الانفصال: استعجال الجنوب أم الشمال؟ا

اوراق متناثرة
الانفصال: استعجال الجنوب أم الشمال؟
غادة عبد العزيز خالد
مع اقتراب موعد إجراء الاستفتاء لتحديد مصير البلاد، يعج الإعلام الإمريكي بتحقيقات عن الانفصال المرتقب. واحد من هذه التحقيقات كانت بالإذاعة الـ «ان. بي. آر» الأمريكية التي أعلنت عن ترويجها لفقرة عن التصويت المرتقب.. وبقيت بمقعدي انتظر. وبدأت الفقرة بتعريف سريع عن موعد إجراء الاستفتاء الذي قد يقسم اكبر دولة افريقية، خالقا بذلك أحدث دولة في العالم. ثم ذكر التحقيق الذي اجراه «فرانك لونجفيت» قصة «وليام مادوك».
في أولى سنوات الحرب الأهلية قام والدا وليام بترك الجنوب صوب الشمال. وكان وليام وقتذاك في علم الغيب، ولم يشهد اية من احداث الحرب، فولد في الشمال وعاش فيه، لكنه لا يكاد يصبر حتى يعود إلى الجنوب. والسبب هو ان وليام لم يجد معاملة طيبة في الشمال، ويقول «انهم يقولون اننا مشركون، انهم لا يظنون اننا نؤمن بإله واحد ولا يظنون انه من حقنا العمل في الشمال». وليت الأمر توقف عند القول بل تعداه إلى الفعل، فلقد ذكر في اللقاء انه واصدقاءه دائما ما يتعرضون لمضايقات من الشرطة تصل احيانا إلى الحبس، وهنالك تضيق عليهم بسبب ارتداء الملابس التي لا تتوافق مع الإسلام مثل بنطال الجينز الأزرق.
ولكل تلك الأسباب التي ذكرها وليام، فهو يجد نفسه تواقة للارتحال، فنسمعه يقول في التحقيق «انه من الأفضل لنا العودة إلى الجنوب لكي نبني بلادا بها حرية التعبير والرأي، بلاد لنا فيها الحرية لكي نفعل ما نشاء». وسأل المحقق وليام إن كان سيجد عملا بسهولة، وصمت وليام لبرهة ليقول انه لا يدري ان كان سيجد في الجنوب عملا ام لا، ثم استدرك سريعا «لا يهم.. حتى وإن لم يوجد هنالك عمل فساكون راضيا لانني ساكون في ارضي».
وليس وليام حالة فردية، فتوقعات اغلب المنظمات العالمية أن عشرات الآلاف سيعودون إلى جنوب السودان خلال الأسابيع المقبلة، ولكن هل الجنوب نفسه معد لاستقبال هذه الجموع. ففي خلال شهر نوفمبر عاد حوالي «2700» إلى الجنوب لكن معظمهم لا يجد مأوى، وينتظرون مساعدة من حكومتهم المرتقبة الجديدة.
بتالي كان يعمل سائقا في واحدة من المنظمات بالخرطوم، وبعد توقيع اتفاقية السلام في 2005م، قرر العودة إلى الجنوب. وحال عودته عمل بتالي سائقا لفترة محدودة، وظل منذ وقتها لا يجد عملا. وقال بتالي إن الحياة في الشمال كانت افضل، فعلى الأقل كنت اعمل. وواصل: «انني في ارضي لكن الحكومة هنا لا تعتني بنا. ونحن في انتظار ان نعرف كيف ستتعامل معنا الحكومة».. وسأله المحقق، كيف تعيش اذا؟ فرد بتالي بعفوية، «انني كلما ارى شخصا امد يدي واطلب المساعدة، وهكذا استطيع ان اعيش». ولا يتعبر بتالي ايضا حالة منفردة، فنسبة العطالة تصل حتى الآن إلى «90%».
وذكر المذيع في تحقيقه إنه طالب حكومة الجنوب بتوضيح عن الطريقة التي يعتزمون بها التعامل مع كل العائدين إلى بلادهم، لكن في كل مرة كان طلبه يقابل بالرفض.
إنني أؤمن بأن الفترة التي منحتها اتفاقية السلام لخلق الوحدة الجاذبة لم تكن كافية، والآن اعتقد أن الفريقين الشمالي والجنوبي، غير مستعدين للتعامل مع الموقف الذي نجده يقترب سريعا جداً.
الصحافة
:mad: :mad: :mad: :mad: :mad: :mad: :mad: :mad: :mad: :mad: