مقالات وآراء سياسية

اكذوبة التسوية المتدحرجة وحقيقة شراكة الدم الجديدة التي ستسقط !!!

أحمد عثمان عمر 
في مواعيدها تماماً بتوقيت الثورة، خرجت مواكب الثوار في ذكرى الحادي والعشرين من أكتوبر الثامنة والخمسين ، لتؤكد المؤكد وترفض شراكة الدم والتسوية مع الإنقلاب وعصابته ، وتنادي بإسقاطه علنا وتصفية دولته . فبالرغم من الكثافة الامنية واغلاق كبري المك نمر ، والاستعداد المبكر لقمع المواكب ، ازدهى شارع المطار بحشود غير مسبوقة ، وكانت العظمة في شارع الشهيد عظمة ، ولم تتخلف بحري وشرق النيل عن الركب ، وسجلت مدني وكسلا وبورتسودان وعطبرة وفاشر السودان حضورها البهي وصدعت برفض التسوية، التي يرغب المجتمع الدولي ومن يسير في ركابه من قوى الحرية والتغيير (قحت) لفرضها على شعبنا. الرسالة جاءت واضحة ومعززة لموقف الشارع صانع المعجزات الذي لم يتزحزح عنه يوما ، ولكن التيار التسووي السادر في غيه والراغب في تجريب المجرب، لا يريد ان يستمع اليه. فهو لم يكتف بالتفاوض مع الانقلابيين سرا والاتفاق معهم ضد إرادة الشارع ، بل يسعى الى تضليل الثوار بخطاب تسووي مخاتل ، يدعي ان التسوية مع الإنقلاب تسوية متدحرجة سوف تقود حتماً لانتصار الثورة، في محاولة لتسويق الشراكة مع اللجنة الأمنية الإنقاذ مجددا.
هذا الخطاب التسووي يتبناه كتاب يبررون للتسوية عبر الحديث، المتكرر والممل عن قصور الخطاب الجذري ، والدفاع عن التيار التسووي استنادا لذلك.
وهو  ينطلق من أساس لا خلاف عليه، هو ضرورة توفر عدة الشغل لإنجاز التغيير الجذري ، لكنه يشترط ان تكون عدة الشغل هذه جيش يواجه جيش برهان وجنجويد حميدتي ، وعليه يطالب قوى التغيير الجذري (قوى الثورة)  بتوفير مثل هذا الجيش كشرط للتغيير الجذري.
وهذه القراءة التي يرغب الخطاب تسويق شراكة الدم عبرها، خاطئة جملة وتفصيلا لما يلي من اسباب:
١- اسقاط دولة التمكين بجيشها وجنجويدها وجهاز امنها ومليشياتها، لا يحتاج إلى جيش موازي وعمل مسلح كما يتوهم صناع هذا الوهم ، بل يحتاج إلى وحدة حول برنامج التغيير الجذري، تقود عبر التنظيم المحكم لعصيان مدني وإضراب سياسي عام، يسقط دولة التمكين كما سقطت الديكتاتوريات السابقة في السودان.
٢- عند توفر الكتلة الحرجة واللحظة الثورية ، يجب اتخاذ قرار استلام السلطة وتكوين ادواتها المؤسسية وحمايتها بالكتل الجماهيرية المنظمة، التي تسمح لعسكريين من داخل الجيش نفسه بالانحياز الحقيقي اليها ، او تجبر انقلابيي القصور انفسهم للنزول تحت إرادة الجماهير والبحث عن تسوية حقيقية يتم التنازل فيها عن السلطة ، لا شراكة دم.
٣- التركيز على إستحالة اسقاط العصابة الحاكمة سوى بوسيلة واحدة هي النضال المسلح ، يستبعد خيار التغيير الثوري السلمي ، ويخفي خيبات التسوويين الذين يشقون صف الثورة ، ويبحثون عن إصلاح منظومة التمكين غير القابلة للاصلاح عبر الشراكة مع التمكين ، أي يبحثون عن المستحيل وغير المجدي تحت دعاوى التدرج وعدم الاستعجال وعدم توفر الجيش المسلح اللازم للتغيير وعدم القدرة على هزيمة العساكر الآن.
٤- هذا الخطاب التسووي المرائي، لا يوضح كيف يمكن لشراكة و تسوية مع التمكين ان تقود لتغيير جذري مستقبلا  ولا يوضح كيف سيسمح العسكر المتمكن لذلك بالحدوث ولا يجيب على سؤال لماذا فشلت شراكة الدم التي انتهت بالانقلاب الكاشف الحالي في ذلك.
