مقالات وآراء
عندما يغيب الاستراتيجي في الصراع حول السلطة!

خارج السياق
مديحة عبدالله
تعليق ملفت صدر من الدبلوماسي الأمريكي كاميرون هدسون حول الميناء الجديد الذي تنوي الإمارات تشييده على البحر الأحمر هو (بمثابة إبهام في أعين الولايات المتحدة والجهود الدولية لمنع المجلس العسكري من الحصول على شريان الحياة المالي قبل اختتام المحادثات السياسية) وأضاف (أيًا كان الحصار المالي الدولي الذى كان مفروضًا على جيش السودان فقد تم كسره) حسب الراكوبة نقلًا عن الديمقراطي 22 يونيو 2022.
تعليق السيد كاميرون يكشف الأبعاد السياسية الكامنة وراء طرح المشروع في هذا الوقت بالتحديد الذي يشهد ذروة الصراع حول السلطة في السودان، وبينما تبدو قمة الجبل الظاهرة هي الصراع حول سلطة تنفيذية مدنية ومجلس تشريعي وآخر للدفاع، يسعى الانقلابيون لتعزيز سلطتهم بالمال والسيطرة على الموارد الاقتصادية الأكثر حيوية في البلاد وهي الموانئ، مما يؤكد على ما رشح من أخبار من أن المداولات بين الحرية والتغيير كشفت عن إصرار العسكر أن يكون لهم كلمة في الملف الاقتصادي.
يحدث هذا بينما يبدو التركيز على هياكل الحكم أمر ضئيل وبائس في ظل غياب ما هو الاستراتيجي ويتصل بسيادة السودان على موارده وسيطرته على ما يجري في أرضه من مشاريع يتم التخطيط والتمويل لها من قبل الإمارات والعسكر والقطاع الخاص، فقد ذكر رجل الأعمال داؤود عبداللطيف أن الإمارات ستبني ميناء جديد على البحر الأحمر ضمن حزمة استثمارية تشمل منطقة تجارة حرة ومشروعًا زراعيًا كبيرًا ووديعة وشيكة بمبلغ 300 مليون دولار لبنك السودان المركزي.
الصراع حول السلطة من الضروري أن يرتكز على استراتيجية وطنية متفق عليها بين السودانيين، أساسها المصلحة العليا للوطن والخطوط الحمراء التي تمثل السيادة الوطنية، وهو أمر يبدو غائبًا، وإن كان يتم الحديث عنه من “كم طرف”، بينما الصوت العالي لا يكشف عن وجهة تسير نحو تحقيق أهداف وطنية مشتركة، وكل المؤشرات تدل على الاختراق والإهدار لمواردنا الاقتصادية بات أمرًا معروفًا من دول إقليمية لا يهمها سوى مصالحها المتعارضة ومصالح السودان، لذلك لا بد من عمل مشترك وفق استراتيجية وطنية تمهد الطريق للتأسيس لدولة مدنية تقودها حكومة مدنية ديمقراطية.
الميدان