نظيراتها الأفريقيات والعربيات.
? فأنتم تعيشون في دولة بالغة التأثير على من حولها لكنكم لا تشعرون بذلك.
? نعم مؤثرة، بإمارة أننا أسهمنا بشكل واضح وملموس في نجاح الثورة الليبية التي أطاحت بطاغية كبير كان سبباً في انفصال الجنوب وفي حرب دارفور ولولا أن ثوار ليبيا ( الأشاوس ) عجلوا بمقتله لتسبب لكم في توسيع دائرة الحروب ببقية أنحاء وطننا العزيز.
? وها انتم تتابعون ما يجري في سوريا دون أن يحقق الثوار مرادهم رغم دخول ثورتهم شهرها الثامن، لكن في اليوم الذي تتدخل فيها حكومتنا بـ ( تقلها ) لمصلحة هؤلاء الثوار فسوف يلحق بشار بالقذافي.
? مشكلتكم يا أهل السودان أنكم تتجاهلون الأهم وتركزون على هوامش الأمور من أبقار وخرفان تذهب للأشقاء وعربات تُمنح للاعبي منتخبهم الأول ، لكن لا يهديكم تفكيركم (القاصر) إلى حقيقة أنه ما من بلد مؤثر وعظيم إلا كانت له مساهماته المادية والفكرية والسياسية لمن يؤثر فيهم.
? من يريد العلا لابد أن يكابد ويجاهد ويكافح، ولا يمكننا أن نهنأ بدولة تؤثر في مجريات أمور من يحيطون بها ويكون لها صيتها بينهم وفي نفس الوقت نعيش حياة البذخ.
? لابد من تضحيات أحبتي الكرام.
? فعليكم بشد الأحزمة يا أهل السودان بعد أن قضيتم عقدين ونيف في بحبوحة العيش والحياة البذخية!
? فقد حانت ساعت الجد، ولابد أن نسهم جميعاً في رفعة هذا الوطن.
? وكما تعلمون فإن الأوطان لا يمكن أن ترتقي وتحلق عالياً إلا من خلال التضحيات.
? وعليكم بالنظر دائماً إلى الجانب الإيجابي لكل ما قد يتراءى لكم كظلم أو استبداد.
? فالجوع مثلاً يعلم المرء الصبر والجلد!
? التخلي عن القيم القديمة هو طريق البشرية نحو الحداثة والتطور ومواكبة الحياة العصرية، ولذلك يصبح من غير المنطقي أن تطلبوا من شباب اليوم أن يتمسكوا بقيم السودانيين التي سادت قبل عشرات السنين!!
? الإكثار من برامج الغناء والاهتمام المفرط بالهلال والمريخ شيء طبيعي إن كنا نسعى لتطوير حياتنا ( ألا ترددون أنتم أنفسكم أن الفن والثقافة يلعبان دوراً أساسياً في نهضة الشعوب) فلماذا إذاً تنظرون الآن لكلماتي هذه بشيء من الاستنكار!
? الفوارق الكبيرة بين منتسبي الحكومة وبقية أهل السودان لم تأت من فراغ، بل قُصد منها اختبار الناس لمعرفة مدى قدرتهم على التمسك بالمبادئ وتعاليم الدين الحنيف.
? وأهم شيء هو أن تتذكروا أن رفعة الأوطان لا يمكنها أن تتحقق بدون الاستقلالية الكاملة لكل مسئول في الحكومة وعمله على طريقته وسعيه الدؤوب لزيادة عائدات وزارته.
? هو نموذج جديد لا يفهمه إلا الأذكياء فأسلوا الواحد الأحد أن يمنحكم نعمة الذكاء!