٥- الخطاب نفسه لا يجيب على سؤال ماهو الأثر السلبي لتيار التسوية وشراكات الدم، على عملية توحيد القوى الثورية وبناء الجبهة الموحدة لقوى الثورة وعلى مشروع التغيير الجذري ؟ والى اي مدى يعيق هذا التيار الوحدة على اساس الثورة ويستبدلها بالوحدة على أساس التسوية ؟ ولا كيف سيعيد هذه القوى الى الوحدة على اساس الثورة مستقبلا ، بعد أن وحدها على أساس التسوية وقادها الى الشراكة ؟ ولماذا يوحدها على اساس الثورة مستقبلا وعلى من ستثور وهو اقحمها في السلطة من مواقع الشراكة ؟ .
الاجابة على هذه الاسئلة توضح ان مثل هذا الخطاب -بوعي أم بغير وعي- يريد تصفية الثورة عبر التسوية ، وقطع الطريق امام تطورها ليؤسس لدولة في أحسن احوالها هجين بين التمكين واللاتمكين المتوهم؟ .
٦- هذا الخطاب يفشل فشلا ذريعا في توضيح السبب الذي سيدفع العصابة الحاكمة للسماح لبرنامج تصفية تدريجي لتمكينها، بعد أن احتوت قوى الثورة عبر التسوية وجعلتها شريكة لها وواجهة لسلطتها ، وكيف ستترك للقوى التي تسعى لتصفيتها فرصة العمل على بناء نفسها تدريجيا لإنجاز هذه المهمة ؟ هل هذه العصابة المتمكنة من الغباء الى هذه الدرجة ؟ والسؤال الملح  هو ، كيف سيتم هذا التدرج خلال الفترة الإنتقالية المقترحة التي ستنتهي بإنتخابات في ظل التمكين ؟.
٧- الخطاب أيضا لا يفصح عن كيفية حماية التسوية لحقوق الجماهير في تنظيم نفسها والتعبير عن مشروعها الثوري ، ولا يفصح عن الآلية التي سيحمي بها جماهير الثورة من القتل اليومي بواسطة العصابة الحاكمة في ظل شراكة الدم ، والتجربة ماثلة امام الجميع حول استمرار العنف المفرط في ظل حكومات د. حمدوك التسووية.
٨- هذا الخطاب لا يجيب على سؤال كيف يمكن منع ان تبدا التسوية باحتواء الثورة  ، وان تنتهي بتصفيتها عبر انقلاب صريح ، طالما انه يبدا بإقرار بأن قوى الثورة ضعيفة وأن العصابة لا يمكن هزيمتها الآن ، ويصل الى ضرورة الوصول لتسوية وشراكة معها.
٩- الخطاب لا يوضح كيف يمكن محاسبة مجرمي العصابة على جرائمهم المستمرة في حال ترك الثورة والدخول في تسوية مع التمكين ، وهو ضمنيا يدعو للافلات من العقاب بالاستسلام للعصابة والدخول معها في شراكة ، بعد الاعتراف بها وبقدرتها على هزيمة الثورة الآن قبل التدرج المزعوم والمستحيل.
ما تقدم نذر يسير من ملاحظات توضح مدى عوار وخيبة مثل هذا الخطاب التسووي الاستسلامي، المتدثر بثوب العقلانية والمؤسس على الاقرار بهزيمة الشعب وإستحالة انتصاره الآن ، والذي يبيع وهم التدرج ليقود الثورة الى مرحلة الإحتواء تمهيدا لتصفيتها عبر شراكة دم مدعومة إقليميا ودوليا. وهو أخطر على الثورة من الاعيب العصابة الحاكمة وعنفها، لأنه يؤسس لتصفيتها من مواقع ادعاء الحرص عليها والانتماء لها. لذلك يجب عدم التسامح معه ، وتوضيح أنه خطاب تسووي ضد الثورة بطبيعته ، وليس في هذا تخوين بل توصيف له ، فمن يتبناه قد يكون انتهازي غير واعي ، يغلب التكتيكي على الاستراتيجي بحسن نية مخلوط بإحساس بالعجز وعدم القدرة على هزيمة العدو ، يغطيه بمحاولة لحل تناقض تناحري بتسوية بين نقيضين لا يمكن جمعهما ، هما الثورة والتمكين. التدرج المطلوب هو البناء التراكمي لعدة الشغل على أساس برنامج التغيير الجذري، تحت انف العصابة الحاكمة وضد ارادتها، لتوفير الكتلة الحرجة المنظمة القادرة على اسقاطها، في ثقة واضحة بقدرة الشعب على الانتصار، بعيدا عن التسوية مع التمكين التي تقود حتماً للاحتواء وتصفية الثورة.
ويقيننا ان هذا هو خط الشوارع التي لا تخون ، والتي تتأهب لاسقاط التسوية مع الإنقلاب.
وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!! .

‫5 تعليقات

  1. Compromise &appeasement are longer option

    الخيارات بالفعل تضيق بتسارع أمام معسكر الانقلاب و يتجلي ذلك في تخبطه
    في استجداء الحواضن و المبادرات و تنكره لحواضنه القديمة . (تاباها مملحة تكوس ليها بموية)
    كما يتضح ذلك في خطابه الموتور – الحوري نموزجاً- فهو مؤشر ضعف
    أكثر منه قوة و ذلك للتغطية علي ضعفهم ووهنهم كالهرِّ يحكي انتفاخاً صولة
    الأسد لجني أكبر قدر من المكاسب في أية عملية تفاوضية أو (تسووية).
    علي قادة القوي السياسية قراءة هذا الضعف الشديد لدرجة أن السلطة
    أصبحت أيديهم ككرة اللهب يريدون التخلص منها بأي ثمن و في أسرع سانحة.
    و (أنا) حينما أقول قادة القوي سياسية استثني بوضوح كلاً من برمة ناصر و صديق
    إسماعيل فهولاء انقلابيون أكثر من الانقلابيين hawkish لاحظوا مواقفهم تجاه الثورة والثوار كأنه بينهم و بين الثورة والثوار ثأر السنين.
    ما هو المطلوب ،إذن، من قادة العمل السياسي؟
    المطلوب منهم ألّا يوفروا للانقلابيين (رفاهية) التسوية .(رفاهيةٌ) هي تكاد تكون
    قي الأصل منعدمة و ذلك بحكم ضيق الخيارات أمامهم كما أنهم في موقف أقرب للتخلص من انقلابهم اللقيط المرمي في رصيف السياسة و الذي حملوا به سفاحا في
    ليلة شَبَقٍ مجنون للسلطة.
    فيا أيها السياسيون ، الانقلاب يصارع الموت فلا تشاركوا الله في أخّصّ خصائصه فليس من مهامكم أحياء الموتي فلو كان الله يريده حيّاً لما أماته.
    ربما كانت التسوية قبل حوالي بضعة أشهر (مقبولةً) أما الآن فإن الاحداث قد تجاوزتها بعيداً و لم تَعُدْ خياراً بالمرة.ش

  2. لم نسمع لكاتب المقال حسا يوم جائتكم الاوامر من قرنق بالدخول في شراكة الدم مع الانقاذ في برلمانها المعين وجلستم بقضكم وقضيضكم تجيزون قانون الامن الوطني وتتبارون في الخطب الجوفاء مع نافع علي نافع وربيع عبدالعاطي وصلاح قوش
    التاريخ لايرحم وان دبجتم ملايين المقالات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..